الضرائب والاسعار كوابح للنمو الاقتصادي
يوصف الميل لزيادة الضرائب وتقليص الخدمات العامة بمثابة كوابح تعمل في غير مصلحة النمو الاقتصادي وعامل لإبطاء الاستثمارات، وتحد من الطلب في الاقتصاد، وفي حال استمرار هذه السياسات عندها ترتفع مظاهر الفقر والبطالة، وتتكرس اختلالات اقتصادية اجتماعية تفضي الى اضعاف الاستقرار الاقتصادي والسياسي، وان المبالغة في فرض الضرائب يفشل الاهداف الاقتصادية والاجتماعية باعتبار الضرائب شكل من اشكال اعادة توزيع الثروات في المجتمع، لذلك ان زيادة نسبة الضريبة العامة على المبيعات تصيب الفقراء ومتوسطي الحال والاغنياء، الا ان الفقراء ومتوسطي الدخل هم الاكثر تضررا، وتضعف حركة التجارة في الاسواق.
هذه المقدمة لابد منها ونحن نتابع توقعات بيوت الخبرة لاتفاق الكونجرس الامريكي لتفادي وقوع البلاد من الهاوية المالية، وهذا الاتفاق يحمل تحديات كبيرة ومزايا مالية على المدى القصير، ويؤدي الاتفاق الى اضعاف الاستهلاك في وقت يكافح للافلات من ركود مستحكم يعد الاسوأ منذ عقود مضت، ان فرض ضرائب اضافية في ظل ظروف غير ملائمة خفضت ثروات الامريكيين، وهذه الضرائب تضعف قدرة اكبر اقتصاد عالمي على استقطاب المزيد من الاستثمارات الخارجية.
اتفاقية الكونجرس تأتي في ظل موازنة 35% من نفقاتها تمول بالاقتراض من خلال طرح سندات، وعجز يتجاوز التريليون دولار، ودين عام يتجاوز الناتج الاجمالي، واقتصاد يعاني من ارتفاع البطالة تقدر بنسبة 7,8%، وارتفاع اعداد طالبي بدل التعطل والاعانات الاجتماعية، اي ان الاتفاقية هي بمثابة فترة قصيرة لالتقاط الانفاس، والاغلب ان الاقتصاد الامريكي لن يستطيع الافلات من هذه الازمة التي سبقتها سلسلة من الازمات من الرهونات العقارية ثم الازمة المالية التي انفجرت خلال ايلول / سبتمبر من العام 2008، لاسيما وان الادارة الاقتصادية والمالية الامريكية لم تستطع الرد على هذه الازمات.
لايمكن لأي اقتصاد في العالم الاعتماد على الضرائب لجسر العجوز المالية وحدها، فالحلول المالية لا تنظر بعمق الى الحلول الاقتصادية، لذلك لم تستطع اليابان الافلات من ازمة العام 1999 حتى يومنا هذا واصبحت اكبر دولة مدينة نسبة الى الناتج الاجمالي ( 260% )، ومنطقة اليورو غرقت في ازمات الديون السيادية وتواجه استحقاقات في مقدمتها اختفاء العملة الاوروبية الموحدة ( اليورو )، وتفكك الاتحاد الى ثلاثة محاور وائتلافات، مع اضعاف الدور الاوروبي سياسيا واقتصاديا.
الاردن الذي يواجه استحقاقات مالية واقتصادية واجتماعية يحتاج الى نظرة فاحصة لما يجرى في العالم شرقا وغربا، فالاعتماد على الحلول الامريكية والاوروبية في الافلات من ازمات مالية واقتصادية مستعصية لاتخدم الاقتصاد الاردني، وان النموذج التنموي لاقتصادات الدول الصاعدة في مقدمتها الصين والبرازيل والهند، حيث اعتمد هذا النموذج الحلول الاقتصادية والانتاجية بعيدا عن الحلول المالية التي افضت الى الفقاعات المالية في الشرق والغرب.
(الدستور)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews