التنمية في اقتصاد المعرفة
ظهر مفهوم اقتصاد المعرفة في السنوات الأخيرة، كفرع جديد من فروع العلوم الاقتصادية، حيث يقوم أساساً على الثورة المعلوماتية التي اختزلت كل الإنجازات البشرية من اختراعات وإبداعات وابتكارات طوال تاريخها. وأصبحت امتداداً للثورات الزراعية والصناعية التي اجتاحت العالم، وهي نتاج التوظيف لتقنيات الإعلام والاتصال والمعلومات في مجمل الأنشطة العلمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية. فاقتصاد المعرفة يقوم على فهم جديد أكثر عمقاً لدور المعرفة في تطور الاقتصاد وتقدم المجتمع، حتى أصبح المورد الاستراتيجي الجديد في الحياة الاقتصادية والمكمل للموارد الطبيعية ورأس المال، والأيدي العاملة ذات الكفاءة العالية. فتأثير المعرفة في الحياة الاقتصادية في ظل ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بات واضحاً للجميع، والمعرفة أصبحت مورداً أساسياً من الموارد الاقتصادية، حيث تشير الإحصاءات الى أن حجم صناعة المعلومات في العالم بلغ أكثر من ثلاثة تريليونات دولار، وهذا الرقم يمثل نصف الناتج القومي للدول الصناعية. فالاقتصاديون يركزون على تقديم ثورة تكنولوجيا المعلومات كفرصة للتطور الاقتصادي والمعرفي، الذي يتيح تشكيل قاعدة راسخة للتنمية الاقتصادية. ويرى كثيرون أن العالم أصبح يتعامل فعلاً مع صناعات معرفية تكون الأفكار منتجاتها والبيانات موادها الأولية، والعقل البشري أداتها، حتى باتت المعرفة المكون الرئيسي للنظام الاقتصادي والاجتماعي المعاصر. وقد ظهرت مفاهيم جديدة كالاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية، التي تشكل المعرفة جوهرها والقوة المحركة الرئيسية فيها، مما أثر بشكل رئيسي في حركة دوران الاقتصاد العالمي. فالمطلوب من دولنا الخليجية والعربية الاهتمام أكثر باقتصاد المعرفة، لفتح مجالات استثمارية جديدة في الصناعات التي تحظى دولنا فيها بخبرة كبيرة كقطاع النفط والغاز والإنشاءات وتحلية المياه، والتطوير العقاري، والمصارف الإسلامية، وغيرها من الخبرات المعرفية التي تستطيع أن تصدرها دولنا الى مختلف الأسواق العالمية. فعلينا أن نستفيد من الخبرات المهنية والكفاءات المنتجة من الخبرات الوطنية والعربية والوافدة، وكذلك مما تنتجه مؤسساتنا الرائدة في القطاع الخاص، واعتبارها إحدى الركائز المعرفية لأي مجتمع يسعى إلى الارتقاء في مستوى الإنتاجية والتنمية المستدامة. لذا علينا أن نطرح مفهوم اقتصاد المعرفة في الندوات والمؤتمرات العلمية، وفي المؤلفات والمناهج الدراسية، ووسائل الإعلام، بهدف إنشاء روابط معرفية مشتركة ما بين المؤسسات التعليمية والأكاديمية والتجارية والمدنية والحكومية والتشريعية لإحداث تغييرات إيجابية تمكننا من توجيه شتى شرائح المجتمع، وقطاعات البلد، ومشاريع التنمية باتجاه استراتيجية التحول إلى اقتصاد المعرفة المبني على خبرات وابتكارات مؤسساتنا الرائدة ومواردنا البشرية.
(المصدر: القبس 2015-09-20)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews