بالأرقام والمعلومات نبني اقتصاد المعرفة
المعلومة ثروة تقوم عليها اقتصادات الدول. فمن بحث علمي واحد، قد تؤسس الشركات المليارية، ويوظف مئات الآلاف، وتنتج الأجهزة التقنية الحديثة. بمعلومة جديدة قد تتغير موازين القوى في منطقة ما، وتتغير السياسات العامة للدول، وتسقط إمبراطوريات تجارية عظمى وتحل مكانها شركات جديدة أسست بناء على اكتشاف جديد. هذا هو اقتصاد المعرفة الذي نتحدث عنه دائما، ذاك الاقتصاد الذي يكون مرتكزا بشكل أساسي إلى المعلومات والأبحاث التي تتجدد دوما ولا تنضب.
الأرقام عامل مهم في معادلة تحقيق اقتصاد المعرفة. نحن في حاجة إلى أرقام، أرقام كثيرة ومتعددة وفي كل المجالات. نحتاج إلى أن نعرف عدد المواطنين والمقيمين في السعودية الذين يعانون داء السكري، وأن نعرف عدد حالات الطلاق وأين تقع. نحتاج إلى أن نعرف متوسط سعر فواتير الاتصالات وكيف تتأثر بعمر الإنسان ومكان سكنه. نحن في حاجة إلى إحصاءات عن عدد المعاملات الحكومية التي تنجز في كل إدارة حكومية، ومعلومات أكثر عن القدرة الشرائية للفرد وحجم المدخرات في البنوك.
السعودية تعاني نقصا حادا في الأرقام. حتى في جل التحديات التنموية التي نواجهها، نخطط من غير أرقام واضحة. ما زلنا لا نعرف كم منا يملك مسكنا، وكم منا يعاني نقص الأسرة في مستشفى. الحقيقة أنني لا أعرف السبب، هل هو غياب الشفافية أم كسل في توثيق المعلومة؟
كل رقم هو بمثابة ثروة يمكن ترجمتها لمشروع تجاري أو تنموي. خذ على سبيل المثال شباب الأعمال الذين يخططون للبدء في مشروع تجاري صغير الحجم. من المفترض أن يبدأ الريادي عمله بجمع المعلومات عن احتياجات السوق، ولكن بدلا من البحث في قواعد المعلومات، يعوض الشاب عن ذلك بحديث المجالس، وتبدأ النقاشات السفسطائية: الشباب يريدون ناديا صحيا في الشرقية، هناك نقص في المطاعم في جدة، الرياض تحتاج إلى مركز لغة؛ ولو كانت هناك قاعدة بيانات بعدد النوادي الصحية وعدد المسجلين فيها في مدن السعودية، أو عدد المطاعم الشعبية في جدة، أو عدد المسجلين في الدورات التدريبية في الرياض لكان الأمر أجدى وأنفع للشاب وللاقتصاد.
قس على ذلك الأمراض المتفشية في السعودية. ماذا لو كانت هناك قاعدة معلومات تتوافر فيها أعداد المراجعين في المستشفيات والمراكز الصحية في مدن المملكة، والأعراض التي يشتكون منها، لكنا نمتلك اليوم ثروة وطنية تسهل علينا التخطيط لبناء المستشفيات وإقامة برامج الوقاية.
وفي الإعلام، وما أدراك ما الإعلام، الذي يحارب من أجل أن يعرف معلومة بسيطة، ويتصل بعشر جهات للحصول على إحصائية بسيطة، ولا أحد يمتلك الإجابة.
العالم سبقنا بالمعلومة، وأبسط الإيمان أن نؤسس قواعد معلومات عديدة توفر الأرقام للناس. لا ندري إن كان رقم ما سيؤدي إلى إنشاء شركة تجارية عملاقة، أو حل لمشكلة مستعصية. فرب رقم سيساعد فتاة في جازان على إقامة مشروع تجاري، أو يساعد شابا في تبوك على خلق فرصة عمل، أو يساعد جهة حكومية على اختيار مقر ملائم لمنشأتها. كل الأرقام مهمة، وبغيابها نخسر الكثير.
( المصدر : الاقتصادية السعودية )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews