على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية دولتنا
في إطار الجدل حول المفاوضات السياسية، يبرز الان بشكل كبير الجدال على طلب نتنياهو من الفلسطينيين الاعتراف باسرائيل كدولة الشعب اليهودي. ويبدو ان الامريكيين بالذات يفهمون المنطق الذي في هذا الطلب ويبذلون جهودا لادراجه في ورقة الاطار المتوقعة.
الفلسطينيون هم ايضا يفهمون معنى الطلب ولهذا فهم يرفضونه. ولكن الجناح الحمائمي الاسرائيلي، برئاسة رئيس الدولة، يثور ضده بدعوى أن هذا مجرد عقبة اخرى في الطريق الى اتفاق سياسي.
وهم يقولون، لماذا نحتاج نحن لان يعرف الاخرون طابع دولتنا؟ نحن نعرف دولتنا وهم يعرفون دولتهم.
ولكن ابو مازن وجون كيري على حد سواء يفهمان بان ليس الطلب هنا هو تعريف طابع دولة اسرائيل، بل الاعتراف بمجرد وجود الشعب اليهودي، في حقه في دولة خاصة به، وفي ان للشعب اليهودي صلة بهذه البلاد. من ينظر الى المفاوضات باستقامة ومن الخارج يفهم بان الحديث يدور عن طلب الحد الادنى من التبادلية. هذا الاعتراف الذي اعطي في 1922 من عصبة الامم، واقر بعد ذلك في الامم المتحدة، كان الاساس السياسي والقانوني لاقامة دولة اسرائيل. وهو يقول ان اليهود ليسوا غزاة ولا سالبين وليسوا استعماريين، بل أبناء شعب عتيق عاد الى وطنه عن حق وعدل بعد الفي سنة من المنفى. ومن الصعب اليوم التصديق باننا حصلنا على مثل هذا الاعتراف. فالعرب لم ينضموا الى هذا الاعتراف، ولعله ممكن فهمهم، ولكنهم طالما لم ينضموا فلا يمكن تقسيم البلاد بسلام حقا والنزاع التاريخي لن يحل.
‘المنتدى الجماهيري الذي انعقد أمس في القدس وضع الاصبع على نقطة الحقيقة في هذا الجدال. ليس اعتراف العرب هو المشكلة الاساس وبالتالي هذه ليست عقبة على طريق الاتفاق السياسي إذ قبل ان يدور الحديث عن جدال بيننا وبين الفلسطينيين هذا جدال بيننا وبين أنفسنا.
وهناك ينبغي ان يحسم الامر. مثلما في الكثير من الجدالات العاصفة الاخرى هنا ايضا الصورة ثنائية القطب مغلوطة. دولة اسرائيل هي دولة الشعب اليهودي وهي ايضا دولة كل مواطنيها. كل من يقرأ وثيقة الاستقلال عندنا دون أن يغالط، يرى بان هذا ما كتب فيها. فهي تبدأ باعلان واضح وجلي عن ‘دولة الشعب اليهودي’ وتنتهي بالتعهد بان تكون دولة كل مواطنيها دون فرق في الدين أو القومية. ومثلما في كل الجدالات الكبرى، هنا ايضا بين القطبين لا تناقض حتى لو كانت احيانا صدامات. ففكرة دولة كل مواطنيها تعنى بمستوى العلاقات التي بين الدولة والمواطن بينما دولة الشعب اليهودي تؤدي دورها على المستوى الذي بين الدول والشعوب. هذا مستويان لا يلتقيان ولا يتعارضان الواحد مع الاخر.
يرفض الفلسطينيون الاعتراف بوجود وبحق الشعب اليهودي ليس لانهم يحرصون على اخوانهم العرب مواطني اسرائيل بل لانهم يفهمون بانه بدون الشعب اليهودي وحقه لا وجود لدولة اسرائيل. واليهود الذين يرفضون الاعتراف بوجود وحق الشعب اليهودي يفعلون هذا بالذات لانهم لا يفهمون بانه بدون الشعب اليهودي وحقه لا وجود لدولة اسرائيل. ومعهم ينبغي خوض المفاوضات، معهم ينبغي خوض المباحثات العميقة، ومعهم أو ضدهم ينبغي في نهاية المطاف الحسم بالتشريع.
( معاريف 25/2/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews