نتنياهو يتجنب الحديث عن حلول سياسية وأهداف استراتيجية
الخطاب القصير الذي ألقاه بنيامين نتنياهو الخميس في المؤتمر الصحفي بدا وكأنه ارشاد لقائد كتيبة قبل عملية عسكرية، أكثر من كونه خطابا للأمة من رئيس حكومة. ما الذي لم يكن موجود هناك؟ الكمائن، المستعربين، الاعتقالات، الدخول الى الاحياء في شرقي القدس، هدم منازل المخربين، أوامر فتح النار وباقي الاوصاف للاجراءات التكتيكية التي يقوم بها الجيش والشرطة. شيء واحد كان ناقصا هناك هو الاستراتيجية.
أحداث الشهر الاخير هي موجة العنف الثالثة لنتنياهو أمام الفلسطينيين في السنوات الستة الاخيرة منذ عودته الى مكتب رئيس الحكومة في 2009. الاول والثاني كانا أمام قطاع غزة والحالي في الضفة الغربية، والآن ايضا يبدو أن رئيس الحكومة لا يعرف وجهته وما يريد تحقيقه. لم يقترح أمس في المؤتمر الصحفي على مواطني اسرائيل شيء باستثناء السلاح وكاميرات التصوير. لا يوجد هدف أو حلم حول كيفية العلاقات مع الفلسطينيين في نهاية ولايته.
زعم نتنياهو أن الارهاب يرافق العمل الصهيوني منذ أكثر من مئة عام. إنه على حق. إلا أن الفترة الصالحة بخصوصه هي السنوات الستة الاخيرة. اثناء هذه الفترة كانت الضفة هادئة جدا نسبيا. لكن نتنياهو لم يفعل شيء في هذه السنوات الهادئة لمنع انتفاضة ثالثة أو للتقدم في حل سياسي يلائم مبدأ “دولتان لشعبين” الذي طرحه في خطاب بار ايلان في حزيران 2009.
لقد فضل نتنياهو الوضع الراهن الدافيء، واختار سياسة اجلس ولا تفعل شيئا، واعتقد أن الجمود وغياب الأفق السياسي قد يستمران الى الأبد بدون تأثير. في حين أن وزير الخارجية الامريكي حذر من انتفاضة ثالثة، فكان رد نتنياهو أنه يهدد اسرائيل. وعندما حذر اسحق هرتسوغ وتسيبي لفني من الانفجار وطالبا التقدم في الحل السياسي، قال إنهما سيحضران داعش الى القدس. في الوقت الحالي يتجول في عاصمة اسرائيل قتلة مع سكاكين في ظل حكومته.
الكثير مما قاله نتنياهو أمس عبر عن فشله في علاج الخطر قبل حدوثه رغم أنه كان يدرك ذلك. فقد قال نتنياهو مثلا إنه لا حاجة الى شرارات تشعل الحرم. احدى هذه الشرارات هو اوري اريئيل الذي يجلس في حكومة نتنياهو للمرة الثانية. وعرف نتنياهو الى أي حد اريئيل هو خطير. لكن حتى ايام معدودة لم يفعل أي شيء لترويضه.
نفس الشيء ينطبق على الجناح الشمالي للحركة الاسلامية، التي قال نتنياهو أمس إنه سيخرجها خارج القانون. قبل عامين أقام نتنياهو طاقم خاص لعلاج أحد الاجسام الاكثر تطرفا في دولة اسرائيل. ومنذ ذلك الحين تحدث نتنياهو عن الامر وأجرى نقاشات كثيرة، لكنه لم يفعل شيئا. وقد رأينا النتيجة في الاسابيع الاخيرة في الحرم واللد ويافا.
وفي صالح نتنياهو نقول إنه يتصرف بحذر ويحاول أن يبتعد عن التصعيد قدر الامكان وعن عمل عسكري واسع في الضفة، أو التصعيد السياسي بواسطة بناء المستوطنات. وظهرت في المؤتمر الصحفي رسالة الاجهزة الامنية للجيش و”الشباك” التي اعتبرت أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس هو جزء من حل الازمة الحالية وليس جزء من المشكلة. هذا وصل لنتنياهو أخيرا وإن كان متأخرا.
لكن اقوال نتنياهو تؤكد على أنه لا يفهم بعد أن حل الصراع مع الفلسطينيين ليس عسكريا. يمكن استدعاء وزير الدفاع ووزير الامن الداخلي ورئيس الاركان والمفتش العام للشرطة الى المؤتمر الصحفي، لكن هذا لن يحل المشكلة. ايضا مقاتلو “دفدفان” والوحدات الخاصة يمكنها فقط الكبح أو التأخير أو كسب المزيد من الوقت، إلا أنه بدون قرارات استراتيجية واجراءات سياسية ومنح الأمل للفلسطينيين، لا يمكن التغلب على اليأس الذي أشعل موجة العنف الحالية.
(المصدر: هآرتس 2015-10-09)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews