اقتصاديات منطقة اليورو.. بين المساعدات والديون
مخاطر تواجه انتعاش منطقة اليورو بعد الركود الذي أصاب الاقتصاد الفرنسي والنمو الضعيف للاقتصاد الألماني وتدهور الاقتصاد الإيطالي مما أدى إلى تراجع الثقة في اقتصاد المنطقة، لأن العودة للحالة الطبيعية قد تستغرق سنوات حتى يتم إخضاع بنية المنطقة لإصلاحات جوهرية والشعور بالتعافي، لأنه لا يستطيع أي متفائل أن يجزم بأن الأسوأ قد مر بالفعل، وأن سنوات الرخاء قادمة في القريب العاجل، لأن العودة للحالة الطبيعية ستستغرق سنوات ولكنها قادمة، وإن كان ارتفاع عدد العاطلين لفترة مطولة لابد أن يخلف عواقب سلبية جسيمة على نمو الناتج المحلي الإجمالي لسنوات قادمة، خاصة إذا ظل التعافي بالوتيرة الحالية، بما لا يمكن أحد من أن يتوقع العودة إلى الحالة الطبيعية قبل بضع سنوات، وقبل أن يتم إنشاء اتحاد مصرفي حقيقي يتمتع بإشراف مشترك وتأمين مشترك على الودائع وآلية حل مشتركة لأنه من دون ذلك سوف تستمر الأموال في التدفق من البلدان الأضعف إلى البلدان الأقوى، وهذا يتطلب تبني سياسات صناعية تعمل على تمكين البلدان المتعثرة من اللحاق بالركب، مع مراجعة القيود الحالية التي تحول دون هذه السياسات باعتبارها تدخلات غير مقبولة في الأسواق الحرة، مع التخلي عن سياسات التقشف التي تعرقل النمو بسياسات تدعم وتركز على الاستثمار في الموارد البشرية والتكنولوجيا والبنية الأساسية، وذلك للحد من
الهجرة من البلدان المتضررة بالأزمة التي تؤدي إلى تفريغ الاقتصادات الأضعف، وقد تفضي أيضا إلى سوء توزيع الأيدي العاملة، ولكن ليس بالضرورة أن يظل الحال بهذا السوء، لأنه من الممكن إنقاذ اليورو - حلم المشروع الأوروبي - بعيدا عن الخطب التي تتغنى بالالتزام بأوروبا، والتخلي في ذات الوقت عن التضامن الذي يحقق نجاح السياسات، لأن الفشل يعني التخلي عن اليورو من أجل إنقاذ المشروع الأوروبي، خاصة أن دولا مثل ألمانيا وبعض بلدان شمال أوروبا أبدت عدم رغبتها في التضامن الأوروبي ولن تقبل أن يطالبها أحد بسداد فاتورة الجيران المسرفين في الجنوب، وإن استمرت ألمانيا وغيرها من بلدان شمال أوروبا في الإصرار على اتباع السياسات الحالية فسوف ينتهي بها الحال هي وجاراتها في الجنوب إلى تكبد ثمن باهظ، بعد أن كان من المفترض أن يعمل اليورو على تحقيق النمو والرخاء وجلب شعور بالوحدة إلى أوروبا، ولكن ما حدث بدلا من ذلك هو أنه جلب الركود وعدم الاستقرار والانقسام، وانتقال تداعيات أزمة اليورو من دول جنوب أوروبا إلى شمالها، بعد أن واصل الاقتصاد اليوناني تراجعه بنسبة 4.6%، وحقق الدين العام معدلا قياسيا بارتفاعه 321.8 مليار يورو مقابل 302.5 مليار قبل عام، كما ارتفع معدل البطالة إلى 27.6% ومن المتوقع تجاوزه 28% العام المقبل، ليسجل حقيقة استمرار عجز بلاد الإغريق عن التعافي والعودة للأسواق المالية.
وتمثل إسبانيا، صاحبة رابع اقتصاد أوروبي، استثناءً بين دول اليورو المتأزمة، إذ حصلت على مساعدات بقيمة مائة مليار يورو، كما تنتظر اليونان تحقيق نمو خفيف العام القادم من خلال خطة تقشف جديدة بالمجالين الصحي والاجتماعي لتوفير ثلاثة مليارات يورو، وتشديد الإجراءات الضريبية لجلب ملياري يورو، بعد أن أقر الاتحاد الأوروبي برنامج مساعدات ثالثا لليونان، بقيمة تقدر ما بين 82 و86 مليار يورو على ثلاث سنوات بعدما وصل البلد إلى شفا الخروج من منطقة اليورو، مع إصلاحات جدية ودعم مالي وبذلك تضع أوروبا خارطة طريق وكل شيء يتوقف الآن على تطبيقها بصورة صحيحة، بعد أن بلغت ديون منطقة اليورو المكونة من 19 دولة أكثر من 8.6 تريليون يورو (11 تريليون دولار) أما إجمالي ديون دول الاتحاد الأوروبي الـ 28 فتزيد أيضاً على 11 تريليون يورو، وتتصدر إسبانيا واليونان وأيرلندا والبرتغال وقبرص الدول الأوروبية الأكثر عجزا في موازناتها، حيث يصل مستوى الديون في عموم منطقة اليورو إلى 90.6 % من إجمالي دخلها القومي، ومن هنا ندرك أهمية التضامن من خلال حزمة المساعدات التي أقرتها المجموعة لإنقاذ دولها من مفرمة الديون الخارجية.
(المصدر: الشرق القطرية 2015-10-07)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews