أزمة الاقتصاد .. والمحافظ الجديد
أزمات الاقتصاد المصري تمثل تحديات ضخمة أمام محافظ البنك المركزي الجديد، على المستويين الداخلي والخارجي، خاصة بعد التراجعات التي تعرض لها الاحتياطي النقدي وفقد نحو 1.7 مليار دولار في فترة سريعة في ظل تحديات أمنية وسياسية واقتصادية وضغوط داخلية وخارجية من قوى بعينها، وما تخلفه تلك التحديات من آثار وانعكاسات سلبية على معدلات النمو بالتزامن مع تزايد الأعباء علي الحكومة، فالملفات شائكة ومتداخلة بداية من سوق الصرف وسوءه، والتضخم وتضخمه، والاستيراد وزيادته، والصادرات وتناقصها، والقروض وفوائدها، وهي تحديات اقتصادية قديمة - جديدة يمكن تحويلها إلى أهداف ينبغي العمل على تحقيقها خلال الفترة القادمة، ولا أعتقد أن المحافظ الجديد للبنك المركزي سوف يغيب عنه ذلك، فهو يحتاج إلى تجميع مدخرات دولارية لإعادة ضخها واستخدمها في تغطية احتياجات المصنعين والمستوردين من العملات الصعبة، وضبط منظومة سوق الصرف والقضاء على السوق السوداء للعملة، وهذا يتطلب ضبط منظومة الأسعار والعمل على استقرارها، وضرورة التنسيق بين الجهات الاقتصادية، خاصة طرفي السياستين النقدية والمالية ومجلس التنمية الاقتصادية، لتحسين إدارة الاحتياطي من النقد الأجنبي، في ظل تركيبته الحالية التي غالبيتها ودائع من دول خليجية، والتوقف شبه التام للمساعدات الخليجية، وتراجع موارد الاستثمارات والسياحة من 7 مليارات إلى 3.5 مليار دولار،الأمر الذي يتطلب مهارات وخبرات مالية عالية تمكن من إعادة هيكلة مكونات الاحتياطي النقدي من موارد رئيسية مثل الاستثمار الأجنبي والسياحة والصادرات وتحويلات المصريين بالخارج وعائدات قناة السويس وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية والسلطات المالية للدولة، بعد أن تراجع بالفعل إلى نحو 16 مليار دولار بنهاية الشهر الماضي، ولابد من الاعتماد على الذات، وتنمية موارد البنوك من العملة الصعبة عبر حلول غير نمطية، بعيدا عن الاستعانة بأرصدة البنوك الحكومية في الخارج واحتياطياتها من العملة الصعبة، من خلال زيادة التنافسية في القطاع المصرفي، عبر طرح منتجات وخدمات مصرفية تلبي احتياجات المواطنين وبالتالي زيادة قاعدة المتعاملين مع البنوك، وتطوير خدمات البنوك عبر تطبيقات الهاتف المحمول والتي تعد تحديات هامة في ظل سباق عالمي كبير نحو تحسين تلك الخدمات، إلى جانب ضبط مستويات التضخم الذي ارتفع لمستوى 5.61% بنهاية شهر أغسطس الماضي ومستويات الأسعار والسيولة النقدية والائتمان، لحماية الجنيه المصري الذي تراجع بنسبة 12% أمام الدولار منذ بداية العام، على أمل تعزيز تنافسية الصادرات، والسياحة، وجذب استثمارات أجنبية مباشرة، ولكن قد يتعرض الجنيه المصري لمزيد من التدهور إذا رفع البنك الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة على الدولار مع بداية العام، والتي سوف تؤثر سلبا على معظم الاقتصادات الناشئة وأسواق المال التي تعرضت لتخفيض عملتها الرئيسية أمام الدولار، لدعم صادراتها وسط مخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي وقيام الصين بتخفيض اليوان بمقدار 2% في أغسطس الماضي، نتيجة تراجع قطاع الصناعة وانخفاض الطلب، لأن رفع الفائدة الأمريكية سيرفع تكلفة الديون الخارجية في الدول التي تعتزم طرح سندات أو صكوك دولية لسد العجز المتوقع في ميزانياتها، نظرا لارتفاع نسبة الفائدة على هذه الإصدارات، والذي يصاحبه هروب العديد من المستثمرين من أسواق المال بعد تصفية محافظهم للاستثمار في العملة الأمريكية، خاصة مع استمرار عدم رفع الحد الأقصى للإيداع في البنوك بالنسبة للدولار، الذي فرضه محافظ البنك المركزي السابق بما لا يزيد على 10 آلاف دولار، هو مبلغ زهيد، وأثبت فشله الذريع. وتبقى الإشكالية، هل ينجح المحافظ الجديد للبنك المركزي في تنفيذ مجموعة من الحلول السريعة، التي يجب على الدولة اتباعها، مثل رفع حد الأقصى للإيداع بالنسبة للدولار، واتخاذ التدابير والسياسات الاقتصادية الواضحة من أجل تشجيع المناخ الاستثماري، وجدولة الديون الخارجية، التي سجلت مؤخرا 39.853 مليار دولار، بالإضافة إلى المساعدة في حل أزمة الدين المحلي والذي سجل ما يزيد على 2 تريليون جنيه.
(المصدر: الشرق القطرية 2015-12-02)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews