الأزمة السعودية ـ الإيرانية… الحرب ستبقى باردة
بينما تجدنا منشغلين وقلقين من إرهاب السكاكين وفي البحث عن منفذ العملية من شارع ديزنغوف، تحتدم نقطة مواجهة اخرى في احدى المناطق الاكثر قابلية للاشتعال بمعنى الكلمة الحرفي ـ الخليج العربي. ففي الاسبوع الماضي اعدم في السعودية رجل الدين الشيعي الاكبر في الدولة، رغم تحذيرات زعماء إيران من آثار الفعلة.
وبالفعل، لم يتأخر الرد الإيراني: فقد احرقت وسلبت ونهبت السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد، وفي اعقاب ذلك قطعت العلاقات بين الدولتين.
لقد لاحت عملية التدهور بين الدولتين مع اقامة الجمهورية الإسلامي الشيعية في إيران في 1979. فصعود نظام ديني شيعي متطرف ذي تطلعات استثنائية تتجاوز الحدود الإيرانية إلى الحكم، شكل تحديا هاما للانظمة السنية في المنطقة، وبما فيها القيادة في السعودية، ذات الخط الديني السني.
غير قليل من ذرى التوتر بين الدولتين في الـ 37 سنة الاخيرة. ويمكن أن نذكر منها الدعم السعودي للعراق في اثناء الحرب الإيرانية العراقية، موت مئات الحجاج الشيعة الإيرانيين في اثناء الحج في 1987 والعملية في خوبر في 1996. لا شك أنه في اعقاب «الربيع العربي» اشتد التوتر أكثر فأكثر، والتعبير عن ذلك يمكن أن نجده في الاجتياح السعودي للبحرين في 2011 لاحباط التمرد الشيعي هناك وفي الجولة الجديدة من المواجهة التاريخية الشيعية ـ السنية، ولا سيما في سوريا، العراق واليمن.
لماذا قررت القيادة السعودية الان اتخاذ عمل هو مثابة «صب الزيت على النار»؟ الجواب يكمن ربما في حقيقة أنه يحتمل ان يكون احتدام النزاع يخدم في النظرة السعودية مصالحها. اما إيران، التي حتى الاتفاق مع الغرب في تموز 2015 كانت منعزلة وتحت عقوبات شديدة، فتقف الان امام ازالة هذه العقوبات وعودتها إلى حضن أسرة الشعوب. وهي تشارك في المحادثات لحل الازمة في سوريا، وزار بعض الوزراء من الدول الغربية طهران، وثمة احاديث عن انضمامها لمنظمة التجارة العالمية. واضافة إلى ذلك تعتبر إيران في نظر العالم الغربي كاحدى القوى المركزية التي يمكنها أن توقف داعش.
امكانية ان تحظى إيران بمكانة اقليمية ودولية افضل مما في الماضي لا تروق للسعوديين. ولهذا السبب، يحتمل أن يكون تشديد الكفاح ضدها بالذات من شأنه أن يؤدي بالإيرانيين إلى اتخاذ اعمال يكون فيها ما يجدد العقوبات ضدها.
يحتمل أيضا ان يكون النفط يلعب دورا في اعتبارات السعودية. فبينما تتضخم نفقاتها (كلفة الحرب في اليمن، الدعم للجهات السنية في الصراع الشيعي ـ السني، شراء سلاح متطور، مشاريع تنمية ومساعدات، البطالة المستشرية في اوساط الشباب)، سعر النفط الذي على اساسه تقوم مداخيلها ـ يوجد في انخفاض مستمر. كل هذه أدت إلى عجز كبير وخفضت احتياطات السعودية من العملة الصعبة والخوف هو أن تصفى تماما في غضون خمس سنوات. اما تشديد المواجهة فكفيل بان يرفع مرة اخرى اسعار النفط الامر الذي سيمنح النظام السعودي الهواء للتنفس.
لاي اتجاه يمكن ان تتطور جولة التوتر الحالية؟ لا يمكن لاي منهما ان تسمح لنفسها بالدخول في مواجهة مباشرة. وعليه، فمعقول الافتراض بانه ستستمر وربما تزداد المساعدة التي تقدمها كل واحدة منها للميليشيات والحليفات الاقليميات. معقول الافتراض بان هذه المواجهة لن تسرع المحاولات لانهاء القتال في سوريا واليمن، حيث توجد إيران والسعودية على جانبي المتراس.
سؤال آخر هو ماذا ستفعل باقي الدول العربية في الخليج الفارسي. فالبحرين اختارت منذ الان جانبا وأعلنت عن قطع علاقاتها مع إيران.
عُمان ستفضل البقاء حيادية وستحاول الابقاء على مكانتها كوسيط. من بين الثلاثة المتبقية فان الامارات ستؤدي في نهاية المطاف السعودية، قطر ستحاول الحفاظ على علاقاتها مع الطرفين، وكلما تعلق الامر بالكويت، يبدو أنها هي ايضا ستحاول قدر الامكان التسويف في الوقت لعدم اتخاذ القرار.
(المصدر: يديعوت 2016-01-05)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews