ماذا تحمل 2016 لصناعة النفط والغاز؟
إن محاولة التنبؤ بالاتجاهات المستقبلية لأسعار النفط يعد أمرا صعبا وفي أكثر الأحيان كانت النتائج مخيبة للآمال، وخصوصا عندما نتجاهل الحقائق والأرقام ونعتمد على الأمل والتمني. قبل عام وبعد قرار "أوبك" بعدم خفض إنتاج النفط مفضلة الدفاع عن حصتها السوقية، توقع عديد من مختصي صناعة النفط، المحللين وكبار المديرين التنفيذيين تعافي وارتفاع أسعار النفط في وقت قصير. لذلك، كان رد فعل صناعة النفط والغاز على الانكماش الحالي ليس سريعا بالدرجة التي ينبغي أن تكون عليها، فكانت النتائج في كثير من الحالات كارثية.
بعد أيام قليلة سوف نغلق الباب على عام 2015 ونستقبل عاما جديدا. وانتهى اجتماع "أوبك" الأخير الذي طال انتظاره، واطلع الجميع على نتائجه التي تشير بصراحة إلى أن المنظمة لن تقدم على خفض مستوى إنتاجها الفعلي الحالي ما لم تتعاون باقي الدول المنتجة من خارج المنظمة. في ضوء هذه المستجدات تبرز مجموعة من التساؤلات المتعلقة بصناعة النفط والغاز وعما إذا كان عام 2016 سيكون كعام 2015 أو سنة أفضل للصناعة.
على سبيل المثال، أين ستتجه أسعار النفط في العام المقبل؟ وكيف سيكون حال توقعات العرض والطلب في عام 2016، وهل يمكن أن يتغير مجرى الأحداث؟ بصورة عامة، ماذا يحمل عام 2016 لصناعة النفط والغاز من تطورات؟ يتطلع عديد من شركات النفط والغاز، المستثمرين والمختصين إلى الحصول على إجابات على مثل هذه الأسئلة وغيرها.
بالتأكيد هو غير واقعي أن نعطي ببساطة رقما محددا لجميع هذه التساؤلات. لكن، عند النظر إلى الصورة الأكبر والأعم ونأخذ بعين الاعتبار الأهداف الطويلة المدى للمنتجين من داخل منظمة أوبك وخارجها على حد سواء، يمكن تحديد نطاق للأسعار وصورة عامة عن توقعات العرض والطلب.
من جهة، تركز "أوبك" حاليا على حماية حصتها السوقية – من غير المرجح أن تتغير هذه السياسة ما لم يكن هناك تعاون مع باقي المنتجين. من ناحية أخرى، من الواضح جدا أن الهدف الطويل المدى للمنتجين خارج "أوبك" مثل الولايات المتحدة التي تنتج النفط الصخري هو محاولة الصمود في ظل انخفاض أسعار النفط الحالي من خلال خفض التكاليف والاعتماد على الابتكار والتكنولوجيا التي تمكنها من رفع الكفاءة وخفض تكاليف الإنتاج. بأخذ هذه الأهداف الطويلة المدى للمنتجين من داخل المنظمة وخارجها بعين الاعتبار، من الممكن الآن أن ننظر إلى الصورة الشاملة للحصول على تصور أكثر وضوحا عما ستكون عليه أسعار النفط في عام 2016.
تحرك "أوبك" في الوقت الحاضر لدعم أسعار النفط يعتمد على تعاون الدول غير الأعضاء في المنظمة لخفض الإنتاج وقد أوضحت المنظمة موقفها هذا بصورة جلية في اجتماعها الأخير. وهذا يعني أن "أوبك" لن تخفض إنتاج النفط ما لم يتفق المنتجون من خارج المنظمة على التعاون أيضا في خفض الإنتاج. من المهم جدا هنا أن ننوه إلى أنه من المستبعد جدا أن ترتفع أسعار النفط إلى مستويات 80 دولارا للبرميل مرة أخرى حتى لو تعاون المنتجون من خارج "أوبك" معها لخفض الإنتاج. السؤال هنا لم لا؟
السبب واضح جدا هنا، أنه بخصوص الاستراتيجية الطويلة المدى. حيث إن عودة ارتفاع أسعار النفط - على وجه الدقة، عودة الأسعار إلى مستويات أعلى من أسعار تعادل المنتجين عالي الكلفة مثل منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة – يعني إعطاء المنتجين من خارج أوبك الفرصة للعودة لرفع الإنتاج وتحقيق مكاسب كبيرة. وهذا يشكل تهديدا على المدى الطويل لمنتجي النفط التقليديين مثل دول منظمة أوبك. ما تقوم به "أوبك" الآن هو محاولة إبقاء أسعار النفط عند مستويات يستطيع فيها أعضاء المنظمة تحقيق أرباح ومنافسيهم لا – هذه هي الطريقة الوحيدة التي تمكنهم من الحفاظ على حصتهم السوقية. من هذا نستنتج أن ارتفاع الأسعار لفترة طويلة يشكل تهديدا على المدى الطويل للمنظمة. في الوقت الذي تسعى فيه "أوبك" إلى المحافظة على حصتها السوقية، يواجه منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة واقعا قاسيا. في ظل انخفاض أسعار النفط الحالي، يتعرض عديد من منتجي النفط الصخري إلى خسائر مالية، لكن على ما يبدو أنهم يرون أنه من الأفضل لهم انتظار أسعار النفط لترتفع على الخروج من السوق. حيث يعتمدون على عدة عوامل من شأنها أن تدفع الأسعار للارتفاع مثل قوة النمو الاقتصادي الناجم عن انخفاض أسعار النفط، زيادة الطلب وانخفاض المعروض بسبب انخفاض الاستثمار في المشاريع الاستخراجية. ولكن في ظل الظروف الحالية هذا سيستغرق وقتا طويلا، حيث إن النمو الاقتصادي بطيء، الطلب متلكئ ووفرة المعروض مستمرة في أسواق النفط.
بغض النظر عن مدى تعقيد الوضع، وحقيقة أن أسعار النفط لا يمكن التنبؤ بها، إلا أن النتيجة واضحة. عودة ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات أعلى بكثير من أسعار تعادل منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة يشكل تحديا على المدى الطويل لـ"أوبك" لأن ذلك يهدد حصتها السوقية. من ناحية أخرى، من غير المرجح تراجع أسعار النفط دون 30 دولارا للبرميل لأن "أوبك" ستخسر كثيرا. وعليه فإن أسعار نفط عند مستويات بين 35 و 70 دولارا للبرميل يعد نطاقا محتملا على المدى القصير.
(المصدر: الاقتصادية 2015-12-23)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews