إيجارات الشقق.. الجشع مجددا (2)
تحدثنا في المقال السابق عن الجشع الذي يتلبّس بعض الوسطاء العقاريين في رفع إيجارات الوحدات السكنية عاماً وراء آخر، وبالخصوص الشقق التي يشغلها بالعادة أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة، تحت مبررات غير منطقية سوى الحصول على عمولات أكثر من وراء هذه الزيادات.
ومن الأساليب غير الأخلاقية التي يتعامل بها مثل هؤلاء الوسطاء بتدخّلهم بين المالك والمستأجر، على سبيل المثال، تلك العمولات التي يتقاضونها من الطرفين ويبلغ بالبعض أن يأخذ من المستأجر إيجار شهر أو شهرين كعمولة له، فضلاً عن تحايل البعض لرفع الإيجار من خلال تحويل الوحدة السكنية من شقة فارغة إلى شقة مؤثثة، أو نصف تأثيث، وتأجيرها على اعتبار أنها شقة مفروشة وبسعر يفوق بشكل مبالغ فيه ما كان عليه فيما لو كانت فارغة من دون أثاث.
المستغرب في الأمر أن إيجارات الوحدات السكنية ارتفعت هذا العام، كما اشتكى من ذلك أولئك الذين تسلّموا إشعارات خطية بالزيادة من الوسطاء العقاريين، خاصة الشقق ذات الغرفتين والثلاث غرف، فضلاً عن الفلل متوسطة الحجم، في مناطق خارج الدوحة كمنطقتي الوكير والوكرة وغيرهما، التي أنشأت فيها مؤسسات استثمارية إسلامية مجمّعات وقرى سكنية لذوي الدخل المحدود من المواطنين والمقيمين على حد سواء، ما أدّى في تلك السنوات الماضية الى التحكم في أسعار الإيجارات واستقرارها أمام الجشع الجارف للقطاع الاستثماري الخاص.
وعلى خلفية مبادرة هذه المؤسسات التي تضمّنت وقتها أشهراً مجانية ضمن عروض مشجّعة للوحدات السكنية المفروشة بأسعار تتناسب مع مداخيلهم، استبشر الناس خيراً، فانتقلوا إلى هذه القرى والمجمعات السكنية في ضواحي مدينة الدوحة، ليفاجأوا بعد سنوات قليلة بأن هذه العروض قد ألغيت من طرف واحد ولم تعد قائمة الآن، بالخطابات التي تخبرهم بقيم إيجارية جديدة لا تقل عن 20 بالمائة زيادة لعقودهم التي تنتهي قريباً، ما أشعر الكثيرين بالخداع والغبن لاعتقادهم أن السعر القديم سيكون مستمراً.
ومن مثل هذه السلوكيات غير المريحة في ظاهرها وباطنها، ما تلجأ اليه مكاتب الوساطة العقارية لعمارات الوقف العائدة للجمعيات الخيرية برفع القيمة الإيجارية للشقق السكنية فيها كل عام، أو كل عامين، دافعها الوحيد هو الجشع وزيادة عمولتها من هذه الجمعيات الخيرية، وعند السؤال يأتيك الجواب بأن الزيادة تتماشى مع سعر السوق بفتوى قد أقرّت ذلك، مع أن هذه مؤسسات خيرية وتستند تعاملاتها بما يتوافق مع ديننا الحنيف، وربما يكون الجواب مفترى على المعنيين وأصحاب العلاقة من قبل مثل هذه المكاتب أصلاً.
الآن، وبعد أن كشفنا عن هذه الظاهرة السلبية، نضعها أمام المسؤولين والملاّك، وبالتالي البحث عن حلول تراعي مصلحة المالك والمستأجر، وأيضاً الوسيط العقاري الذي يعتاش من وراء هذه المهنة، على أن تراعي كل هذه الأطراف في الوقت ذاته مخافة الله بعيداً عن الجشع والطمع ومنافقة طرف على حساب مصلحة الآخر.. ونقول للجميع "ارحموا من في الأرض ليرحمكم من في السماء".
اعتقد أن الحلول لهذه الظاهرة المدانة، تعتمد بالأساس على الحكمة التي تقول "القناعة كنز لا يفنى" و"ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"، ولطالما أن هذه الحكمة لا تتماشى مع عالم الماديّات الطاغي على حياة البشر، إلاّ من رحم ربي، فهناك مقترحات لحلول أخرى سأتحدث عنها في مقالي المقبل بمشيئة الله تعالى.. يتبع الثلاثاء المقبل.
(المصدر: الشرق القطرية 2015-01-20)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews