فوضى سياسية في ليبيا
يصعب علينا، وربما على الكثيرين مثلنا، ان نفهم ما يجري على ارض ليبيا الجديدة من تطورات سواء على الصعيد العسكري او السياسي او الاثنين معا، فقد تداخلت الامور والفوضى هي العنوان الابرز.
السيد محمد محمود البرغثي وزير الدفاع في حكومة الدكتور علي زيدان، عقد مؤتمرا صحافيا القى فيه بيانا يتضمن استقالته من منصبه ‘لانه جاء لهذا المنصب ثائرا، واقسم ان لا يشارك في قتال ابناء وطنه، وتمنى ان يقتدي به كل مواطن ليبي مدني او حامل سلاح او يملك سلطة’ واكد السيد البرغثي ‘انه لن يرضى بممارسة السياسة بقوة السلاح في الدولة الليبية الجديدة’.
يوم امس اعلنت رئاسة الحكومة الليبية ان السيد البرغثي سحب استقالته استجابة لطلب السيد زيدان رئيس الحكومة المؤقتة بسبب تفهمه للظروف التي تمر بها ليبيا، واكد انه سيستمر على رأس عمله.
الازمات في ليبيا كثيرة، ابتداء من انهيار الخدمات العامة، وانتهاء بغياب الامن وسيطرة الميليشيات وتفاقم الفساد، ولهذا فالبلاد لم تكن بحاجة الى اقرار قانون العزل والاقصاء الذي احدث انقسامات عديدة، ودفع بمسلحين الى محاصرة وزارات حكومية مثل العدل والخارجية لاجبار البرلمان على اقراره بتهديد السلاح.
وزير الدفاع استقال لانه كان امام خيارين، الاول ان يستخدم قواته لفك الحصار عن الوزارات بالقوة، والدخول في مواجهة دموية مع المسلحين، والثاني ان يقدم استقالته لان الضحايا في حال الاحتكام للقوة سيكونون من ابناء الشعب الليبي، ولذلك فضل الثاني، وقرر مخاطبة الشعب مباشرة من مقره في وزارة الدفاع عبر المؤتمر الصحافي الذي عقده فيها.
قانون العزل يعني اقصاء اكثر من نصف مليون ليبي عن العمل السياسي بسبب مشاركتهم على مدى اربعين عاما في مؤسسات الدولة اثناء حكم العقيد الراحل معمر القذافي حسب تأكيد السيد محمود جبريل اول رئيس وزراء في ليبيا ما بعد القذافي.
الثوار الجدد يريدون بداية جديدة يتولى فيها الحكم بمؤسساته المختلفة شبان لم يكن لهم اي ارتباط بالنظام السابق ودوائر صنع القرار فيه، بينما يرى معارضو القانون ان هذا الاقصاء يحرم الدولة من كفاءات ادارية وسياسية عديدة اضطرت للعمل في مؤسسات وادارات النظام السابق مكرهة ولانعدام البدائل.
وجهتا النظر تنطويان على بعض الصحة، ولكن، ومن اجل خلق ارضية مشتركة بين الجانبين لا بد من ايجاد حل وسط، لان استمرار الخلاف سيؤدي الى زيادة الانقسامات وحالة عدم الاستقرار السائدة في البلاد مضافا الى ذلك انه سيؤجل بل ربما يقتل اي امل بتحقيق المصالحة الوطنية.
ليس من واجبنا وصف الحلول الوسط هذه، فذلك امر متروك للشعب الليبي ومؤسساته، لكن التغول في العزل والاقصاء ستترتب عليه نتائج وخيمة، وستعيد الديكتاتورية وقمع الحريات والرأي الآخر الذي يقول قادة ليبيا الجديدة انهم ثاروا للقضاء عليها وبناء نظام ديمقراطي مناقض تماما للنظام السابق وممارساته الاقصائية.
( المصدر : القدس العربي )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews