الاقتصاد والضرائب يحسمان فوز المحافظين فى بريطانيا
كان للانتعاش الاقتصادي الذي شهدته الأسواق البريطانية، بالإضافة إلى السياسات والتشريعات الضريبية المتوازنة فضل كبير في ترجيح كفة حزب المحافظين وفوزه بأغلبية كاسحة "وغير متوقعة" في الانتخابات البرلمانية التي جرت هذا الأسبوع وحصوله على 331 مقعداً بمجلس العموم الذي يضم 650 مقعدا وسوف تمكنه هذه الأغلبية من تشكيل الحكومة المقبلة منفرداً لاستكمال برامج الإصلاح دون الحاجة إلى الدخول في أية إئتلافات حكومية والتي بدأ بالفعل في تشكيلها، وتضمن للحزب كذلك تمرير كافة القوانين دون الحاجة إلى دعم ومؤازرة أحزاب أخرى.
وفي أعقاب فوز حزب المحافظين اكتست مؤشرات البورصة البريطانية وكافة البورصات وأسواق المال الأوروبية باللون الأخضر، بعد أن سادتها حالة من القلق والترقب لمعرفة اسم الحزب أو الائتلاف الفائز بالأغلبية، ومعرفة مدى دعمه ومساندته للسياسات الاقتصادية والمالية والنقدية الليبرالية الكفيلة باستمرار وتزايد حالة الانتعاش الاقتصادي والحد من ظاهرتي الكساد والبطالة وقدرتها على خفض الإنفاق الحكومي لضبط عجز الموازنة ومن ثم العمل على زيادة معدلات النمو الاقتصادي بالبلاد.
ولقد خالفت نتائج الانتخابات البرلمانية البريطانية كافة التوقعات واستطلاعات الرأي المستقلة التي أجمعت على صعوبة أي من الحزبين الرئيسيين بالبلاد وهما المحافظين والعمال من الحصول على المقاعد الكافية التي تمكن أياً منهما من الاستحواذ على أغلبية مريحة في البرلمان تتيح له تشكيل الحكومة منفرداً ... إلا أن الكثير من الخبراء الاقتصاديين كان لهم رأي آخر قائم على ما حققه حزب المحافظين من إنجازات اقتصادية ملموسة منذ توليه حكم البلاد في عام 2010 وقدرته على خلق آلاف فرص العمل للشباب ومن ثم خفض معدل البطالة إلى نحو 5,8% مقارنة بمعدل 12,8%في عام تولي السلطة بالإضافة إلى قدرة الحكومة على تحقيق معدل نمو اقتصادي يزيد عن 2%، وخفض مديونية البلاد إلى النصف تقريباً.
ولقد ركز ديفيد كاميرون رئيس حزب المحافظين أثناء حملته الانتخابية على البعد الاقتصادي، مؤكداً على مواصلة حكومته على استحداث وظائف جديدة وعلى تحقيق المزيد من الانتعاش الاقتصادي الذي يجب أن يتضمن جميع أجزاء وأفراد المجتمع، وأكد كذلك على أهمية تخفيف الأعباء والضغوط الاقتصادية عن المواطن البريطاني ، وعلى ضرورة إعطاء أمل أفضل للفقراء في خطط اليوم والمستقبل، وأكد على وعده السابق بإجراء استفتاء شعبي حول عضوية بريطانيا بالاتحاد الأوروبي في عام 2017.
كما تميز البرنامج الانتخابي لحزب المحافظين على برنامج حزب العمال المنافس فيما يتعلق بالسياسات والتشريعات الضريبية الجديدة وإقتراح زيادة حد الإعفاء لضرائب الدخل إلى 13 ألف جنيه استرليني، بالإضافة إلى خفض جزئي للضرائب بحيث يستفيد منها من تتراوح دخولهم بين 20 ألف استرليني و 40 ألفا بمقدار 225 جنيها استرلينيا شهرياً، فيما يستفيد أصحاب الدخول التي تزيد عن 60 ألف جنيه بمقدار 2623 جنيها استرلينيا، فيما تضمن برنامج حزب العمال زيادة الضرائب وخاصة على الأغنياء وهم بلا جدال يمثلون قوة تصويتية لا يستهان بها داخل بريطانيا، في الوقت الذي اهتم فيه حزب المحافظين بتقديم تسهيلات أكبر لأصحاب المنازل الذين حصلوا على قروض كبيرة ومن ثم ضمان تصويتهم لصالحه.
ولم يستطع منافسو حزب المحافظين من الأحزاب الأخرى اكتساب ثقة المواطنين فيما يتعلق بقضايا الاقتصاد والتشغيل والدخول والسياسات الضريبية ومن ثم لم يستطيعوا تحقيق النجاح المنشود، بل إن بعضهم فقد الكثير من الأصوات والمقاعد البرلمانية التي كانت بحوزته في الدورة الماضية وفي مقدمتهم حزب العمال الذي حصل على 232 مقعدا فقط، وهي النتيجة التي دفعت رئيس الحزب "إد ميليباند" إلى تقديم استقالته وخاصة في ظل حصد الحزب الوطني الأسكتلندي ذات الميول القومية والاستقلال عن بريطانيا لـ 56 مقعداً من أصل 59 مقعدا مخصصة لأسكتلندا ليحل في المرتبة الثالثة ولم يكن بحوزته في الانتخابات الماضية سوى ستة مقاعد فقط بما يعد كارثة لحزب العمال الذي كان يهيمن على مقاليد السياسة في أسكتلندا.
ولعل أهم ما يمكن استنتاجة واستخلاصه من تجربه الانتخابات البريطانية هو تركيز وإهتمام المواطن البريطاني بقضايا الاقتصاد والدخول والهجرة والضرائب، واختيار الجماهير البريطانية للحزب الذي حقق بالفعل إنجازات اقتصادية حقيقية ملموسة على أرض الواقع بعيداً عن الشعارات والوعود والكلمات المعسولة، وأن المزايا الضريبية التي منحها حزب المحافظين للمستثمرين ورجال الأعمال قد أتت ثمارها في تحسن الأوضاع الاقتصادية وخلق فرص العمل، وأخيراً إنعزال غالبية قيادات أحزاب المعارضة البريطانية عن جموع الشعب البريطاني واحتياجاته ومن ثم فشلهم في قراءة الرأي العام ومتطلباته.
(المصدر: الشرق القطرية 2015-05-13)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews