مشاكل الصادرات المصرية – برتقال البحيرة نموذجاً
تعتبر عملية التصدير ذات أهمية حيوية بالنسبة لأي دولة وتطرح آثارها الإيجابية على الاقتصاد القومي ككل، وذلك نظراً لكونها مصدراً أساسياً للحصول على العملات الصعبة وإمكانية تحقيق التوازن أو تقليل الفجوة في الميزان التجاري للدولة، فضلاً عن دعم مختلف مكونات النشاط الاقتصادي، ولذلك تتبع مختلف دول العالم سياسات نشطة لتشجيع الصادرات وخصوصاً بالنسبة للمنتجات والمحاصيل التي تتمتع فيها الدولة بميزة نسبية مما يمكنها من زيادة المقدرة التنافسية في الأسواق الدولية، كما تعمل الدول على إزالة المعوقات المختلفة التي يمكن أن تؤثر سلباً على الصادرات، وتعمل مختلف أجهزة الدولة على زيادة الحصة التصديرية وقد يصل الأمر في بعض الدول إلى دعم المزارعين أو المنتجين لحاصلات معينة لزيادة القدرة التصديرية.
وتحتاج مصر وخصوصاً في هذه الآونة التي تمر بها البلاد إلى اتباع سياسات تشجع على التصدير، وتزيد من حصة التصدير في الأسواق العالمية، وإزالة المعوقات التي يمكن أن تؤثر سلباً على عملية التصدير وخصوصاً بالنسبة للحاصلات التي تتمتع فيها مصر بميزة نسبية ومن ذلك على سبيل المثال محصول الموالح ذي الأهمية الخاصة بالنسبة للصادرات المصرية، ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى بعض العوائق التي تعترض تصدير هذا المحصول وتؤثر على جودته باتخاذ محافظة البحيرة كنموذج تطبيقي وذلك على النحو الآتي:
أولاً: يوجد العديد من الأضرار التي لحقت بإنتاج الموالح في هذه المنطقة التي كانت تعد من أجود أنواع الموالح المصرية ويخصص جزء كبير منها للتصدير، وذلك نتيجة مداخن شركة كهرباء أبوقير، وبناء على شكاوى مقدمة من أهالي منطقة الطرح التابعة للإدارة الزراعية بكفر الدوار تشكلت لجنة من مديرية الزراعة بالبحيرة وإدارة كفر الدوار الزراعية للمعاينة على الطبيعة، وقد أثبتت المعاينة ترسب بقع مازوتية على جميع المزروعات الخاصة بالأهالي من جراء رذاذ شركة الكهرباء مما يؤدي إلى انسداد ثغور النباتات وحرق المنطقة التي توجد أسفل البقعة المازوتية سواء على السيقان أو الأوراق أو الثمار مما يؤثر بالسلب على حالة النباتات وإنتاجيتها وعدم صلاحية المنتج، وذلك وفقاً لما ورد في تقرير لجنة مديرية الزراعة الذي أوصى أيضاً بالعمل على تلافي الضرر باستخدام التقنيات الفنية اللازمة لرفع الضرر عن الأهالي.
ويمكن تفسير هذه الأضرار التي لحقت بمحصول الموالح بصفة خاصة وأدت إلى الحيلولة دون تصديره بأنها تعود إلى قيام شركة الكهرباء المذكورة بتخفيض نفقات التشغيل من خلال التحول من الغاز إلى استخدام المازوت الذي أثر سلباً على الحاصلات الزراعية في منطقة متسعة من الأراضي المزروعة بالموالح والتي قد تصل إلى 1200 فدان كان يوجه معظم إنتاجها إلى التصدير، وهكذا فإن محاولة تحقيق انخفاض بسيط في نفقات التشغيل لشركة الكهرباء قد أدت إلى أضرار جسيمة بالمحاصيل وأثرت سلباً على عملية التصدير، وأصبح بالتالي ما تحقق من وفر في تكلفة التشغيل يقل كثيراً عن الأضرار التي تحققت من عدم صلاحية المحاصيل للتصدير، وهذا النموذج هو مثال لما يمكن أن يحدث نتيجة عدم وجود استراتيجية واحدة وواضحة ومتكاملة تتعلق بالتصدير.
ثانياً: كذلك يتضرر الأهالي المنتجون للموالح في مناطق أخرى من البحيرة خصوصاً في قرى ومراكز رشيد ومناطق التفتيش والساحل التي تعتبر من أجود المناطق إنتاجاً للموالح من تدني الأسعار بالنسبة للموالح خصوصاً محصول البرتقال حيث تعتبر مصر في المركز السابع عالمياً من حيث إنتاج محصول البرتقال المرتفع الجودة، ولكن مع ارتفاع تكلفة الإنتاج وتزايد أسعار الأسمدة والمخصبات الزراعية والكهرباء والأيدي العاملة أصبح العائد لا يغطي تكلفة الإنتاج، وخطورة ذلك الوضع أنه قد يدفع المنتجين إلى التحول إلى إنتاج محاصيل أخرى أكثر ربحية وتتراجع مصر عن مركزها المتقدم عالميا في إنتاج الموالح وتتيح المجال لدول أخرى منافسة من حيث الإنتاج والتصدير وتتخلى بذلك مصر عن حصتها المناسبة في تصدير محصول تتمتع فيه بميزة نسبية، وهو ما يمثل إضراراً بالمزارعين من ناحية وكذلك بالاقتصاد القومي من ناحية أخرى.
ثالثاً: إن قضية التصدير بالنسبة لمصر يمكن النظر إليها باعتبارها قضية أمن قومي، وذلك نظراً لما تطرحه من آثار إيجابية على المزارعين والمنتجين وعلى الاقتصاد القومي ككل ولذلك قد يكون من المرغوب فيه العمل على الحفاظ على تسويق الحاصلات المصرية عالمياً وذلك بمراعاة الآتي:
أ - أن تكون هناك سياسة موحدة ومتكاملة لتشجيع الصادرات المصرية خصوصاً بالنسبة للمحاصيل والمنتجات التي تتمتع فيها مصر بميزة نسبية وتزيد فيها المقدرة التنافسية وإزالة كافة العوائق التي يمكن أن تؤثر على ذلك.
ب - تحقيق التوازن في السعر وبما يحقق مصلحة المنتج وبحيث لا يكون سعر محصوله متدنياً للغاية، وكذلك مصلحة المواطن وبحيث لا يحصل على السلعة بسعر مرتفعاً وهو ما يمكن أن يتحقق من خلال التوازن بين الصادرات من جانب واحتياجات السوق المحلي من جانب آخر.
جـ - أن يكون هناك دور واضح للحكومة في تشجيع الصادرات المصرية وألا يترك الأمر للقطاع الخاص وحده، بل تقوم الحكومة باتباع سياسة واضحة لتشجيع الصادرات ويمكن أن يكون هناك دور متميز في هذا الشأن لوزارة الزراعة ووزارة التعاون الدولي والغرف التجارية وفتح أسواق جديدة للتصدير من خلال الاتفاقيات الثنائية وبما يحقق مصلحة المواطن المصري والمنتج والاقتصاد القومي.
(المصدر: الوفد المصرية 2014-11-19)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews