تحذير الحرس الثوري للسعودية واستبعاد الدولار ومناورات درع الخليج 1
كان بيانا مضحكا ذلك الذي أصدره الحرس الثوري الإيراني بعد البدء بمناورات درع الخليج 1 بأربع وعشرين ساعة ، وهي المناورات التي اطلقتها السعودية الثلاثاء 4 أكتوبر/تشرين الأول 2016 في كل من الخليج العربي وبحر عمان ومضيق هرمز ، حيث كان البدء بالمناورات بمثابة صفعة سعودية قوية لدولة اعتقدت ولمدة طويلة بأنها هي سيدة البحر ووكيلة المضيق وحارسة الشاطئ.
السعوديون الذين أطلقت قواتهم البحرية هذه المناورات التي وصفها خبراء بأنها الأضخم التي تقام في مياه الخليج العربي ، سبق وأطلقوا مناورات" رعد الشمال " التي تعتبر الأكبر في تاريخ الشرق الأوسط ، إذ شارك فيها 20 دولة إسلامية بالإضافة إلى قوات درع الجزيرة التي شكلت للدفاع عن منطقة الخليج وتضم قوات من السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وعمان .
وعودة على بدء : فإن ما يضحك في بيان الحرس الثوري أنه جاء أولا بعد البدء بدرع الخليج 1 ، ورغم ما يعنيه ذلك من ارتباك ووهن إلا أن ما تضمنه البيان كان مدار تندر وتفكه من كل من قرأه أو سمعه أو رأى " سحنة " من أطلقه .
الحرس الثوري حذر في بيانه القطعات البحرية السعودية من الإقتراب من المياه الإقليمية الإيرانية ، بل وحتى المياه الإقليمية الدولية المقابلة للحدود الإيرانية ، ولما كانت هذه الحدود تمتد على طول الساحل الشرقي للخليج ، وأيضا ، لما كان نصف إيران الجنوبي يقع قبالة السعوديين وبحر عمان ، فإن التحذير يعتبر بمثابة فقاعات غير ذات جدوى ، لأن المناورات أقيمت وتقام قبالة سواحل إيران بالضرورة ، إلا إذا كان هناك مضيق هرمز آخر غير ظاهر على الخارطة .
والنكتة الأخرى ، تلك التي طالعتنا بها وكالة تسنيم الإيرانية المقربة من الحرس السبت ، حيث نشرت تحذيرات مشابهة لقائد البحرية الإيرانية لم تكن هي الأخرى سوى طرفة أخرى ، إذ اعتبر الأميرال علي فدوي ردا على المناورات السعودية بأن إيران والقوة البحرية الإيرانية هي المسؤولة وحدها عن أمن منطقة الخليج ، مضيفا : لا يحق لغير إيران حماية الخليج ، وهو تصريح ليس فارغا فقط نظرا لاستمرار المناورات أمام عينيه بالذخيرة الحية ، بل هو تصريح وقح ، ولكنه في نفس الوقت ينم عن إفلاس يذكر بما سبق وقلناه نقلا عن أمير سعودي ، عن أن إيران ليست سوى نمر من ورق ، بمخالب فولاذية .
وإذا دققنا في الإسم الذي أطلق على المناورات وهو : " درع الخليج 1 " فإن هذا يعني أن هناك درع خليج 2 ودرع خليج 3 إلخ ، والترقيم هو إنذار بالقادم الذي قد يكون أشد وأقوى وبأسلحة قد لا تخطر على بال الملالي وتفاجئ العالم .
ولا يفوتنا هنا أن نقرأ تصريح قائد البحرية الإيراني في سياق آخر ، فهو أراد أن يبعث برسائل تأكيد إلى الخارج بأن إيران هي المسؤولة عن أمن الملاحة في الخليج ، مما يؤكد بان مناورات درع الخليج 1 سلبت إيران هذه المكانة ، إذ بات العالم يدرك الآن أن هناك قوى أخرى غير هؤلاء المجانين الذين طالما هددوا بإغلاق مضيق هرمز ، حيث قالت مناورة السعوديين للعالم : بأن هناك قوة عربية ضاربة قادرة على حماية أمن الملاحة في المنطقة ، وفي مضيق هرمز وبحر عمان ، وآن للعالم أن يفهم الآن بأن العرب بدأوا يقفون على أرجلهم ،وإذا فعلوا فإن المارد الإيراني المزعوم ليس سوى قزم ذميم لا يقنع أحدا سوى حلفائه الجبناء في محور الممانعة و" المماتعة " على رأي فيصل القاسم .
نعتقد جازمين بأن رسالة المناورات السعودية العسكرية وصلت للإيرانيين والعالم ، كما وصلت رسالتهم الإقتصادية الخاصة للأمريكيين بعد قانون "جاستا " وذلك عقب الإتفاق المبرم بين الرياض وبيجين على تأسيس نظام لأسعار الصرف المباشرة بين العملتين ، وكمقدمة إبعاد الريال السعودي واليوان الصيني للدولار الأمريكي من علاقتهما التجارية ، مما يعتبر ضربة قوية للدولار ، كأول رد سعودي عملي على رعونة الكونجرس الذي أقر مؤخرا قانون جاستا دون حساب العواقب ، وبالإتفاق بين البلدين بات بإمكان السعودية شراء جميع مستورداتها من الصين بالريال السعودي ، مع استبعاد الدولار من أي تعاملات ، وقد بدئ العمل بالنظام اعتبارا من السادس والعشرين من سبتمبر الفائت ، واستخدام الصين والسعودية لعملتيهما في تعاملاتهما يتم كما قلنا من خلال نظام يحدد معدلات الصرف بين العملتين بطريقة مباشرة بدون وساطة الدولار أو غيره من العملات الصعبة ، مع التذكير هنا أن الصين تستورد ما يقرب من 15 % من النفط السعودي .
ولأن الشيء بالشيء يذكر ، فإننا نذكر هنا بتلويح البرلمان التركي بإقرار قانون جاستا تركي ، يسمح لذوي ضحايا الإنقلاب الفاشل في تركيا بمقاضاة الحكومة الأمريكية بسبب حمايتها لفتح الله جولن .
السعوديون يتحركون بثقة ، وخلفهم دول الخليج والعرب والعالم السني في الأغلب، وفي النهاية ، فإن العالم بات متعدد الأقطاب الآن ، أي أن هناك آسيا وهناك قوى عظمى جديدة ، وفي المحصلة ، فقد ولى زمن الهيمنة والأمبراطوريات التي لا تغيب عنها الشمس ، وإلى الأبد .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews