أتلانتك مونثلي: ماذا عن السنة في إيران؟
كتب الصحافي ديفيد غراهام في موقع مجلة "ذا أتلانتك" عن وضع السنة في إيران. وقال إنهم يمثلون غالبية المسلمين في العالم، لكنهم يعدون في إيران أقلية مضطهدة.
ويقول الكاتب إن إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر لفت الأنظار للأقلية الشيعية في السعودية، كما أبرز هذا في مقال له يوم الثلاثاء، وتساءل: ماذا عن السنة في إيران؟ فرغم كون إيران ترتبط بالشيعة في العالم، كارتباط السعودية بسنة العالم، إلا أن نسبة 9% من سكان إيران الشيعية هم من السنة.
ويشير التقرير إلى ما كتبه مارك لينتش عن التنافس السعودي والإيراني، الذي يتغذى من الإعدامات، خاصة نمر النمر. مستدركا بأنه رغم ما يقال بأن اندلاع الموجة الأخيرة هي نتاج للتنافس التاريخي القديم بين الطائفتين، إلا أن المعركة القائمة بين الطرفين تستخدم الطائفية من أجل تحقيق المصالح المحلية والسياسة الخارجية. ويقول لينتش إن الطائفية اليوم مستعرة، ولكن بسبب السياسة. وبعيدا عن هذا، فإن النزاع بين الدولتين يضع قيودا على الأقليات في كلتيهما.
وتقدم المجلة في هذا الاتجاه عرضا سريعا للطريقة التي أصبحت فيها إيران شيعية، حيث كانت فارس في معظمها سنية، ولكنها وقعت في بداية القرن الساس عشر تحت حكم العائلة الصفوية، التي أجبرت سكان المنطقة على التحول من المذهب السني إلى الشيعي، حيث أصبح المذهب الرسمي لما يعرف اليوم بإيران. ورافقت عملية تغيير المذهب حملة قمع ضد السنة، ومع مرور الوقت أصبح السكان كلهم من الشيعة.
ويلفت غراهام إلى أن من تبقى من السنة اليوم في إيران هم من غير الفرس، فهم إما عرب أو تركمان وأكراد وبلوش. وهو ما يجعل من الصعوبة بمكان فصل عملية التمييز العنصري عن عرقهم، بحسب تقرير وزارة الخارجية الأمريكية. ويعيش معظم السنة في مناطق فقيرة وبعيدة عن المركز، ما يجعل من الصعب تحديد فيما إذا كانت الخدمات الفقيرة للحكومة سببا في الطائفية أم لا.
ويجد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أنه مع ذلك، فإن حالة الحريات الدينية في إيران ليست جيدة.
وبحسب تصنيف مركز "فريدوم هاوس" (بيت الحرية) فإن الحياة الدينية في إيران ليست "حرة"، وعادة ما يأتي ترتيب إيران في أسفل القائمة في تقرير المركز السنوي.
وتبين المجلة أنه بالإضافة إلى السنة، فإن هناك أقليات أخرى غير مسلمة ولكنها صغيرة، مثل اليهود والمجوس والبهائيين والمسيحيين. وبالمقارنة مع هذه الأقليات، فإن السنة يحظون بحماية قانونية أكبر. فالدستور الإيراني يعترف بالمذاهب السنية كونها مصدرا للتشريع في قضايا الأسرة والتعليم الديني، ويمكن للسنة الترشح للبرلمان، مع أنهم لا يحظون بعدد المقاعد القليلة المخصص للأقليات الدينية.
ويذكر الكاتب أنه من الناحية العملية، يبدو وضع السنة أقل أمنا، فبنهاية عام 2015، كشف تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن سجن المئات من أبناء الأقليات الدينية، ومنهم أبناء السنة، مشيرا إلى أنه رغم وجود مليون سني في طهران، إلا أنه لا توجد مساجد لهم. ولاحظت وزارة الخارجية الأمريكية، في آخر تقرير لها عن حالة الحريات الدينية، أن قادة دينيين تحدثوا عن منع الأدبيات السنية ومنع تدريسها في المدارس العامة، كما تم منع بناء مساجد ومدارس جديدة.
ويقول التقرير: "هناك تقارير عن ملاحقة السنة والتحرش بهم. إذ أشارت الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران إلى تقارير ناشطين عن اعتقال السلطات 26 عربيا في الأهواز في يوم 26 شباط/ فبراير، واتهمتهم بالتحول من المذهب الشيعي إلى السني، واعتقلتهم دون مذكرة اعتقال، وداهمت بيوتهم، واحتجزتهم في وزارة الأمن. وبحسب وكالة أنباء ناشطي حقوق الإنسان (هارانا)، فقد حكم على كل من محمد كيان كريمي وأمجد صالحي وعوميد بايفاد بالإعدام في 4 أيار/ مايو، بتهمة (معاداة الله ونشر البرباغندا ضد النظام)".
وتورد المجلة أنه بالإضافة إلى هذا، فقد تحدث إيرانيون سنة عن مداهمات قامت بها السلطات على أماكن العبادة، وعن منعهم من الاحتفال بعيد الأضحى عام 2014. وفي الصيف الماضي تم تدمير مركز عبادة سري للسنة في طهران.
ويكشف غراهام عن أن السنة ردوا على هذا القمع باعتناق السلفية، وذلك بحسب الزميل الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مهدي خلجي، مشيرا إلى أن شبكة الإنترنت سمحت للسلفية بالانتشار في داخل البلاد. وفي مقاله الذي كتبه عام 2013، قال خلجي: "وهذا واحد من الأسباب التي لا يسمح فيها النظام للسنة ببناء المساجد في طهران وغيرها من المدن الكبرى؛ وذلك لخوفه من استخدامها لتجنيد الشيعة الشباب المحبطين من الجمهورية الإسلامية".
وينوه التقرير إلى أنه نظرا لارتباط السلفية بالسعودية، المنافس الرئيسي لإيران، فإن الحنق بين العرب الإيرانيين والأكراد والبلوش يجعل من نمو السلفية في إيران تهديدا للنظام.
وبحسب المجلة، فقد وعد الرئيس حسن روحاني أثناء حملته الرئاسية عام 2013، بتحسين الحريات الدينية والتسامح، ولهذا صوت له الكثيرون في المناطق ذات التمثيل السني الكبير. وكرر روحاني كلامه بأنه يريد تحسين العلاقات السنية الشيعية. ولكن تقرير اللجنة الأمريكي السنوي حول الحريات الدينية العالمية، توصل إلى نتيجة مفادها أن "الرئيس روحاني لم يف بوعوده الانتخابية بتقوية الحريات المدنية أو دعم الأقليات الدينية"، وأشار إلى تزايد عدد السنة الذين يسجنون بسبب معتقداتهم الدينية.
ويقول الكاتب إن صعود تنظيم الدولة ونمو السلفية لن يدفعا الحكومة للانفتاح على السنة. ففي تشرين الثاني/ نوفمبر، قالت السلطات الإيرانية إنها فككت خلية للتنظيم في مناطق الأكراد السنة بغرب إيران.
ويختم غراهام تقريره بالقول: "إن التوتر الجديد مع السعوديين يؤشر إلى حياة صعبة للسنة في إيران في المستقبل القريب".
أتلانتك مونثلي 2016-01-07
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews