عمالقة التكنولوجيا يتربصون بشركات الذكاء الاصطناعي
بفضل التقدّم في مجالات مثل تعلّم الآلات، يُنظَر إلى الذكاء الاصطناعي بسرعة على أنه واحد من أهم التكنولوجيات الجديدة للأغراض العامة: شيء يمكن استخدامه لتعزيز الناتج في أي عملية حوسبة تقريباً. لكن نقص المواهب في هذا المجال يعني أن الفجوة بين ما هو موجود وما هو غير موجود في عالم الذكاء الاصطناعي في خطر أن تُصبح أوسع.
من أعراض اتساع الفجوة شراء مايكروسوف الأسبوع الماضي لشركة سويفتكي Swiftkey البريطانية الخاصة، التي يستخدم تطبيق لوحة المفاتيح الخاص بها الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالكلمة التالية التي من المرجح أن يطبعها مستخدم الهاتف الذكي.
لقد تم تحميل التكنولوجيا على أكثر من 300 مليون جهاز، لكن شركة سويفتكي لم تكن قادرة على بناء عمل جذّاب بما يكفي حول التطبيق لجعله يستحق رفض عرض شركة مايكروسوف البالغ 250 مليون دولار.
وكان أصحاب رأس المال المُغامر في حالة بحث مستميت عن مواهب الذكاء الاصطناعي هذه، من أجل بناء الجيل التالي من شركات التكنولوجيا المستقلة. جيم براير، المستثمر المُبكر في فيسبوك، يقول إن جزءا مهما من عمله الآن ينطوي على محاولة إغراء أفضل العقول في مجال الذكاء الاصطناعي لرفض العمل لدى الشركات القائمة من أجل العمل في عالم الشركات الناشئة.
ووفقاً لبراير، لا توجد سوى مجموعة صغيرة من الجامعات في الولايات المتحدة، إلى جانب جامعتي أكسفورد وكامبريدج في المملكة المتحدة، تُخرج هذا النوع المطلوب من المواهب، على الرغم من أن جامعة تسينجهوا في بكين تعمل جاهدة على وضع نفسها على الخريطة العالمية.
لكن المرحلة الأخيرة من الإنتاج في مجال الذكاء الاصطناعي هي التي سيكون لها تأثير مباشر أكثر في حظوظ الشركات على مدى الأعوام الخمسة المُقبلة. وهذا يجعل عمليات الاستحواذ، مثل شراء مايكروسوفت لشركة سويفتكي - التي التقى مؤسِسوها في جامعة كامبريدج - بمثابة مؤشر مهم.
وليس من قبيل الصدفة أن الموجات الأخيرة التي حقّقتها جوجل في مجال الذكاء الاصطناعي تدين بالكثير لعمليات الاستحواذ على الشركات الناشئة. رئيسها الجديد لخوارزميات البحث، جون جياناندريا، وهو خبير في مجال الذكاء الاصطناعي مولود في اسكتلندا، جاء إلى شركة البحث من خلال عملية شراء قبل خمسة أعوام.
وجلب الأسبوع الماضي أخباراً عن وجود نظام من "ديب مايند" – وهي شركة بريطانية اشترتها جوجل قبل عامين - هزم البطل البشري في لعبة اللوحات Go. ونظراً لتعقيد التحدّي، أثارت الهزيمة اهتماما في قطاع الذكاء الاصطناعي.
العمل لدى شركة كبيرة في هذا القطاع يحمل جاذبية قد لا يشعر بها أصحاب المشاريع الآخرون في مجال التكنولوجيا. وإلى حد كبير اعتمد التقدّم في الأعوام الأخيرة على كثير من الكنوز الدفينة من البيانات والقدرة الحاسوبية الهائلة، وكلاهما مطلوبان "لتدريب" أنظمة تعلّم الآلات. والشركات الكبيرة تملك هذه الأشياء بصورة فائقة.
كذلك تملك المجموعات الكبيرة حوافز مالية قوية للمزايدة على أفضل العقول. مثلا، استخدام أنظمة أذكى لتعزيز أهمية الإعلانات على الإنترنت في جوجل بنسبة 1 في المائة فقط، يضيف ما يقارب مليار دولار إلى الإيرادات السنوية.
وبفضل انتشار الهواتف الذكية وخدمة السحابة، يقول براير إن الشركات الصغيرة تستطيع الآن بناء جماهير عالمية فورية كبيرة بما فيه الكفاية لجذب المهندسين الذين يريدون إحداث فرق في العالم - على الرغم من أن هذا لم يكُن كافياً لإبقاء شركات مثل سويفتكي مستقلة.
وتقدم الشركات الصغيرة أيضاً إمكانية فرصة العمل على تطبيقات جديدة بالكامل، بدلاً من الانجرار إلى مهمة أكثر رتابة في تعزيز العملية التجارية القائمة. لكن في الوقت الحالي، هناك مجموعة صغيرة من الشركات الكبيرة يبدو أنها تفوز في الحرب من أجل المواهب.
إذا كان هذا يُشير إلى اتساع فجوة الذكاء الاصطناعي في عالم التكنولوجيا على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، فينبغي أن تكون الأخبار أيضاً مثيرة للقلق بالنسبة للشركات في قطاعات أخرى. وأصبح من المعتاد الآن بالنسبة للمسؤولين التنفيذيين في جميع مناحي حياة الشركات إعلان أنفسهم أنهم شركات برمجيات في الوقت الذي يواجهون فيه ارتفاع تهديد التعطيل الرقمي.
لكن كم عدد الشركات التي ستتحوّل إلى شركات في مجال الذكاء الاصطناعي؟ باستثناء شركة آي بي إم، معظم شركات التكنولوجيا الكبيرة تستوعب هذه التكنولوجيا بداخلها وتستخدمها لتعزيز أعمالها، بدلاً من بيعها إلى شركات أخرى.
توماس واتسون، الذي بنى شركة آي بي إم لتُصبح واحدة من أقوى الشركات في القرن العشرين، غالباً ما يتم الاستشهاد به لأنه توقّع أنه لن يكون هناك طلب سوى على خمسة أجهزة كمبيوتر في العالم. ويبدو من شبه المؤكد أن حديث واتسون قد تم تحريفه، إلا أن القصة لطالما صمدت باعتبارها الأنموذج النهائي لقصر النظر في مجال التكنولوجيا.
لكن بالنظر إلى طموح زعماء الذكاء الاصطناعي اليوم، فإن تنبؤ واتسون يمكن أن يكون صحيحا منذ البداية وحتى الآن.
(المصدر: فايننشال تايمز 2016-02-09)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews