الدولار: مبادرات سياسية لحل أزمة اقتصادية
تعاني مصر من أزمة حادة في العملة الصعبة، لم تعد تخفى أسبابها عن العامة قبل المختصين، والتي تتلخص في تراجع المصادر الدولارية، المتمثلة في تراجع الاستثمارات الأجنبية وتراجع قطاع السياحة الذي يعاني بشدة بعد سقوط الطائرة الروسية العام الماضي، وتراجع واردات قناة السويس بسبب تباطؤ النمو في الاقتصاد الدولي وحركة التجارة الدولية، وكذلك زيادة الواردات بنسبة كبيرة على الصادرات تصل إلى ثلاثة أضعاف، إضافة إلى تراجع حركة تحويلات العاملين بسبب التضارب في القواعد المنظمة لعمليات التحويل التي تتبعها البنوك المصرية بناءً على الضوابط التي وضعها البنك المركزي.
هذه الأزمة الحادة تفاقمت كثيرًا في الأيام السابقة، حيث وصل سعر صرف الدولار أكثر من تسعة جنيهات، وهو مستوى تاريخي لم يصل إليه من قبل.
وفي مواجهة هذه الأزمة يطرح البعض مبادرات للخروج منها، تقوم على أساس اقتصادي بحت باعتبار أن الأزمة اقتصادية. فهناك من دعا إلى بيع بعض من أصول الدولة المصرية لرجال أعمال مصريين أو أجانب بالدولار. وهو الأمر الذي يبدو أن الحكومة تتجه إليه، والذي ظهر في تصريحات مسؤوليها. كما تم تنفيذه جزئيًا بطرح أراض للبيع للمصريين المغتربين بالدولار.
أيضًا هناك من يطرح فكرة السماح بعمليات غسيل الأموال في مصر وعدم معاقبة فاعليها، إذا كانت ستؤدي إلى تدفق العملة الصعبة إلى البلاد. وهو المقترح الذي يمكن أن يجر ويلات سياسية على مصر إذا تم تنفيذه، لأنه من الممكن أن تنتهز المافيا العالمية والجماعات الإرهابية الفرصة للقيام بعمليات غسيل أموال في مصر، فضلًا عن الآثار الاقتصادية الضارة بالاقتصاد المصري المتداعي أصلًا.
لكن في مقابل هذه المبادرات الاقتصادية، هناك من يطرح مبادرات سياسية لحل الأزمة على أساس أن الأزمة في أساسها سياسي. فعدم الاستقرار السياسي الذي تعاني منه البلاد هو السبب في هروب الاستثمارات الأجنبية، وكذلك تباطؤ نمو الاقتصاد، وبالتالي تراجع الصادرات، فضلًا عن تراجع حركة تحويلات المصريين العاملين في الخارج.
ولذا يطرح البعض مبادرة "المعتقلين مقابل الدولار" والتي بمقتضاها تقوم السلطات المصرية بالإفراج عن المعتقلين السياسيين البالغ عددهم نحو أربعين ألف معتقل مقابل قيام المصريين في الخارج بفتح حسابات دولارية جديدة لهم في مصر وتحويل مليارات الدولارات، كما حدث إبان حكم الرئيس محمد مرسي، حينما قام هؤلاء بتحويل أكثر من عشرين مليار دولار دعمًا للاقتصاد المصري عام 2012.
المبادرة بطبيعة الحال لم تلق رواجًا لدى الحكومة والإعلام المصري حتى الآن، باعتبار أنهما لا يعترفان بوجود معتقلين سياسيين. لكن من يدري؟ فقد تكون تلك المبادرة هي المخرج الوحيد للأزمة الخانقة.
(المصدر: الشرق القطرية 2016-02-25)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews