إصلاح اقتصادي.. بعدالة ومساواة
لا صوت عند الأسرة المصرية يعلو فوق أكل العيش ومصاريف المدارس وتكاليف العلاج.
تنازلت كل أسرة عن الكماليات.. ولم تعد تعرف الأجازات والرحلات.. وأصبح الكلام عن الادخار للمستقبل من رابع المستحيلات.. والحديث عن الاشتراك في أحد الأندية نوع من الترف لا تقدر عليه الأغلبية العظمي.
بينما يبحث كل رب أسرة عن كيفية الحصول علي قوت يومه ويحاول تدبير ميزانيته المتواضعة.. يفاجأ بالتضخم وانهيار الجنيه والارتفاع الجنوني غير المبرر للدولار مما جعل جميع السلع والخدمات تزداد قيمتها كل يوم بل كل ساعة وفقا لبورصة الدولار الذي يحاول البنك المركزي السيطرة عليه وكبح جماحه.
تسعي الحكومة بقدر طاقتها لتوفير السلع الأساسية وزيادة منافذ توزيعها في المدن والقري والمناطق العشوائية سواء منافذ التموين والزراعة أو التي تقوم القوات المسلحة بافتتاحها في مختلف المحافظات وهي إلي حد كبير تنقذ ما يمكن انقاذه.. لكن للأسف لا تكفي حتي الآن خاصة في المناطق النائية.
لم تعد المسكنات هي الحل للأزمة الاقتصادية.. فلابد من حزمة قرارات اقتصادية متكاملة وجديدة للسيطرة علي الأسواق وتشجيع الاستثمار وفتح فرص عمل وفي نفس الوقت توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين وتحقق العدالة الاجتماعية.
لابد من دراسة التجارب التنموية للدول التي تقدمت في السنوات الأخيرة بفضل برامجها الاقتصادية التي تقوم علي عدالة توزيع الدخل القومي وعلي مشاركة كل الفئات في العمل وفي التفكير والرأي وفي حرية التعبير.. والأهم هو الا تدفع ثمن الإصلاح الاقتصادي طبقة واحدة من المجتمع حيث من المفترض أن يضحي الجميع الأغنياء قبل الفقراء والحكام قبل المحكومين.. كل طبقة وفئة عليها حصة لابد أن تؤديها علي أكمل وجه.. حتي يحدث التناغم.. ولا تشعر مجموعة بالغبن أو بأن مسيرة التنمية داست عليها وتم التضحية بها وحدها لإنجاز الإصلاح الاقتصادي.
الشعب يعي تماما ان هناك 5 سنوات مرت دون إنتاج وان الدولة في مرحلة إعادة البناء.. ومستعد للمشاركة في التنمية والإصلاح.. بشرط أن يشعر بالعدالة وبالإخلاص وبفكر جديد للإصلاح الاقتصادي.. وبخطوات جادة لمكافحة الفساد المستشري وبعدم عودة "روشتات" أو وجوه قديمة سبق تجريبها وفشلت.. فقبل 25 يناير وصلت نسبة النمو إلي 7% ومع ذلك لم تشعر بها الطبقات الكادحة ولم يستفد بالانتعاش التجاري والصناعي سوي فئة محدودة من رجال الأعمال والمستثمرين وأصحاب الحظوة والمقربين ولم تتحسن معيشة محدودي الدخل.. ونحن لا نريد تكرار تلك التجارب التي لا تحسب حسابا "للغلابة" ولم تكن بها عدالة ولا مساواة.
يعلم الشعب ان الموارد أصبحت محدودة.. والإنتاج مازال ضعيفا.. والصادرات "علي قد الحال".. والسياسة "مضروبة".. وتؤمن الأغلبية بضرورة وحتمية اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة خلال الفترة الانتقالية التي نعيشها.. لكنهم في نفس الوقت يريدون توفير لقمة العيش ومصاريف المدارس وتكاليف العلاج الضرورية والتي لا صوت عندهم يعلو عليها.
نحتاج لعقد اجتماعي جديد يحدد النظام السياسي والاقتصادي الذي نسير عليه لبلوغ بر الأمان.. فالكثيرون لا يعرفون أي طريق نتبع وفي أي اتجاه نسير.. ويؤرقهم السؤال الذي يتردد كثيرا علي مواقع التواصل "مصر رايحة علي فين"؟!
(المصدر: الجمهورية المصرية 2016-03-19)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews