المخيمات الصيفية ….إجازة متبادلة بين الأبناء و الآباء و فضاء لتنمية شخصية الطفل
جي بي سي نيوز-:بحلول العطلة الصيفية، يحاول الآباء ملء أوقات فراغ أطفالهم بأنشطة تنمي ذكاءهم، مهاراتهم، شخصيتهم وتوجههم نحو سلوكيات ايجابية، لهذا نجدهم يستنجدون بالمخيمات الصيفية لتسجيل أطفالهم، كإطار يقضون فيه عطلتهم الصيفية، ويكتشفون فيه مهاراتهم وتدريبهم وتنمية قدراتهم الذاتية وتطويرها، وتكوينهم على المستوى الروحي، الثقافي والمعرفي. “نجمة” استقت آراء بعض العائلات التي اختارت المخيمات الصيفية كفضاء يقضي به أبناؤها عطلتهم الصيفية ويستفيدون من الأنشطة الثقافية والتربوية المتاحة به.
فضاء لبث روح الإعتماد على النفس
معظم الأخصائيين التربويين ينصحون الأهل بضرورة تسجيل أبنائهم في المخيمات الصيفية، من أجل تغذية روحهم، تنمية أفكارهم وتعدد علاقاتهم، ومن هذا المنطلق يكثر الحديث وخاصة خلال العطلة الصيفية، عن الحاجة للمخيمات الصيفية، وهذا يعني أننا في حاجة إلى مرافق تضطلع بدور تربوي و تكويني مهم يترك آثارا ايجابية على سلوك الأطفال، لأن المخيم نوع من أنواع النشاط الثقافي، الذي تستفيد من فعاليته قاعدة عريضة من الأطفال، ينطلق من أرضية التوجيهات التربوية التي يقوم بها لبث روح الاعتماد على النفس ونبذ الإتكالية لدى الأطفال الذين هم رجال الغد، مع تنويع أساليب التقويم و الانضباط، وكذا تقوية البدن.
المخيم مكمل لدور الأسرة والمدرسة
تحظى المخيمات الصيفية باهتمام واسع لدى الأسر المغربية، نظرا لما تلعبه من دور فعال في عملية التفريغ النفسي للأطفال الصغار وحتى البالغين، يقول السيد إبراهيم مواليم البالغ 40 سنة -مؤطر بإحدى دور الشباب بمدينة الدارالبيضاء- حيث تؤثر المخيمات الصيفية في شخصية الطفل ونموه العقلي والبدني والاجتماعي والنفسي، وتمنحه فرصة لاكتساب مهارات رياضية وترفيهية، من خلال مجموعة من الأنشطة التي يشرف عليها طاقم متدرب ومؤهل، يلعب دورا كبيرا في تنمية مواهب الأطفال وروحهم الاجتماعية، وتوسيع مداركهم الفكرية والعقلية، ويضيف، أن المخيمات الصيفية تساهم في غرس الكثير من القيم الأخلاقية، خاصة بالنسبة لمن هم في عمر المراهقة، حيث يكونون في أمس الحاجة إلى عملية صقل وبناء شخصيتهم وكذا ثقتهم بالنفس، ويؤكد، أن المخيم الصيفي ليس بعيدا بقيمه وسياسته عن أهداف المدرسة والأسرة، فلو لاحظنا البرامج التي يتم وضعها من قبل القائمين على المخيمات الصيفية، يقول مواليم، فسنجد أن هناك انسجاما وتوافقا فيما بينها، لنصل في النهاية إلى هدف استراتيجي واحد، متمثل في تنمية شخصية الطفل وتكوين شخصيته المستقلة.
المخيم والنهوض بقيم التطوع
المخيمات الصيفية في نظر هدى التوزاني، مساعدة اجتماعية ومؤطرة تربوية بجمعية الشعلة للتربية والثقافة بالدار البيضاء، وسيلة مغرية لقضاء صيف ممتع ومفيد، فهو نموذج للتطوع السليم. مؤكدة أن المغرب يتميز بنموذج خاص من المخيمات تختلف عن بقية المخيمات المعروفة عالميا. فصيف المخيمات بالمغرب، هو صيف التطوع بامتياز، لأنه كلما اقترب هذا الموسم، ازداد انشغال المغاربة بالتفكير في كيفية استقباله وقضائه، شأنهم شأن باقي شعوب العالم، وبالرغم من أن هناك فئة لا باس بها من المغاربة لا تفكر في العطلة الصيفية نظرا لما تقاسيه من ظروف مادية ومعيشية صعبة لا تخول لهم حتى فرصة التفكير في أخذ قسط من الراحة، فإن هناك شريحة عريضة من المغاربة تجد ملاذها في التخييم بكل أنواعه، الجبلي، الشاطئي، الغابوي والكشفي..
المخيمات فرصة للآباء للتخلص مؤقتا من أعباء الأسرة
تفضل السيدة فاطمة اليعقوبي، مستخدمة، البالغة 37 سنة، قضاء عطلتها الصيفية بالبادية، حيث تسجل كل سنة ابنيها بمخيمات الهرهورة التي تنظم سنويا، وتقول: “المخيمات أفضل وسيلة للأهل لكي ينعموا بالراحة، ويستمتعوا بالعطلة الصيفية، بعيدا عن متطلبات الأبناء”، موضحة أن المخيمات تعلم الأبناء الاعتماد على النفس، وبناء شخصية مستقلة بهم، بالإضافة إلى كونها فرصة لتوطيد علاقات جديدة وتطوير الذات. لهذا تؤكد فاطمة: “أجد المخيمات الصيفية أحسن وسيلة لاستمتاع أطفالي بالعطلة الصيفية”.
الجمع بين المفيد و الممتع
يفضل السيد إسماعيل بوحيدا البالغ 45 سنة، رجل تعليم، تسجيل أبنائه بالمخيمات الصيفية بدل قضاء العطلة الصيفية في السفر والتنقل مع الأسرة. فالمخيم الصيفي، في نظره، مبني على معايير تربوية بالدرجة الأولى، حيث يساهم في تغيير سلوكيات الطفل، ويغرس فيه قيم التسامح التي هي جزء من الحياة الاجتماعية، وذلك من خلال تنوع برامجه وأنشطته، التي تجمع بين الجد، المرح والترويح عن النفس، مما يساعد الشباب على تطوير شخصيتهم، تنمية معارفهم وصقل مواهبهم مع إكسابهم مهارات جديدة، لهذا يفضل أن يقضي أبناؤه عطلتهم الصيفية بالمخيمات.
205 ألف طفل سيستفيدون من التخييم الصيفي
أفاد البرنامج التوقعي لأنشطة التخييم برسم سنة 2015 بأن إجمالي العرض المتعلق بالتخييم يفوق 250 ألف طفل مستفيد، وحسب هذا البرنامج، الذي تم تقديمه في إطار الدورة العادية للهيئة الوطنية للتخييم، فإن المخيمات القارة تستقطب أكثر من مائة ألف مستفيد، فيما تستقطب الفضاءات الخاصة 34 ألف، والمخيمات الحضرية 70 ألف، ولقاءات اليافعين الشباب 15 ألف. وكشف هذا البرنامج، الذي أعدته لجنة مشتركة تضم وزارة الشباب والرياضة والهيئة الوطنية للتخييم، والمخصص لوضع تصور عام لموسم التخييم 2015 بناء على استبيان وزع على كل الجمعيات العضو في الهيئة الوطنية للتخييم.
التأطير داخل المخيم هو جوهر العملية التربوية
عند حلول العطلة الصيفية، على الآباء أن يفكروا جديا في طريقة قضائها، والإعداد لها إعدادا يعود بالنفع والخير على أطفالهم مستقبلا، يوضح، فوقت العطلة طويل، وبدل أن تصبح الإجازة الصيفية وبالا على الأبناء، يجب على الآباء أن يجعلوها أداة للبناء لا الهدم، كما عليهم مراقبة أبنائهم، ومتابعتهم ووضع الخطط اللازمة لقضاء هذه العطلة في أماكن آمنة، من خلال المؤسسات، الجمعيات والمخيمات الصيفية ومن خلال برامج تربوية تقويمية. كما ان هناك عدة جمعيات تقوم بتكوين أطرها طيلة السنة من خلال الملتقيات والتداريب، حتى يكونوا في الموعد خلال فترة التخييم، لأن التأطير داخل المخيم هو جوهر العملية التربوية ككل، لذلك على الآباء الذين يتخوفون من إرسال أبنائهم إلى المخيمات المنتشرة عبر تراب المملكة أن يأخذوا المعلومات اللازمة من الجمعيات المختصة.
المخيمات… الطريقة المثلى لاستثمار أوقات الفراغ
في رأي الأستاذة فوزية الراوي، أستاذة وباحثة في علم الاجتماع، أن الطفل الذي يستمتع خلال أوقات فراغه بأعمال ذهنية، جسدية، يصبح شجاعا وجريئا في تعامله مع الناس، قادرا على التعبير عن رأيه ويكتسب ثقافة معنوية ومعلوماتية، لهذا تقول، أدعو الأمهات إلى حماية أطفالهن من سلبيات الفراغ، وإلى تطوير مواهبهم وذواتهم، باستثمار أوقات فراغهم، خاصة خلال العطلة الصيفية التي تطول مدتها، وعليهن متابعتهم وملاحظة كل تحركاتهم، ومساعدتهم على اكتشاف الحياة من منظور إيجابي.
وتنصح الأستاذة الراوي الآباء بضرورة تسجيل أبنائهم بالمراكز التربوية والمخيمات الصيفية التي توضع خصيصا من اجل مساعدة الطفل على استغلال أوقات فراغه وتطوير معارفه، وبالتالي تحقيق شخصيته السليمة والمتوازنة التي تنعكس بالإيجاب على حياته وحياة أسرته.
المخيمات من قنوات صرف الطاقات الحية للأطفال
في مجموعة من الدول نجد أن أوقات الفراغ تضاهي قيمتها أوقات العمل الرسمية، نظرا لأهميتها في حياة الفرد، ودورها الفعال في بناء الشخصية وخلق التوازن النفسي، والتكيف الاجتماعي السليم للفرد مع محيطه، لهذا على الآباء تقول الأستاذة الراوي أن يقدروا أولا قيمة وقت الفراغ، وأن يحاولوا إبعاد الملل عن أطفالهم طيلة مدة عطلتهم، ومن بين أهم ما يمكن أن يشغل به الأهل أطفالهم خلال عطلهم، جعلهم يندمجون مع أقرانهم في إطار ثقافي، تربوي، وهذا لا يتوفر إلا بإدخال الطفل إلى عالم المخيمات والمراكز الشبابية والتربوية التي توفر للطفل العديد من الأنشطة التي يكتشف من خلالها قدراته الثقافية وحتى الفنية منها، إذ توفر هذه المراكز التي تخصص يوميا ساعات لتعليم الأطفال مجموعة من الأنشطة الثقافية والرياضية المتنوعة التي ستفيدهم في حياتهم المستقبلية، لأن الأطفال، تضيف، طاقة وحيوية تحتاج إلى قنوات لصرفها.
الدور التكويني للمخيمات
لا يوجد أفضل من العطلة الصيفية، لكي يلتحق خلالها الطفل بإحدى الدورات التعليمية لإتقان لغة أو مهارة جديدة، تقول الأستاذة الراوي، فالكثير من المؤسسات الخاصة والعامة تنظم العديد من الدورات التخييمية للأطفال، لهذا على الآباء أن يقدموا لأبنائهم مجموعة من الخيارات التي تسعدهم وتنمي معرفتهم وثقافتهم، وان يدعوهم للمشاركة في الدورة التي يرغبون في الالتحاق بها أثناء العطلة، لأن الأطفال عندما يمارسون نشاطا فنيا، رياضيا، ثقافيا عن اختيار، فإنهم سيشغلون معظم أوقاتهم لكونهم يقومون به بناء على رغبتهم وإعجابهم واقتناعهم، و سيكتسبون خبرة ومهارة وقدرة عالية في ممارسة هذا النشاط.
المدرسة الهولندية نموذج يحتدى به
أصبحت التجربة الهولندية الناجحة في استغلال أوقات فراغ الأطفال داخل المراكز والمخيمات التربوية مقتدى بها في أغلبية المؤسسات التربوية، في محاولة لجعل الأطفال يبتكرون أشياء يمكن أن تشغل أوقات فراغهم، واستقطابهم لقضاء أوقات ممتعة ومفيدة. حيث قامت مؤسسة “البيت المبدع” كما يطلقون عليها في روتردام، بتنظيم تدريب للأطفال على استخدام الأشياء التي يبدو أنها عديمة القيمة أو تالفة في تصنيع عناصر جمالية، تستخدم في تزيين المنزل وصناعة الديكورات، وذلك من خلال إعطاء الأطفال الخامات المطلوبة من الحديقة أو الغابة المحيطة بهم، سواء من الزهور الجافة، أوراق الشجر المتساقطة، عسف النخيل، أو قشور الأشجار العريضة مثل أشجار الموز وغيرها، كما يضاف لهذه الخامات أشياء أخرى أكثر بساطة، مما يستخدم في المنزل أو البيئة المحيطة بالطفل، مثل علب الكرتون التي تباع بها الحلوى، أو بقايا حقائب الخضراوات والفاكهة، أو بقايا حبال الغسيل، أو بقايا الأقلام الملونة الصغيرة، وغيرها مما ترى الأم أنها أشياء لا تصلح إلا لإلقائها في القمامة.. أما المغزى من استغلال كل هذه المخلفات فيتمثل في تدريب الأطفال على استخدام هذه الأشياء بأدوات بسيطة جدا، وإعادة إنتاجها.. وهي عملية تجعله قادرا على تطويع عقله وتنميته وجعله قادرا على إنتاج الأفكار واستغلالها في كل ما ينفعه خلال كل مراحل حياته، وبالتالي ملء كل وقت يمكن أن يتعلم خلاله ما يفسده.
رأي المختص
فوزية الراوي أستاذة وباحثة في علم الاجتماع
ضرورة التطبيق السليم للمعايير التربوية بالمخيمات
من الناحية النظرية تقول الأستاذة الراوي فوزية أستاذة وباحثة في علم الاجتماع، هناك خططا تربوية يمكن القول أنها ممتازة جدا، إلا انه وللأسف عند تطبيقها عمليا نجد أن هناك عدم التزام ببعض جوانبها أو محاورها، حيث نلاحظ أن بعض المنشطين بمجموعة من المخيمات يأخذون الموضوع على أنه تسلية وإضاعة للوقت، فيتم طيلة اليوم التركيز على النشاط الرياضي غير المبرمج، وهذا يعيق تحقيق الأهداف التربوية التي يتم وضعها للمخيم، تضيف الراوي، إلا أنه ورغم وجود سلبيات فهناك عدة أمور ايجابية أيضا، لكن إذا ما قسناها بالواقع الذي نعيش فيه فهذه الأخيرة ليست بالمستوى الذي نطمح إليه. لهذا على الأهل السعي الجاد من اجل إيجاد مخيمات صيفية تشكل أماكن للإرشاد النفسي والاجتماعي لأطفالهم تساهم في التقليل من حدة الأضرار الاجتماعية الصادمة التي قد يتعرض لها الأطفال.. مخيمات تقوم على الاحترام الكامل للشباب و أيضا لحقوقهم واحتياجات نموهم النفسية والاجتماعية وفق عمل عقلاني واعي تربوي تنموي يؤسس للتغيير الذي نطمح له نحن كآباء.
بوكس
المخيمات الصيفية تساهم في التقليص من ظاهرة العنف
أشارت بعض الدراسات السيكولوجية عن فائدة المخيمات الصيفية، إذ أنها تساهم في انخفاض بنسبة 40 في المائة من حالات العنف التي أخذت في التزايد في الآونة الأخيرة وخاصة في فترة العطلة الصيفية. وبعد البحث عن السبب الرئيسي الكامن وراء انتشار هذه الظاهرة، أوضحت الدراسة أن المخيمات التي تكون في أوج فعاليتها في العطلة الصيفية تشغل الأولاد وتبعدهم عن الفراغ الذي يعرضهم للعنف ولمشاكل تربوية أخرى تفسد أخلاقهم وتجعلهم يكتسون سلوكا انحرافيا قد يدمر حياتهم المستقبلية.
لذلك ينصح أخصائيي التربية جميع الأهالي بضرورة اختيار المخيم المناسب لأولادهم لأن العديد من ايجابيات الشخصية عند المرء تظهر في المخيمات التي عادة ما ترتكز على تقوية المهارات الذاتية للشخص.
بالإضافة إلى كون برنامج المخيم الصيفي يؤثر في شخصية الطفل حيث يخلق فيه قيم ومبادئ ايجابية، على اعتبار أن برامج الترفيه والتثقيف في هذه المخيمات تساعد على تطوير وتفريغ الكبت بأنواعه، وتفريغ الشحنات النفسية وزرع قيم الانتماء والحوار والمشاركة والتعاون بعيدا عن مظاهر العنف وأساليبه، كما تقوم ببناء وصقل شخصيته التي تصبح قادرة على الحوار و التعبير عن نفسها.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews