لبنان: المحكمة الدولية الخاصة تفتتح اليوم جلساتها التاريخية لمقاضاة قتلة الحريري
تنطلق اليوم جلسات المحاكمة الدولية الخاصة بلبنان في هولندا لمقاضاة المتهمين باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، بتفجير قضى فيه ايضا الوزير والنائب السابق باسل فليحان و22 شخصاً آخرين، بينهم مرافقوه ومواطنون صادف وجودهم أثناء التفجير الانتحاري الذي ضرب موكبه بطُنّ من المتفجرات في الواحدة إلا خمس دقائق من بعد ظهر 14 شباط (فبراير) عام 2005، والتي اتهم 5 عناصر من «حزب الله» بصفتهم الإفرادية، بالضلوع فيه.
وإذ وُصِف بدء المحاكمات باليوم التاريخي لأنها تدشن مرحلة «إنهاء حال الإفلات من العقاب» التي شهدها لبنان والمنطقة إزاء جرائم الاغتيال السياسي والإرهاب التي عانى منها البلد الصغير لعقود، وكذلك الدول المحيطة به، فإن لهذا الحدث انعكاسات شتى، محلية وإقليمية ودولية، على المديين القصير والبعيد، نظراً الى أن الجريمة هزت لبنان والعالم وفتحت مرحلة من الصراع السياسي العنيف أخذ طابعاً دموياً في كثير من الأحيان، سبقته ورافقته محاولات اغتيال واغتيالات طاولت نواباً وشخصيات سياسية وأمنية وإعلامية تنتمي الى فريق 14 آذار كان آخرها اغتيال الوزير السابق محمد شطح في 27 كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
وفيما يشهد لبنان محاولة جديدة لتهدئة الصراع السياسي عبر مساعي إنجاز التوافق على حكومة جديدة على أساس 8+8+8، بتساوي التمثيل فيها بين قوى 14 آذار وقوى 8 آذار والوسطيين، يأمل المعنيون إعلان مراسيمها مطلع الأسبوع المقبل، فإن ترقب بدء المحاكمات قد يحمل معه وقائع وأدلة جديدة حول الجريمة والمتهمين بارتكابها، من دون أن يلغي ذلك أن آلية عمل المحاكم الدولية تأخذ وقتاً، خصوصاً أن المحكمة الخاصة بلبنان فريدة من نوعها، لأنها مختلطة لبنانية – دولية، ولأنها الأولى التي تتضمن مكتباً للدفاع عن المتهمين، والتي تتيح محاكمتهم غيابياً، وتسمح بضم جرائم أخرى إليها، باعتبارها جرائم متلازمة معها في الأسلوب وفي المخططين والمنفذين لها... وهذا يشكل اختباراً جديداً للعدالة الدولية على الصعيدين القضائي والعلمي قياساً الى المحاكم الدولية الأخرى.
وشكلت المحكمة بنداً أساسياً من الصراع المحلي والإقليمي، حيث سعت قوى 8 آذار والنظام السوري الى منع قيامها ثم عملت في مساعٍ لتسويات سابقة إلى إلغائها، من دون أن ينجح الأمر، نظراً الى أن العودة عن القرار الدولي الرقم 1757 الذي أنشأها عام 2007 تحت الفصل السابع، ثم تأسيسها عملياً في لاهاي في 1 آذار (مارس) عام 2009، وصولاً الى إعلان القرار الاتهامي الأول في 17 كانون الثاني (يناير) 2011، هي محطات تستحيل العودة عنها.
وإذ تواصل قوى 8 آذار و «حزب الله» حملتها على المحكمة معتبرة أنها مسيّسة، فإن رموزاً منها بينهم وزراء ونواب من «حزب الله» وقوى حليفة له التقوا أمس في مؤتمر صحافي أعلن فيه أحد المحامين وكالته عن 13 مواطناً لبنانياً تسربت أسماؤهم وصورهم الى صحف لبنانية على أنهم من شهود آخرين في المحكمة نتيجة إدلائهم بإفادات أمام المحققين الدوليين، وطالب بسحب إفاداتهم وإخراجها سواء مكتوبة أو مسجلة وعدم إدراج هؤلاء في قائمة الشهود، وبحفظ حقهم في المطالبة بعطل وضرر. ووصل الى لاهاي مساء أمس زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وعدد من المتضررين من جريمة 14 شباط والجرائم الأخرى.
وأعلن رئيس الجمهورية ميشال سليمان التزام الدولة اللبنانية الشرعية الدولية وقراراتها ورأى في انطلاقة المحاكمات في لاهاي الخطوات الأكيدة نحو معرفة الحقيقة والعدالة في الجرائم المرتكبة وعدم إشعار المرتكبين والمحرضين بأنهم عصاة على العدالة.
على صعيد آخر، لم تنته قضية أمير «كتائب عبدالله عزام» المتوفى ماجد الماجد فصولاً، اذ قبضت مخابرات الجيش فجر أمس على أحد قادة هذا التنظيم، اللبناني جمال دفتردار في مداهمة نفذتها في بلدة كامد اللوز في البقاع الغربي.
وفي مجال آخر، نشطت الاتصالات أمس في شأن التوافق على أحد البنود المفترضة للبيان الوزاري للحكومة العتيدة التي تتواصل جهود التوافق عليها بين قوى 14 آذار و8 آذار.
وقالت مصادر مطلعة لـ «الحياة» إن القيادات المسيحية في قوى 14 آذار أصرت على وجوب الاتفاق على إزالة معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» التي كان «حزب الله» أصر عليها في البيان الوزاري، لمصلحة التمسك بـ «إعلان بعبدا».
وعلى رغم بقاء هذه العقدة، فإن أوساطاً متابعة للاتصالات أشارت الى وجود صيغ عدة وضعها الرئيس بري لمعالجة الخلاف يمكن أن يطرحها عبر فريقه على اللجنة الوزارية، فيما لدى الرئيس سليمان مسودة صيغة أخرى أيضاً. لكن الأوساط التي تابعت اتصالات الأمس أفادت بأن الأجواء ما زالت إيجابية، في مقابل تلميح بعض المصادر الى أن البحث لم ينتقل جدياً بعد الى توزيع الحقائب الوزارية على قاعدة التسليم بالمداورة فيها بين الطوائف والقوى السياسية.
( الحياة 16/ 1/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews