الدول الناشئة: آفاق النمو 2016
اتسم عام 2015 بوقائع اقتصادية سلبية على النمو العالمي، وقد تحمل على أجنحتها توقعات غير سارة او قاتمة للعام الجديد على الدول الناشئة، حيث وقعت هذه الدول في مصيدة المديونية باختلاف جذورها الداخلية والخارجية المتمثلة في الاختلافات الهيكلية فيها (حجم الديوان، نسبة خدمة الديون من الناتج المحلي الأجمالي، طبيعة التصدير والاستيراد، امكانيات الانتاج والفساد المالي.. الخ)، ناهيك عن التقلبات الاقتصادية التي عصفت بالدول الصناعية وتراجع معدل النمو في الصين وانخفاض أسعار النفط.
لاشك ان تدشين نظام الصرف المعتمد على التقويم بين الدولار الأمريكي والعملات الأوروبية (اليورو، الجنية الاسترليني) والين الياباني والاندماج المتزايد للأسواق المالية، خلق عوامل عدم استقرار وأدوات ضغط جرت إلى تضخم الأزمات المالية في الدول الناشئة، وخير أمثلة على ذلك ما تعرفه البرازيل والارجنتين من انعكاسات المديونية حتى أصبحت ثمار حرية حركة رؤوس الأموال وإلغاء الأسعار الرسمية للصرف عائقاً لفاعلية السوق، إضافة إلى ذلك عجزت العملات الوطنية أن تلعب وظيفة العملة العالمية في الأسواق المالية.
كانت الأزمة الاقتصادية والمالية التي اندلعت في عام 2008، فرصة مؤاتية لخلق سيولة كبيرة من العملة الأمريكية عن طريق برنامج التسيير الكمي الذي ساهم في تحريك عجلة الاقتصاد الامريكي واغراق الدول الناشئة برؤوس أموال رخيصة، إلا أن رفع معدل الفائدة الامريكية ستؤدي إلى تغير مجرى تدفق الأموال وهجرتها لأمريكا، اضافة إلى زيادة عبء خدمة الديون.
إن ابتعاد الولايات المتحدة الأمريكية عن نظام قابلية تحويل الدولار الى ذهب أدى الى تحويل العالم لنظام جديد هو الدولار الورقي وأصبح الدولار الأمريكي العملة الاحتياطية لبقية دول العالم من جهة وتحول الاقتصاد العالمي سوقاً لهذه العملة الورقية من جهة ثانية.
إن تزايد دور الدولار الأمريكي في الاقتصاد العالمي يخالف في بعض الاحيان ما فقده من تأثير على مستوى المبادلات التجارية العالمية، حيث كان تفسير ارتفاع سعر الدولار في بداية الثمانينات مخالفة للتفسيرات السابقة، حيث عرف الاقتصاد الأمريكي تدهوراً نسبياً لصالح اليابان وألمانيا الغربية. لهذا خرجت أمريكا من هذا المأزق لضبط الاقتصاد عن طريق ترويض التضخم بفرض قيود على عرض النقد وعدم التركيز على أسعار الفائدة قصيرة الأجل ويعتبر ذلك أهم تغيير في السياسة الاقتصادية خلال خمسين سنة في ذلك الوقت.
إلا أن بداية التسعينات استخدمت أمريكا استراتيجية «الدولار الضعيف» التي فتحت الباب لتدفق الاستثمارات اليابانية والألمانية عليها، والتي أعطت الدولار القوة وساهمت في ترويض الاندفاع التجاري الياباني في تلك الفترة وإزاحة حواجز عديدة للدخول للأسواق العالمية.
لهذا يعيش العالم من «رهاب» الدولار فتراجعه أو صعوده يفقد الدول الناشئة توازنها المالي والاقتصادي، ولن تكون السنة 2016، كما يبدو في الأفق لمجموعة هذه الدول، إلا صعبة لتدهور اسعار المعادن والنفط وارتفاع قيمة الدولار «امبراطور العملات» العالمية.
(المصدر: الايام 2016-01-10)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews