أمريكا : إنهاء الشرعية في اليمن وشرعنة الإنقلاب
كما دفعت الولايات المتحدة مئات ملايين الدولارات للإيرانيين من أجل الإفراج عن معتقلين أمريكيين ، أعادت الكرة هذه المرة عندما أطلقت من مسقط تصريحات أغضبت الحكومة اليمنية الشرعية ، بعد أن غازل كيري الحوثيين وذكرهم وحدهم قبل إعلانه اتفاقا لم يبرم أصلا مع الطرف الحكومي الشرعي .
الدفع هنا لم يكن دولارات كما فعل هو ورئيسه أوباما من قبل ، بل كان ثمنا " سياسيا " والهدف هو نفسه : إطلاق سراح أمريكيين محتجزين في صنعاء " تم إطلاق بعضهم فعلا " وتحقيق ما لم يقل في وسائل الإعلام .
خارطة طريق الأمم المتحدة ، وأهم ما فيها تشكيل الحكومة الوطنية بعد وقف إطلاق النار ، والذي أعلنه الجانب الأمريكي ، هدفه تكريس قوة الحوثيين كأمر واقع وخلق حزب الله يمني جنوب الجزيرة العربية بمباركة أمريكية .
وعلى ذكر حزب الله ، فإن كيري الذي قام بفعلته لم يعلق على كيفية وصول دبابات ومجنزرات أمريكية إلى حزب الله الذي أقام عرضا عسكريا كبيرا في منطقة القصير المحتلة بسلاح أمريكي جديد لا زال في الصناديق وتم تركيب قطعه في لبنان : هو لم يوضح كيف وصلت الدبابات الأمريكية والآليات العسكرية الجديدة إلى هذا الحزب لسبب بسيط : وهو أن الولايات المتحدة تعرف ما تريد في اليمن وفي سوريا وفي العراق ، وبالطبع في لبنان ، وتمضي حتى النهاية في محاولة فرض أمر واقع تحاول تحقيقه قبل أفول نهائي لنجم كيري ورئيسه من سماء الخارطة السياسية الدولية بعد أيام ، وهذا الأمر الواقع الذي هو في حقيقته هدف وحلم ، لن يحققه اعتذار " مساعد " نائب كيري للرئيس اليمني على تجاهله وإعلان المشروع بدون مشورته ، ولن يكتب له النجاح البتة حتى لو اعتذر أوباما شخصيا ، ذلك أن اليمينين ليسوا عبد ربه منصور هادي والمخلافي ، بل إنهم الشعب الذي يرفض الهيمنة الإيرانية ووكلاء الملالي عليه وعلى وطنه ، وهو شعب مثقف " لمن لا يعرف " و" حكيم " - الحكمة اليمانية - ومسلح ويحب بلده ولن يسلمه لإيران أبدا ، سواء أقبلت الحكومة اليمنية بمشروع كيري، أو هي ذهبت إلى أبعد من ذلك ووافقت على تشكيل حكومة وطنية بدون نزع سلاح الحوثي الذي اخترق الهدنة التي فرضها كيري من أول يوم .
مشروع في اليمن يعطي الحوثيين مجدا وحصة تصل إلى الثلث المعطل سيئ الذكر ، في حكومة ضعيفة ، وأسلحة في صناديقها لحزب الله اللبناني ، ودفع إتاوات لإيران ورشاوى من أجل الإفراج عن بحارة عسكريين تجرأت إيران على اعتقالهم من عرض البحر ، وتصريح مسقط ، كل ذلك وغيره بات هدفه واضحا لا لبس فيه وليس بحاجة لقليل ذكاء .
إن إيران تحاول تسويق نفسها كشرطي في المنطقة مرة أخرى لحساب الأمريكان والغرب ، فبدأت تفعل ما اتفق عليه وما لم يتفق عليه من تصرفات تخدم هذا الهدف المشترك ، ومن أجل ذلك رأيناها تتحرش بالسفن الأمريكية في الخليج وباب المندب بعد أن تأكدت بأن حكومة أوباما لن تفعل شيئا ، فمضت في تشبيحها ووصل الأمر بإطلاقها النار في محيط فرقاطات عسكرية أمريكية ، أوليس كل هذا وغيره شراكة إيرانية أمريكية في الأهداف تجعل واشنطن تغض الطرف عن صبينة الحليف " المجرب " في العراق وسوريا ، أوليس هذا هو الحليف الذي أفتى وكيله في العراق " السيستاني " بعدم جواز الجهاد ضد القوات الامريكية إبان الإحتلال ؟ . ألم تهدد واشنطن الإئتلاف السوري : إما القبول بالأسد أو سنترك حلب للروس يهدمونها على رؤوسكم " وهو ما يحصل الآن ؟ .. ولكي لا نذهب بعيدا : ألم يطلب أوباما من السعوديين علنا اقتسام النفوذ في المنطقة بينهم وبين الأيرانيين، وهو ما رفضته الرياض بقوة طالما أن المراد ثبيت التهديد الإيراني لدول الجوار وللأراضي السعودية بواسطة حفنة من العملاء الصغار هنا وهناك من أتباع الولي الفقيه .
ويخرج إليك من يفلسف الأمر ويحلل وجوهه المختلفة مع أن له وجها واحدا وبلا قناع : إنه فرض إيران على المنطقة ، إن لم يكن بالتفاهم فبالقوة .
إن خطة كيري وخارطة طريق ولد الشيخ ليست سوى استجابة لهدف أمريكي إيراني مشترك ، وهو بالإضافة لما قلناه : إنهاء الشرعية وشرعنة الإنقلاب .
د.فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews