تأثير فوز ترامب على المنطقة العربية
لا يختلف اثنان أن الشعب الأمريكي أرهقته سياسات الحزبين فبحث عن شخص من خارج الدائرة السياسة ، وهكذا جاء ترامب .
أنا من الذين يرون بأن ترامب مرشحا سيكون غيره رئيسا خارج منطقتنا ، بل أتوقع أن تكون الحكومة التي سيشكلها حكومة تضم ملونين ، ولن يستطيع رئيس سوّق العِرق الأبيض أن يستمر في بلد بني على التعدد ، وإلا فإن مصيرا مجهولا ينتظر هذه الدولة العظمى الضاغطة على أعصاب العالم في كل حركاتها وسكناتها .
ما يعني الأمريكي العادي أن تكون ثلاجته مليئة بما لذ وطاب ، وأن يكون جيبه عامرا ، وأن يكون مؤمنا صحيا ، أما ما دون ذلك فليذهب إلى الجحيم .
من هنا تكمن خطورة انتخاب رجل مثل ترامب ، وليس من أي زاوية أخرى .
ما يهمنا في المنطقة العربية هو أن ترامب المرشح ، سيكون - ربما - هو ترامب الرئيس ،ولكن ضمن ضوابط ، وأتوقع بأن يطلق تصريحات سرعان ما سيتم توضيحها ، وذلك لعدم خبرته طورا ، ولحماقته طورا آخر ، وعلينا أن نقلق بالفعل لكون هذه الشخصية لا تعرف شيئا عن منطقة الشرق الاوسط ، وتجهل بالمطلق جغرافيتها السياسية باستثناء إيمانه بإسرائيل وبالقدس عاصمة أبدية لها وبدولة يهودية حتى النخاع .
قد تتبخر فعلا أحلام الدولة الفلسطينية في عهد ترامب كما يقول وزير إسرائيلي ، وقد تجد دول المنطقة مصاعب جمة أمامها وعقبات وسياسات تفرض فرضا : إن كان الأمر يتعلق بسوريا ، أم بالعراق أم باليمن ، أي أن على العرب أن يتوقعوا ما لم يكن بالحسبان .
بالنسبة لسوريا فإنه سيعمل بالتأكيد مع بوتين ، ومع الأسد ، وهناك تقارير عن خطة في جعبته ستتضح خلال أيام ، وبالنسبة لليمن فإن الأمر سيظل غامضا إلى أن نرى علاقاته مع دول المنطقة على حقيقتها : هل ستستمر كما درجت عليه السنون السالفة ، أم أنه سيفرض إيقاعا من نوع ما ، خاصة إذا نفذ تهديده بتمزيق الإتفاق النووي مع إيران ( أستبعد ذلك ) وفي ما يتعلق بالعراق ، فإن علاقته مع الأتراك ستكون أعمق منها مع أوباما إذا أخذنا بالإعتبار بأن تركيا بلد مستقل " شوره من راسه " وقد تتخذ أنقرة خطوات لا تستطيع الولايات المتحدة تحملها ، أي أن جزءا من سياسته الخارجية بات محسوما ، وجزءا آخر لا زال في علم الغيب ، إذا أخذنا في الإعتبار " الرأي الإسرائيلي " الذي سيكون فاعلا هنا ، وعليه ، فإن العصر الذهبي الإسرائيلي في علاقات تل أبيب مع العرب قد بدأ فعلا ، كما أظهرت النتائج بأن معظم الأمريكيين يؤيدون إسرائيل .
ثلاث دول لا أتوقع أن يتغير شيئ بالنسبة لها : مصر ، الأردن وإسرائيل ، أما علاقاته مع الغرب وأوروبا بالذات التي سبق وطالبها بأن تدفع ثمن حمايتها وتكاليف حلف الناتو ، فإن العلاقات التي تربط واشنطن بعواصم الغرب أعمق من أن يستطيع ترامب التأثير فيها ، وسيأخذ في الحسبان مصالح حلفائه وبدون أدنى شك ، سواء في المنطقة أم العالم .
لقد أثبتت الإنتخابات الأخيرة بأن وسائل الإعلام واستطلاعاتها كانت كذبة كبيرة ، ولاجل ذلك ، فإنه لا ثقة بأي استطلاع أمريكي بعد الآن .
رغم كل ما قلناه ، فإن من الخطأ القول بأن ترامب بات سيدا متحكما في كل أمريكا ، فبالإضافة إلى احتلاله البيت الأبيض ، وسيطرة الجمهوريين على الكونجرس بغرفيته: النواب والشيوخ ، إلا أن الرئيس الجديد على خلاف مع أعضاء كثر في المجلسين .
الثابت على كل حال ، أن هناك مؤسسات تحكم ، ومفاجآت ستقع ، وهذه هي أمريكا في النهاية .
د.فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews