البدائل الفلسطينية أمام هدم قرى المثلث والجليل والنقب
في غمرة انشغال العالم بالرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة دونالد ترامب ، كانت هناك قرى فلسطينية يتم هدمها بالتدريج في النقب " أم الحيران " وسط صمت الدنيا بأسرها باستثناء أعضاء الكنيست العرب والجماهير الفلسطينية في الداخل .
ولكن ، إذا كانت قرارات الهدم التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية تنفيذا لقرارات محكمة عنصرية ترجمة للمخطط الصهيوني بتفريغ الأرض الفلسطينية التاريخية من أصحابها والتضييق على العرب وحصرهم في كانتونات تجبرهم في نهاية المطاف على التفكير ببدائل لحياتهم وحياة أجيالهم ،إذا كان الأمر كذلك ، فإن أي مقترحات يطرحها أعضاء الكنيست العرب على نتنياهو لن تجد صدى في أذنيه اللتين لا تسمعان الآن سوى صوت هدير البلدوزرات في أم الحيران والقرى العربية في المثلث الفلسطيني ، من جهة ، وصوت الحليف الحاني دونالد ترامب من جهة أخرى .
يبذل أعضاء الكنيست العرب جهودا كبيرة من أجل تأجيل تنفيذ قرارات هدم منازل عرب الأرض المحتلة عام 1948 ، ومن ضمن ذلك أن يتم تأجيل هدم المنازل لمدة عشر سنوات إلى حين الوصول إلى بديل عن هذ1 الهدم وعلى الطريقة الشعبية الفلسطينية " حتى يحلها الحلال " غير أن الحقيقة التي اضطر هؤلاء الاخوة لتجاهلها بسبب انعدام الخيارات : هي أن إسرائيل تعيش الآن فرصتها الذهبية لابتلاع كل الأرض في ظل انشغال العالم أجمع بمحاربة الإرهاب ، وفي ظل قدوم رئيس أمريكي " معتوه " ، وفق وصف نصف الأمريكيين ، قرر نقل سفارة الكيان إلى القدس ، وهذه التطورات الجديدة لم تكن موجودة قبل أن يطرح النواب العرب قبل سنوات تأجيل الهدم سنتين أو ثلاث سنين ، فما بالك وهذه التطورات ماثلة الآن ، أي أن السؤال هو : إذا كانت إسرائيل ماطلت بتأجيل الهدم لثلاث سنوات في ظل وجود أوباما العاجز والضعيف ، فكيف ستوافق على تأجيل الهدم لعشر سنوات الآن ، ثم ، ماذا بعد العشر سنوات ، ألسنا بذلك نعطي الكيان مبررا أن الهدم سيكون مشروعا وبموافقة ممثلي العرب في الكنيست ؟؟ .
أعلم أنه ليس من بديل عملي جاهز أمام النواب العرب لوقف الهدم ، ولكن أليس هذا الطرح خطرا وله تبعات لا تحمد عقابها ؟.
إذا كان أعضاء الكنيست العرب سيقترحون على نتنياهو تعهدهم بعدم بناء أي عقار جديد في الوسط العربي بدون ترخيص مقابل موافقة إسرائيل على التأجيل ، أفليس هذا خضوعا غير محسوب لقرارات غير قانونية تمنع العرب من الحصول على تراخيص بناء على أراضي آبائهم وأجدادهم ؟.
لا أرغب في أن أحمل الأخوة من أعضاء الكنيست فوق طاقتهم، فهم مناضلون ومخلصون ونرفع لهم القبعات وندين لهم بدوام الشكر وجزيل الإمتنان ، ولكن مثل هذا الطرح فيه مجازفة وقوننة وتسويغ للمجرم نتنياهو بهدم كل القرى العربية بحجة أنه مفوض من ممثلي العرب ، لأن اتفاقا كهذا ، إن ووفق عليه ، فسيكون رسميا وموقعا وحسب الأصول .
ألم يقل الشيخ رائد صلاح : إن المخابرات الإسرائيلية فاوضته لدخول الكنيست طالبين منه " النضال " من تحت سقف الكنيست وليس في الشارع .
هذا ما قاله الشيخ صلاح نفسه ، وهذا يجزم بأن الشارع والكنيست معا هو من يجدي نفعا وتحسب له إسرائيل ألف حساب ، أما إذا كان النضال تحت سقف الكنيست فقط وليس في الشارع ، فإن هذا سيكون كالحراثة في البحر ، حتى لو ختم كل المواطنين العرب القرآن الكريم من على منصة الكنيست ، وليس فقط رفعوا الأذان .
لقد صمد الفلسطينيون طوال هذه العقود على أرضهم صمودا تاريخيا يدرس في الجامعات ويضرب به المثل ، وإنهم بالتأكيد غير عاجزين الآن عن تعليم الدنيا أسباب الصمود والإستمرار فيه ، فهم الأمل الوحيد في الحفاظ على الوطن والهوية والتاريخ ، وبدون فلسطينيي الداخل ، فإن الدولة اليهودية الخالصة تصبح وتدا جديدا مغروزا في قلب المنطقة من هنا حتى قيام الساعة .
د.فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews