سجلات «ناسداك»: الأسواق عالقة في متاهة
كان الأسبوع الماضي مثل العيش في متاهة من الزمن. يوم الخميس، حقق مؤشر ناسداك المُركّب ارتفاعاً جديداً للمرة الأولى منذ 15 عاماً. وذلك الحدث وقع قبل مدة لا تقل عن عقد الزمن مما كنت قد توقعته أنا إلى جانب كثيرين غيري.
ويوم الجمعة أعلنت شركة أمازون عن خسارة وقامت السوق برفع أسعار أسهمها بنسبة 15 في المائة إلى مستوى قياسي، الأمر الذي زاد من ثروة مؤسسها جيف بيزوس نحو خمسة مليارات دولار. كنتُ أظن أن المنطق المجنون، الذي يقول إن الخسائر جيدة لأنها تظهر أن الشركات لا تزال تستثمر في النمو، قد مات عندما انفجرت فقاعة ناسداك قبل 15 عاماً، لكني كنت مخطئاً.
صدى آخر من الماضي تمثل في تجاوز مؤشر نيكاي 225 الياباني مستوى 200000 نقطة، أيضاً للمرة الأولى منذ 15 عاماً. وفي أوروبا، النقاش يدور حول ما إذا كانت اليونان ستعجز عن سداد ديونها، وما إذا كانت ستغادر اليورو، وما إذا سيكون لمثل هذا الحدث التأثير نفسه الذي أحدثه إفلاس ليمان عام 2008. جميع هذه المواضيع موجودة على جدول الأعمال منذ ما لا يقل عن خمسة أعوام، ولا تزال دون حل.
لإنهاء موضوع اليوم الذي يتكرر دائما كسابقه، تمكّنت البورصات الأمريكية على نطاق أوسع - وليس فقط ناسداك - من تحقيق ارتفاع آخر جديد. لقد تم تخفيض تقديرات الأرباح، والقلق بشأن خطط رفع أسعار الفائدة من قِبل الاحتياطي الفيدرالي (لجنة الأسواق المفتوحة التابعة له ستجتمع الأسبوع المقبل) يبقى شديدا، وكثير من المعلقين المتفائلين كانوا مستعدين لتصحيح جيد يعيد الأمور إلى نصابها. ومع ذلك، كما هي القصة منذ ستة أعوام وحتى الآن، تستمر الأسهم الأمريكية في الاندفاع إلى الأعلى بشكل سريع، مثل أرنب بطارية إنرجايزر.
كل هذا كان على الرغم من التقييمات التي تبدو مبالغا فيها إلى حد كبير. ففي الوقت الحالي يجري تداول مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 27 مرة ضعف متوسط الأرباح خلال الأعوام العشرة الماضية. وهذا هو أعلى مستوى له منذ الذروة البالغة 44 في أوج فقاعة ناسداك. الوقت الوحيد الآخر الذي وصل فيه إلى هذا الارتفاع كان تماماً قبل الانهيار العظيم عام 1929.
كيف يمكن تفسير كل هذا؟ لقد تفوّقت الأرباح عموماً على توقعاتها المنخفضة، لذلك فقد ساعد هذا. مع ذلك، الحجة لا تذهب أكثر من ذلك. وفقاً لوكالة تومسون رويترز، لا تزال التوقعات تتجه نحو انخفاض صريح يبلغ 1.1 في المائة في أرباح مؤشر ستاندرد آند بورز في الربع الأول. وتقوم شركات الطاقة والشركات الصناعية بتقديم تقارير بأرقام أسوأ من المتوقع.
وبشكل مفيد أكثر، قوة الدولار تتضاءل. على أساس الوزن التجاري النسبي، انخفض إلى أقل من متوسط حركاته في 50 يوماً ـ وهو مقياس للاتجاه قصير الأجل ـ للمرة الأولى منذ تموز (يوليو) الماضي. هذه استجابة معقولة للبيانات الاقتصادية الضعيفة، وتُساعد الأسهم الأمريكية. كذلك عوائد السندات تنخفض، لتعكس الاعتقاد أن الاحتياطي الفيدرالي لن يرفع أسعار الفائدة حتى فصل الخريف كأقرب وقت. لذلك المنطق الملتوي للأعوام الستة الماضية يبقى كما هو. تظل الأسهم مُكلفة بينما تبقى أسعار الفائدة منخفضة، والأرباح تتجنّب أي انهيار خطير، فإن الأموال ستتدفق إليها. هناك حاجة إلى هزّة قوية - أرباح سيئة فعلا، أو حدث جيوسياسي سيئ، أو مفاجأة من الاحتياطي الفيدرالي - قبل أن تتمكن الأسواق من الخروج من صعودها الثابت.
على أية حال، التقييم ليست له علاقة بحركات السوق قصيرة الأجل. فقد أشار تقرير من باركليز هذا الأسبوع إلى أنه منذ عام 1988، لم تنخفض الأسهم الأمريكية خلال العام اللاحق عندما تم تقييمها بمقدار 17 مرة ضعف الأرباح المتوقعة في العام التالي، كما هي الآن. لكن هذا لا يعني أن الأسهم رخيصة. كما تُظهر بيانات باركليز أيضاً أن هناك الكثير من حالات انخفاض الأسهم بعد عام من تقييمها بمضاعفات الأرباح اللاحقة التي تراوح بين 11 و15 - وأيضاً بمضاعفات تبلغ 19 وأكثر.
على المدى الطويل، يجب أن نتذكر أن فقاعة ناسداك لم تنفجر سوى في عام 2000 بعدما أصبحت هوس المُضاربة الأكثر تطرفاً. كانت الأسهم أكثر تكلفة مما هي الآن لأكثر من عامين قبل أن تبلغ ذروتها في نهاية المطاف. والأسهم يمكن أن تظل ذات قيمة مُبالغ فيها.
كان انتعاش ناسداك الذي استمر 15 عاماً سريعاً. فقد استغرق الأمر 25 عاماً لانتعاش الأسهم الأمريكية بعد عام 1929، وحتى مع قوة مؤشر نيكاي الأخيرة، لا تزال الأسهم اليابانية بالكاد نصف مستوى ذروتها في عام 1989. ذلك الانتعاش بدوره يعود أساساً إلى النمو الكبير في أرباح وإيرادات الشركات، وعلى رأسها شركة أبل.
لكن خارج شركة أبل، أسهم ناسداك عام 2000 كان يمكن أن تكون استثماراً سيئا تماما. لقد تبيّن أن أفضل الأسهم في ذلك الحين كانت غير مرغوبة على الإطلاق. الأسهم الخمسة في مؤشر ستاندرد آند بورز التي أصبحت "محافظ الأضعاف العشرة"، التي ارتفعت عشرة أضعاف في الأعوام الـ 15 التي كانت فيها ناسداك ثابتة، تتضمن شركة سي إس إكس للسكك الحديدة، وشركة في إف، التي تصنع الجينز - وشركة أبل، التي كان يبدو أن مايكروسوف قد تفوّقت عليها.
بالتالي اسمحوا لي بتلخيص الدروس من الأعوام الـ 15 الماضية. الأول، التقييمات لا تقول لك شيئاً تقريباً عن التوقيت قصير المدى؛ يمكن أن تبقى الأسهم مُكلفة جداً لفترة من الوقت. الثاني، على المدى الطويل، شراء أوراق مالية مُكلفة جداً سوف يؤذي. فقط اسأل مستثمري ناسداك الذين عادوا لتوهم من فئة الخسائر إلى فئة الأرباح.
بالنسبة لأولئك الذين لديهم الصبر للانتظار، وتحليل الشركات الغامضة، هناك المزيد من الأموال التي يمكن تحقيقها من مراكز متضاربة في الأسهم غير المرغوبة. أنا لا أعرف أين شركة "في إف" اليوم، لكنها موجودة هناك في مكان ما.
(المصدر: فاينانشال تايمز 2015-04-26)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews