شراع: “إسرائيل” تنتظر رئيسا أميركيا بجينات بوش الصغير
يميل قادة كيان الاحتلال الإسرائيلي دائمًا إلى تضخيم الأمور وتصدير الهاجس الأمني والسير به إلى أقصى مستوياته، وصولًا إلى أهداف مرسومة يسعون إلى تحقيقها. فتصريح مجرم الحرب بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال بأنه إذا لم تتم تلبية احتياجات كيان الاحتلال الإسرائيلي “الأمنية” بشكل كافٍ فقد يحجم عن توقيع اتفاق المساعدات، وينتظر الرئيس الأميركي التالي خليفة باراك أوباما الذي سيتسلم المنصب في يناير 2017، هو تصريح يؤكد أن سياسة الابتزاز الملفعة بالقلق الأمني هي من مرتكزات سياسة الاحتلال في المنطقة.
لطالما عزف كيان الاحتلال الإسرائيلي على وتر الهاجس الأمني، والتذرع بأنه محاط بأعداء يتربصون به، وأن التخلص من مظاهر العداء شرط البقاء والاستقرار، غير أن هذه الهواجس والمخاوف تبدو في مرآة الواقع كاذبة وخادعة ومبتزة كالعادة، وما يزيد حقيقتها وضوحًا تصريحات قادة الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد” والخبراء الأمنيين والاستراتيجيين، ومراكز الأبحاث بأن الوضع في المنطقة بعد “الربيع العربي” تغيرت موازينه لصالح كيان الاحتلال الإسرائيلي، بالنظر إلى ما يجري في كل من سوريا ومصر من استهداف ممنهج لقوى الجيش والأمن، واستنزاف موارد الدولتين اللتين تمثلان إلى جانب العراق العمق العربي والثقل العربي، بالإضافة إلى علاقات التحالف الجديدة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي والتي أبرزتها ما يسمى “ثورات” “الربيع العربي”.
الولايات المتحدة تدرك تمامًا أن حليفها الاستراتيجي كيان الاحتلال الإسرائيلي يمارس معها سياسة الابتزاز والمراوغة مثلما مارسها ـ ولا يزال ـ مع الفلسطينيين والعرب، إلا أنها أيضًا تعلم يقينًا أن ما كانت تخشاه على مشروع الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة لم يعد بعد إنتاج “داعش والنصرة وأحرار الشام والسلطان مراد وجيش الإسلام وجيش الفتح وغيرها”، والحضور اللافت للأتراك والأعراب وتخندقهم جميعًا في خندق مشروع الاحتلال الإسرائيلي وفي خط المواجهة الأول أمام قوى المقاومة، وخنق أي نَفَس مقاوم، وتدمير الدولة العربية القومية التي تقوم سياستها على الاستقلال والسيادة ونصرة القضايا العربية وفي مقدمتها فلسطين وشعبها، وتقود مشروع تحرر وطني قومي عربي ضد الاحتلال الإسرائيلي. فتدمير العراق وليبيا وسوريا وإعداد العدة لتدمير مصر والجزائر وغيرها يأتي في صلب استراتيجية تأمين بقاء المستعمرة الكبرى المسماة “إسرائيل” في المنطقة لتجثم على صدرها، والمؤسف والمؤلم أن هذا المشروع يتم تغليفه بشعار طائفي مذهبي بدعوى مواجهة المشروع الإيراني (الرافضي المجوسي) وخطر تمدده في المنطقة.
وتعليقًا على الابتزاز الإسرائيلي نقلت وكالة رويترز أمس الأول عن مسؤول أميركي وصفته بالبارز تشديده على أن إدارة أوباما واثقة من التوصل إلى مذكرة تفاهم جديدة تلبي حاجات “إسرائيل” وتشكل رغم “أجواء الموازنة الحافلة بالصعوبات… أكبر تعهد بمساعدة عسكرية لدولة واحدة في التاريخ الأميركي”. ومضى المسؤول قائلًا للوكالة “بالتأكيد يعود لـ”إسرائيل” (خيار) انتظار الإدارة المقبلة لإبرام مذكرة التفاهم الجديدة إذا لم ترضَ بمثل هذا التعهد”. وأضاف “لكننا نحذر بأنه من غير المرجح أن تتحسن أجواء الموازنة الأميركية خلال العام أو العامين المقبلين، كما أن “إسرائيل” لن تجد رئيسًا أكثر التزامًا بأمنها من الرئيس أوباما”. وحسب مصدر بالكونجرس الأميركي قال إن المناقشات بخصوص مذكرة التفاهم ركزت على عرض أميركي بقيمة 3.7 مليار دولار.
إن تصريحات نتنياهو الهادفة إلى ابتزاز الولايات المتحدة بالحصول على أربعة مليارات دولار، والحصول بشكل منفصل على مئات الملايين لمشروعات عسكرية كمنظومة الدفاع الصاروخي، وانتظار وصول رئيس أميركي جديد إلى البيت الأبيض أكثر التزامًا بأمن كيان الاحتلال الإسرائيلي من أوباما، ليست بمعزل عن السياق العام في المنطقة وحالة التكالب على سوريا بضرب أي جهد ينشد الحل السياسي وإفشال مؤتمرات جنيف، ومحاولة تكييف نصوص بنود قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254) وفق الأجندات الصهيو ـ أميركية. فلا يزال الإسرائيلي هو من يقود “الكومبارس” وسائر الأدوات في المنطقة نحو التعطيل والتدمير والتفتيت؛ بانتظار رئيس أميركي جديد يحمل جينات الرئيس السابق جورج بوش “الصغير” ومتعطش للدماء والحروب الصليبية. لذلك، من الواضح أن عبارة “أكثر التزامًا بأمن كيان الاحتلال الإسرائيلي” ـ وبغض النظر عن استجابة واشنطن للابتزاز الإسرائيلي من عدمها ـ تحمل إشارات توجيهية لـ”الكومبارس” والأدوات كافة أن الرهان بات على الإدارة الأميركية القادمة قد تكون جمهورية يمينية متطرفة يمكن أن تقود حروبًا عسكرية مباشرة ضد سوريا، وترفض الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتعيد الأوضاع إلى مربعها الأول من الحصار والعقوبات والمواجهة الساخنة.
هل نفهم أن هذا المنطق الذي تهب رياحه من مكب النفايات الإسرائيلي أن أرض المنطقة وبخاصة أرض سوريا يتم تمهيدها بالأزمات والتوترات ودعم الإرهاب لإغراء وإغواء الرئيس الأميركي الجديد وإدارته للقيام بحماقة جديدة؟ كل المؤشرات اليوم تشير إلى أن هناك مراهنة كبيرة على الرئيس القادم وإدارته.
(المصدر: الوطن العمانية 2016-02-10)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews