السيارات المفخخة تفجر العراق الجديد
عندما تبدأ وكالة الصحافة الفرنسية مجددا في تشكيل وحدة خاصة لاحصاء عدد القتلى والجرحى في العراق، في ظل تصاعد اعمال التفجير والعنف في مختلف انحاء البلاد، فان هذا يعني العودة، وان كان ذلك بشكل تدريجي، الى الايام العراقية الاكثر دموية في تاريخ البلاد عامي 2006 و2007 حيث وصل عدد القتلى الى الآلاف شهريا.
بالامس قالت الوكالة ان خمسة وستين شخصا قتلوا في سلسلة من التفجيرات بسيارات مفخخة في مناطق تسكنها اغلبية من الطائفة الشيعية في بغداد مما يرفع عدد القتلى الى 350 شخصا منذ بداية الشهر الحالي.
البصرة في اقصى الجنوب وصلتها السيارات المفخخة ايضا بعد ان شهدت فترة من الهدوء، حيث قال متحدث باسم الشرطة ان تسعة اشخاص قتلوا اثر انفجار سيارتين ملغومتين قرب تجمع للعمال امام محل للشطائر، بينما قتل خمسة آخرون في انفجار داخل محطة للحافلات في ساحة سعد الشهيرة بالمدينة.
السيد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي يتحمل المسؤولية الاكبر لوقوع هذه التفجيرات، وارواح القتلى الذين سقطوا فيها باعتباره رأس الدولة اولا، ولفشله في تطويق حالة الاحتقان الطائفي المتصاعدة وهي في بداياتها، واعتماده الحلول الامنية ورفض الحوار مع خصومه، وخاصة في منطقة الانبار الميدان الاكبر للاعتصامات والاحتجاجات ضد نظام حكمه المتهم بالطائفية.
الغريب في الامر ان حالة الانكار ما زالت تهيمن على عقلية السيد المالكي، وتحكم تصرفاته، فقد صرح امس انه بصدد تغيير قيادات الاجهزة الامنية بسبب فشلها في التصدي للمتظاهرين، واحباط مخططات التفجير التي تسود البلاد.
الازمة سياسية بالدرجة الاولى، والتفجيرات الدموية هذه التي تحصد ارواح الابرياء هي احد اوجه هذه الازمة السياسية، ونتيجة مباشرة لها. ولكن السيد المالكي لا يريد ان يقرأ الخريطة السياسية في بلاده قراءة صحيحة توصله الى النتائج والقراءات الاصح ليضع الحلول اللازمة لتنفيس الاحتقان، واعادة الحياة لعملية سياسية ادت سياساته العقيمة الى تجميدها ان لم يكن نسفها.
غياب المشاركة في ادارة الحكم بين مختلف الطوائف والاعراق هو احد عناصر الاحتقان السياسي في العراق، واصرار السيد المالكي على استبعاد خصومه تحت ذرائع متعددة، بما في ذلك بعض احزاب طائفته نفسها، هو الذي عجّل بانفجار هذا الاحتقان على شكل احداث العنف التي نراها حاليا.
الشيخ عبد المالك السعدي القائد الابرز للحراك الشعبي السلمي في الانبار اضطر الى سحب مبادرته للحوار لان هذه المبادرة لم تجد التجاوب الذي تستحقه من السيد المالكي الامر الذي قد يؤدي الى اغلاق كل الابواب امام الجهود المبذولة لتهدئة الاوضاع وحقن دماء العراقيين.
لا يستطيع السيد المالكي ان يلوم اهل الانبار، فقد شارك هؤلاء في العملية الانتخابية، وانخرطوا في احزاب غير طائفية (القائمة العراقية) لاثبات حرصهم على وحدة التراب العراقي ورغبتهم الاكيدة في التعايش ولكن هذا الانخراط المسؤول اسيء فهمه وجرى اعتباره علامة ضعف، يجب ان تقابل باساليب القوة والتهميش.
المخرج الانجع من هذه الازمة هو تشكيل حكومة انتقالية تعد لانتخابات برلمانية عامة، تفرز حكومة جديدة تعيد الديمقراطية العراقية الى اصولها الحقيقية.
المشكلة ان السيد المالكي يريد ان يتزعم هذه الحكومة ويشرف على الانتخابات، الامر الذي يثير مخاوف الآخرين، وهم الذين فقدوا الثقة به، من حدوث تزوير. ولهذا من الصعب علينا تصور نهاية قريبة للازمة واحداث العنف الدموية هذه.
( القدس العربي )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews