السيارات المفخخة تصل الى الضاحية
عندما تشهد مصر مجزرة يروح ضحيتها اكثر من خمسين شخصا امام مقر الحرس الجمهوري في القاهرة، وعندما تصبح التفجيرات خبرا عاديا بالنسبة الى السوريين والعراقيين، فانه من السذاجة وقصر النظر القول بان لبنان سيظل محصنا من مثل هذا النوع من التفجيرات في ظل التوترات والصدامات الطائفية المتصاعدة على ارضه.
بالامس انفجرت سيارة مفخخة في قلب الضاحية الجنوبية معقل حزب الله الرئيسي في بيروت ولبنان باسره مما اسفر عن اصابة 53 شخصا، وتحطيم العديد من السيارات وتصدع مبان على مقربة من الانفجار.
استهداف الضاحية الجنوبية ببيروت ليس جديدا، علاوة على كونه متوقعا، فقبل شهرين تقريبا جرى اطلاق صواريخ من جهات ظلت مجهولة، وصدرت تهديدات من جهات تابعة للمعارضة السورية واخرى لبنانية سنية المذهب، بنقل المعركة الى معقل حزب الله بسبب مشاركته في الحرب السورية الى جانب قوات النظام السوري.
السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله اعترف في خطاب علني بارسال مقاتلين من حزبه للقتال في القصير التي استعصت على الجيش السوري لاشهر عديدة، وكان لهؤلاء المقاتلين دور كبير في استعادة المدينة من ايدي مقاتلي الجيش السوري الحر وبعض الجماعات الاسلامية المتشددة.
هذا التدخل العلني والمباشر من قبل حزب الله في الحرب السورية اثار غضب العديد من الجماعات السنية المتشددة سواء داخل لبنان او خارجه، الامر الذي ادى الى صدور دعوات بالانتقام، وكانت جماعة الشيخ الاسير في صيدا هي الاكثر وضوحا في هذا المضمار.
لبنان صمد طويلا، بل اطول من اللازم في نظر البعض، عندما لم ينجر بالكامل الى لهيب الحرب السورية، ويغرق في مستنقعها الدموي، وتفسير هذا الصمود هو خوف اللبنانيين، وهم الذين احترقوا بنيران حرب اهلية امتدت لحوالى 15 عاما، من عودة هذه الحرب، وخراب بلدهم، ومقتل الآلاف من ابنائه.
الازمة السورية ستتدحرج عاجلا او آجلا الى لبنان اذا لم يتم تطويقها والوصول الى حل سياسي تفاوضي لها في اسرع وقت ممكن، فلبنان هو بلد الطوائف، وهذه الطوائف لها امتداداتها في سورية، ولذلك من الصعب ان لا تتأثر بالحرب في الدولة الجارة.
انتقال السيارات المفخخة الى الضاحية الجنوبية امر مثير للرعب، وليس للقلق فقط، لان وصول هذه السيارات الى منطقة تعتبر الاكثر تحصينا وحراسة في لبنان يعني وجود جهات محترفة خبيرة تقف خلف هذه الاعمال، واستطاعت ان تحقق اختراقا امنيا على درجة كبيرة من الخطورة.
الفتنة الطائفية موجودة في لبنان، ولم تختف ابدا، ولكن ما حصل ان جمرها ظل تحت الرماد طوال السنوات الاربعين الماضية، والآن جاء من ينفخ فيها لاشعالها مجددا، وهي اذا اشتعلت ستحرق الاخضر واليابس.
المناشدة بضبط النفس امر محمود لتجنب الكارثة، ويظل السؤال هو مدى فاعلية هذه المناشدة في ظل انقسام سياسي، وعجز حكومي، وشارع محتقن ومتوتر طائفيا؟
ايام لبنان القادمة ستكون صعبة حتما، لكن الحياة تسير بشكل طبيعي في لبنان، وكأن الانفجار الاخير وقع في دولة اخرى وليس على حافة العاصمة بيروت، وهنا تكمن عظمة الشعب اللبناني وقدرته على التعايش مع الازمات.
( المصدر : القدس العربي )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews