تعافٍ اقتصادي هزيل بمنطقة اليورو في 2015
لم يكن الوضع الاقتصادي بدول منطقة اليورو في عام 2014 بأفضل حال عما سبقه من الأعوام التي تلت بداية الأزمة المالية العالمية في 2008، حيث شهدت هذه الدول "باستثناء ألمانيا" عجزاً شديداً بميزانياتها وتضخما كبيرا في ديونها السيادية وارتفاعا ملحوظا في معدلات البطالة، مما اضطرها لاتباع سياسات مالية واقتصادية انكماشية وتقشفية. ومن أجل استبيان الرؤى حول الوضع الاقتصادي لدول المنطقة في عام 2015 وأهم الخطوات التي يجب أن يقوم بها صانعو السياسة لإنعاش اقتصاد بلادهم، فقد أجرى العديد من المراكز البحثية والمجلات الاقتصادية المتخصصة عدداً من استطلاعات الرأي لأعداد كبيرة متنوعة من الخبراء والمتخصصين ورجال الأعمال وأساتذة الجامعات، وقد تبلورت نتائج هذه الاستطلاعات في مجموعة من التصورات والتوقعات والحلول التي يتلخص أهمها فيما يلي:
*معدلات النمو الاقتصادي:
تقاربت إلى حد كبير النتائج المرتبطة بتوقعات عينات الاستطلاع المختلفة حول معدلات النمو الاقتصادي، حيث تراوحت بين 0.8 و1% وقد اتفق غالبية المستطلعة آراؤهم على أن الفضل في الارتفاع النسبي لمعدل نمو دول المنطقة إنما يعود إلى انخفاض أسعار النفط والغاز، واتفقوا كذلك على أن عدم ارتفاع معدل النمو بشكل ملموس إنما يعود إلى ضعف الاقتصادين الفرنسي والإيطالي – وأضاف إليهما البعض الاقتصاد الألماني- وهي تمثل الاقتصادات الثلاثة الأكبر والأقوى بدول المنطقة، وكذا إلى الإصلاحات التي من المتوقع أن يقوم بها البنك المركزي الأوروبي وعدد من حكومات الدول الأوروبية.
* معدل التضخم الأوروبي:
تفاوتت آراء المستطلعة آراؤهم في شأن معدل التضخم المتوقع في عام 2015 فمنهم من توقع انخفاضه إلى ما دون الصفر ومنهم من توقع ارتفاعه حتى 1%، وإن ارتفقت الغالبية منهم على انخفاض إلى ما دون الصفر خلال الشهور الأولى من العام وأن يظل منخفضاً بشكل ملموس في النصف الأول من العام، على أن يبدأ في الارتفاع التدريجي في النصف الثاني، بحيث لا يتجاوز 1% في نهاية العام. وفيما توقعت نسبة غير قليلة من العينات المستطلعة آراؤها بأن يؤدي تطبيق البنك المركزي الأوروبي لبرنامج التيسير الكمي وشراء الأصول إلى خفض معدل التضخم، فقد اتفقت نسب كبيرة منهم على أن ارتفاع معدل التضخم إلى 1% سيكون أمراً مرهوناً بارتفاع سعر برميل النفط إلى حوالي 70 دولارا للبرميل.
* توسع البنك المركزي الأوروبي في برامج التيسير الكمي:
اتفق غالبية الخبراء المشاركين في استطلاعات الرأي المختلفة على ضرورة توسع البنك المركزي الأوروبي ببرامج التيسير الكمي وضخ ما يتراوح بين خمسمائة مليار وتريليون يورو لشراء السندات الحكومية واقترحوا لتفعيل ذلك الأمر زيادة رأسمال البنك في عام 2015 إلى ثلاثة تريليونات يورو، "يبلغ رأس المال الحالي للبنك 2.15 مليار يورو"، على أن تكون مشتريات البنك الأوروبي لهذه السندات من كل دولة من الدول الأعضاء وفقاً لحجم مساهمتها في رأسمال البنك، وإن أبدى البعض منهم تخوفه من شراء البنك للديون السيادية للدول بشكل مباشر خشية إغضاب ألمانيا أو لجوئها إلى المحكمة الدستورية الأوروبية لإيقاف هذه الخطوة.
حلول ومقترحات إنعاش اقتصادات منطقة اليورو:
أجمعت فرق الخبراء المستطلعة آراؤهم على ضرورة اتخاذ مجموعة من السياسات والخطوات الضرورية والتي يأتي في مقدمتها تخفيف السياسات المالية والنقدية وإجراء المزيد من الإصلاحات الهيكلية، خاصة في كل من فرنسا وإيطاليا، بالإضافة إلى دعم خطوات البنك المركزي الأوروبي في شراء السندات السيادية، وإحداث المزيد من المرونة فيما يتعلق بقوانين العمل، وضخ المزيد من الاستثمارات في مشروعات البنية التحتية، بجانب تقديم المزيد من المحفزات النقدية، وزيادة الإنفاق الرأسمالي.
تلك كانت آراء ومقترحات وحلول مجموعات مختلفة من الخبراء والمتخصصين ورجال الأعمال وأساتذة الجامعات حول الوضع الاقتصادي المتوقع لمنطقة اليورو في عام 2015 والتي توضح في مجملها الاتفاق على تحقق بعض التحسن والتعافي الاقتصادي لدول منطقة اليورو، وإن كان تعافياً هشاً وهزيلا، وأن الفضل في هذا التحسن الضعيف إنما يعود إلى خفض أسعار الطاقة من نفط وغاز، وعدم اعتماده على قوى اقتصادية حقيقية أو سياسات مالية ونقدية واثقة وثابتة وواضحة المعالم.
(المصدر: الشرق القطرية 2015-01-21)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews