سورية جبهة صراع عالمي بين الكتلة الشرقية والكتلة الغربية
الشعب السوري منقسم ومنشق كما لم يكن قط، لكن السوريين يتفقون على أمر واحد فقط وهو ان اسرائيل هي التي أشعلت الثقاب الأول الذي أشعل هناك الحرب الأهلية الفظيعة. إن كراهية اسرائيل لا ينافسها سوى كراهية امريكا التي تستعمل مرجعيتها على العالم العربي.
بعد سنتين ونصف السنة من نشوب الحرب الأهلية أصبحت تجري هناك حرب فظيعة في ثلاث دوائر. أما الدائرة الاولى فهي جزء من الحرب الباردة بين روسيا وايران بدعم من الصين من جهة، والدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة من جهة اخرى، وبدأ ذلك بمساعدة وتهديدات وتطور ليصبح تدخلا عسكريا مباشرا.
والدائرة الثانية هي الصراع التاريخي بين الشيعة وأهل السنة. وقويت هذه الدائرة حينما انضم حزب الله بأمر من ايران انضماما فاعلا الى المعارك، ورجح كفة النظام، وقد يكون ذلك نتاج التدخل المالي والعسكري من السعودية وقطر السنيتين لمساعدة المتمردين.
وأما الدائرة الصغرى بين الثلاث فهي نضال الاسلاميين لنظام الاسد العلماني. لا شك في ان التمرد الداخلي في سورية تأثر بميدان التحرير الذي ولد عنه التعبير المثير للسخرية ‘الربيع العربي’. لكنه لا يشبهه البتة فلم يسع التمرد السوري الى الديمقراطية، بل الى تغليب الاسلام والشريعة الاسلامية. وخرج المتمردون من حماة وحمص لينتقموا لآبائهم الذين ذبحهم الاسد الأب. وانضم الى المنتقمين ناس من الأرياف من درعا في الجنوب الى دير الزور في الشمال وهي أرياف أُهملت لسبب بسيط، وهو ان النظام فضل الانفاق على جيش مدرب مسلح بصواريخ سكاد وبسلاح كيميائي، وعلى اكاديمية استوعبت عشرات الآلاف من السنيين، من دون دفع أجور وأجرت عليهم العلمنة المباركة التي عرّفها حزب البعث بأنها مساواة دينية وطائفية وعروبية. وما زال هذا الحزب هو الأساس الصلب للنظام، وقد أنقذ سورية من الشريعة الاسلامية ولذلك يباركه أكثر السوريين ويُجلونه. وبرهنت انتخابات مجلس الشعب قبل سنة على ذلك بوضوح.
إن أخطر شيء هو أن آلاف المتطرفين الغُلاة الذين جاءوا من كل الدول المسلمة وبعضهم اعضاء في حركات اسلامية مثل القاعدة وأكثرهم أفراد مُنتشون بالحروب يدورون حول الدوامة المذكورة. إن وجودهم على الارض يضعضع قدرة المتمردين على العمل بنظام ومنطق وضمان بديل عن النظام.
إن اسرائيل التي كانت على يقين مدة سنتين من سقوط الاسد ونظامه بدأت تدرك الوضع على حقيقته. صرح وزير الدفاع يعلون في باريس تصريحا ذكيا قال فيه إن اسرائيل لن تتدخل ولن تهاجم إلا اذا هوجمت. وهذا منطقي في مواجهة نظام عقلاني. لكن ماذا سيحدث اذا بلغت واحدة من مجموعات المتمردين الى اليأس وتغلبت كراهيتها للاسد على كراهيتها لاسرائيل؟ إنها قد تهاجمنا عن عمد كي تضطرنا الى الوفاء بهذا الالتزام والقضاء على النظام السوري.
وأوقفت امريكا في وضع مشابه حينما رسمت خطا احمر هو استعمال السلاح الكيميائي. إنها لن تدخل الى حرب اخرى بعد افغانستان والعراق، اللذين كلفاها كل واحد تريليون دولار. وتدرك روسيا هذا وهي التي أصبحت اللاعبة الرئيسة على الارض. وهذه فرصة حياة بوتين ليبرهن على ان روسيا هي الاستمرار الطبيعي للاتحاد السوفييتي العظيم.
إن الصدام بين الكتلة الشرقية والكتلة الغربية على ارض سورية النازفة هو صراع لي أيد له صيت سيئ من الحرب الباردة في القرن الماضي.
ويُراد لي اليد لا كسرها، لكنه مع حماسة الفعل يأتي الى سورية جنود وصواريخ وطائرات بلا طيارين، عدد منها على الحدود الاردنية وعدد آخر في سماء سورية، ويبلغ عدد آخر الى هدفه وأخرى الى مجموعات لا سيطرة عليها. وللشرق والغرب بالقرب من المكان ‘دوريات ممتازة’ مستعدة ومتحمسة للعمل، لكنها تعلم انه اذا أُعطيت حرية عمل كاملة فقد يتطور ذلك ليصبح حربا عالمية لا يريدها أحد.
آمل من أعماق قلبي ألا يفتح أبناء أحفادي في يوم ما كتاب التاريخ ويقرأون: ‘بدأت الحرب العالمية الثالثة في سورية’.
( المصدر : صحيفة يديعوت العبرية )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews