الذكاء الاصطناعي يتحول إلى أسلوب حياة

جي بي سي نيوز - لليوم لا يوجد جهاز كمبيوتر يفكر كالبشر، ولكن الذكاء الاصطناعي تطور خلال العقد الأخير تطورا مذهلا ودفع بالتكنولوجيا الى اتجاهات جديدة غريبة وممتعة احتلت أسلوب حياتنا، وبات المرء يعتمد عليها أكثر من اعتماده على ذكائه الخاص.
الذكاء الاصطناعي يعد سلوكا وخاصيات معينة تتسم بها البرامج الحاسوبية تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها. من أهم هذه الخاصيات القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة.
واليوم وبعد مرور أكثر من خمسين عاما على المسلسل "The jetsons" الذي وعد المشاهد في الستينيات من القرن الماضي بمستقبل مدهش؛ حيث تتم خدمة البشر من قبل الرجل الآلي، والسيارات الطائرة ومكالمات الهاتف بالفيديو وإحضار وجبة الطعام بكبسة زر، تبين أن هذا المسلسل كانت له رؤية مستقبلية واقعية، فلن يمر العام 2062 -وهو العام الذي سيتم الاحتفال به بذكر انطلاق المسلسل قبل قرن من الزمان- إلا وستكون كل مواصفات الحياة في هذا المسلسل واقعا حياتيا سواء من خلال المنازل التي تحتوي على أجهزة استشعار ذكية أو في وجود مدن ذكية تسهل الحياة وغيرها من التفاصيل التي ذكرت في المسلسل عدا ربما السيارات الطائرة التي قد تصبح سيارات قابلة للطي وقابلة للتخزين في حقيبة صغيرة للتغلب على مشكلة وجود أماكن اصطفاف.
وتوضح بروفيسورة الهندسة الإلكترونية في جامعة واشنطن ديان كوك، أن كثيرا من المنازل الموجودة حاليا في الدول المتقدمة تحتوي على أجهزة استشعار ذكية تجعل المنازل الذكية أمرا واقعيا وليس ضربا من الخيال.
ومنازلنا اليوم تستطيع أن تسخر المعلومات التي تستقيها من الأجهزة والمعدات وأجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية وأجهزة أخرى لتلبية احتياجات سكانها بشكل حدسي، وستلعب برامج الحاسوب دور عميل ذكي عن طريق استقصاء حالة المنزل البيئية وحال المقيمين من خلال أجهزة الاستشعار وتفسر هذه المعلومات باستخدام الذكاء الاصطناعي، لضبط درجة حرارة المنزل تلقائيا ولتحسين الإضاءة لتزيدها في حال كانت خافتة والعكس صحيح وتقوم بإطفاء الأجهزة أو تخفيض صوت التلفزيون في حال كان المقيمون في حالة نوم.
وتشير كوك إلى أن الذكاء الاصطناعي يبحث عن معلومات مفيدة حول سلوك المقيمين في المنازل وحالة المنزل للتصرف تلقائيا وفق هذه المعلومات، وتقول "سوف تتم الاستفادة من هذه المعلومات للاستعلام عن الحالة الصحية للمقيمين في المنزل الذكي وتحقيق أقصى قدر من الكفاءة في استخدام الطاقة، وكذلك تسهيل التواصل داخل الأسرة ومع العالم الخارجي".
وعكفت كوك مع مجموعة من زملائها على دراسة إمكانية تحويل تكنولوجيا المنزل الذكي الى واقع من أجل تمكين المقيمين في إسكان "هوريزن هاوس للمتقاعدين" في سياتل على العيش باستقلالية رغم كبر سنهم.
وقام باحثون بتثبيت العشرات من أجهزة الاستشعار في شقق بعض السكان لرصد الحركة، واستخدام الطاقة وغيرها من الظروف في المنزل، وكان نصف السكان يعانون من مشاكل إدراكية بحكم كبر السن، بينما كان النصف الآخر بصحة جيدة لا يشتكون من العلل.
ويستخدم الباحثون حاليا البيانات التي تم جمعها لإجراء الاختبارات المتعددة عليها من خلال برامج خاصة. وتقول كوك "يساعدنا في هذا البحث بعض من أطباء النفس السريري الذين يقومون بزيارة السكان مرة كل ستة أشهر لإجراء فحوصات طبية شاملة عليهم لتفقد صحتهم البدنية والنفسية والعقلية لأننا في الوقت الراهن نقوم بتصميم تقنيات لتحديد الارتباطات بين التغيرات السلوكية الصحية والتغيرات المعرفية والجسدية". وتتوقع كوك أن يتم تقديم تقرير عن النتائج الأولية في وقت مبكر من هذا الصيف.
وبناء منزل ذكي متكامل سيتبعه بناء مدينة ذكية تربط مواطنيها على نحو مماثل عن طريق الذكاء الاصطناعي، وهذه المدن سوف تعمل على دمج البيانات من مجموعة متنوعة من أجهزة استشعار مختلفة وضعت لتسجيل المعلومات حول عوامل مهمة في الحياة اليومية، بما في ذلك نوعية الهواء والأحوال الجوية ومن ثم الشروع في اتخاذ بعض الإجراءات إذا دعت الحاجة. ومن الأمثلة على ذلك ضبط توقيت الإشارات الضوئية لتحسين تدفق حركة المرور، أو إرسال رسائل للسكان تحذرهم من الخروج من المنازل بسبب أوضاع جوية مناخية أو بيئية معينة.
بالطبع سوف تصون المدينة الذكية خصوصية مواطنيها وسوف تراعي الظروف القانوينة والقضايا الأخلاقية وسيأخذ في الاعتبار البيئة والحريات التي تحميها الدساتير الديمقراطية.