نتنياهو الذي يفترض أن يكون زعيما.. فضل الحديث كالمؤرخ
يوم الاحد القى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ما كان يمكن له أن يكون “خطاب بار ايلان 2″، ولكنه كان أقرب من صدى خطابه في الامم المتحدة الاسبوع الماضي. لم تسجل خيبات أمل، مثلما لم تكن أيضا توقعات حقا. لم نرَ أنباء مسبقة في وسائل الاعلام تضمنت تسريبات عن الخطاب او وعود باعلانات بعيدة الاثر على النمط المعروف “نتنياهو يوشك على أن يفاجىء الجميع″. فالخطاب لم يوفر عناوين رئيسة صاخبة وكان بعيدا عن إثارة الاهتمام الدولي، مثلما فعل خطاب بار ايلان الاول.
وكما كان متوقعا، بدأ الخطاب في الموضوع الايراني. رئيس الوزراء وقف مرة اخرى ضد هجمة الابتسامات الخطيرة لروحاني، وشرح بمعرفة بأجهزة الطرد المركزي، اليورانيوم والبلوتونيوم، وقدم مشورات سياسية للاسرة الدولية. وحتى الاحبولة الدورية (“فككوا – سيتلقوا”)، المكررة من عهد اتفاقات واي في حينه مع الفلسطينيين (“اعطوا – سيتلقوا”)، خصصت لايران.
جدول أعمال رئيس الوزراء يواصل كونه الانشغال اساسا بالموضوع الايراني بينما يعد الموضوع الفلسطيني هامشيا. وتناول القضية الفلسطينية تركز في مسائل غير ذات صلة حول من براي نتنياهو هو الذي بدأ النزاع (الفلسطينيين)، متى بالضبط بدأوه (الهجوم على بيت المهاجرين في يافا في 1921)، وأي أسباب لا تشكل جذر المشكلة (الاحتلال، المناطق، المستوطنات). وخطابية نتنياهو بالذات تحسن في تمثيل الجذر الحقيقي للمشكلة: الانشغال المهووس بالماضي وانعدام الرؤيا السياسية للمستقبل. الاسرائيليون، الفلسطينيون، اليمينيون واليساريون ينجرون غير مرة الى خطاب الاتهامات المتبادلة. من لا يرغب حقا في انهاء النزاع يمكنه أن يواصل الجدال حول الموعد الدقيق الذي اندلع فيه النزاع، ولكن هذا لن يدفعنا الى الامام نحو حله.
لقد خطب رئيس الوزراء مثل ابن مؤرخ بقدر أكبر مما كزعيم يفترض به أن يرسم السياسة ويدعو الناس الى اتباعه. وقد ذكرنا بالولد الصغير الذي يشير الى الولد الجار الذي تنازع معه، ويتهمه بانه هو الذي بدأ، يقول الكثير عن اللا والقليل عن النعم. نتنياهو يشرح بانه من أجل حل المشكلة يجب النزول الى جذورها. صحيح، الماضي هام ولا يمكن تجاهله. والنزاع طويل السنين والمضرج بالدماء لن يمحى بسهولة عن ورقة في ساحة البيت الابيض، ولكن من اجل الوصول الى حل سياسي لا حاجة الى الاتفاق على الموعد الدقيق الذي اندلع فيه النزاع. كما أنه لا واجب للاتفاق على من هو المذنب أكثر، اسرائيل ام الفلسطينيون. يكفي فحص الخطوط الحمراء الحقيقية للطرفين في ضوء الحلول البرغماتية القائمة.
لقد كرر رئيس الوزراء خطوطه الحمراء في هذا الخطاب: تجريد الدولة الفلسطينية الى جانب ترتيبات أمن واضحة واعتراف بدولة اسرائيل كدولة يهودية في ظل التنازل عن عودة اللاجئين الفلسطينيين. الرئيس الفلسطيني محمود عباس يعرض الخطوط الحمراء الفلسطينية من على كل منصة ممكنة: اقامة دولة فلسطينية مستقلة على اساس حدود 67، عاصمتها شرقي القدس. الخطوط الحمراء لاسرائيل والفلسطينيين لا تتناقض بعضها مع بعض، والحلول القائمة (صيغة كلينتون، مبادرة جنيف، اقتراحات انابوليس) توفر جوابا للمصالح الحيوية للطرفين.
في الايام الاخيرة تعصف في الشبكة كراسة اصدرتها قيادة الجبهة الداخلية للمدارس الابتدائية تحت عنوان “ايها التلميذ كن مستعدا”. وتأتي الكراسة لاعداد تلاميذ الصف الخامس لاوضاع الطوارىء وتعلمهم ضمن امور اخرى الفوارق بين الحرب وبين العمليات الارهابية والانواع المختلفة من الصواريخ. وهي تشجعهم على الاستماع الى قصص المعارك من الاهالي وأخذ المسؤولية عن تحصين منازلهم كما ينبغي ضد هجمات الصواريخ. لقد تربى معظمنا في ظل حروب اسرائيل، ونحن نقبل الواقع المعقد لحياتنا هنا كشر لا بد منه. وتحسن قياداتنا الخطابة والشرح كيف وصلنا الى هذا الوضع. لقد حان الوقت لان نطالبهم بان يرونا الى أين نواصل من هنا.
( معاريف 9/10/2013 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews