هل يتحول اليوان الصيني إلى عملة عالمية؟
توقع الكثير من الخبراء الاقتصاديين حول العالم أن يصبح الاقتصاد الصيني أكبر اقتصاد وأضخم ناتج محلي على المستوى العالمي خلال الفترة (2025-2030) بعد أن استطاع أن يحل محل الاقتصاد الياباني الذي كان يحتل مرتبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم (بعد الولايات المتحدة الأمريكية) حتى سنوات قليلة مضت... ورغم إعلان الصين عن عزمها جعل اليوان عملة قابلة للتحويل في عام 2015 إلا أنها مازالت تضع العديد من القيود على تداول عملتها عالمياً.
وإن كان بعض الخبراء يرون أن العملة الصينية ستكون خلال العقد القادم لا محالة إحدى أهم العملات العالمية الأساسية في تشكيل الاحتياطيات النقدية على مستوى العالم، وأنها سوف تهدد المكانة الكبرى التي يحظى بها الدولار الأمريكي حالياً... ويؤكد هؤلاء الخبراء على أن الهدف من القيود التي تضعها السلطات الصينية على اليوان كعملة غير قابلة للتحويل هو حماية أسواقها المالية من الأخطار التي يمكن أن يفرضها عليها العالم الخارجي، وتوقع هؤلاء الخبراء رغم ذلك أن تستحوذ العملة الصينية على حوالي %20 من جملة الاحتياطات النقدية الدولية بحلول عام 2030.
إلا أن على السلطات النقدية الصينية إذا كانت راغبة بالفعل في الانضمام للعملات القابلة للتحويل أن تبدأ في تشجيع البنوك المركزية الأجنبية خاصة الكبرى منها في اقتناء العملة الصينية ضمن احتياطياتها بالنقد الأجنبي، وكذا استخدام اليوان في تسوية مدفوعات تجارتها الدولية وأيضاً تسوية كافة التحويلات النقدية حتى وإن لم تكن لها علاقة مباشرة بالصين.
ويرى الكثير من الخبراء أن العقبة الحقيقية في عدم استجابة السلطات الصينية لسرعة تحويل اليوان إلى عملة عالمية هو عدم اقتناع الكثير من المسؤولين الصينيين بأهمية عملية التحويل وخشيتهم من عواقب هذه الخطوة على أسواق بلادهم، ومن خطر نزوح مبالغ ضخمة من رؤوس الأموال إلى الخارج، وكذا من إمكانية جعل اليوان قوياً بدرجة كبيرة بما يتسبب في رفع تكلفة السلع والمنتجات الصينية ومن ثم إضعاف القدرة التصديرية للبلاد.
كما تخوف الكثير من المسؤولين الصينيين كذلك من تحويل عملتهم اليوان إلى عملة عالمية لما سوف يترتب على هذه الخطوة من تحرير لسعر الفائدة بالبنوك الصينية ومن ثم زيادة تكلفة التمويل والاقتراض للشركات الحكومية الصينية التي تشكل الجزء الأكبر من إجمالي الناتج المحلي للصين، كما ستؤدي عملية التحويل إلى إمكانية حدوث ذبذبات حادة بسعر صرف اليوان،مما فرض على المسؤولين الصينيين ضرورة التريث والتروي من الإسراع في عملية التحويل.
وعلى السلطات الصينية قبل أن تٌفعل دور عملتها كي تصبح عملة عالمية فلابد لها أن تخطو ثلاث خطوات هامة.... تتمثل الخطوة الأولى منها في إتمام عملية التدويل، أي استخدام عملتها في التجارة الدولية وكوسيط للتبادل الدولي، وتتمثل الخطوة الثانية في وضع الضوابط التي تحكم حركة رأس المال منها وإليها سواءً كانت بشكل نقدي أو على صورة أسهم أو استثمارات أجنبية مباشرة أو غير ذلك، أما الخطوة الثالثة فتتمثل في استخدام اليوان كعملة احتياطيات في البنوك المركزية بدول العالم.
ولقد بدأت الصين بالفعل في اتخاذ بعض الخطوات المهمة نحو تدويل عملتها، حيث سمحت اعتباراً من عام 2012 باستخدام عملتها في عمليات تسوية التجارة الدولية، وقامت كذلك بعقد مجموعة من الاتفاقيات الثنائية لمقايضة العملة وبصفة خاصة مع الدول التي تستورد منها احتياجاتها من المواد الخام، كما سمحت أيضاً باستخدام اليوان في المناطق الحرة.
ولتأكيد اعتزام ورغبة السلطات الصينية في تحويل عملتها إلى عملة عالمية، فقد سمحت لبعض مؤسسات الاستثمار باستخدام يوان المناطق الحرة في الاستثمار في الأسهم والسندات الصينية، وسمحت كذلك باستخدامه في شركات التخارج وفي طرح المزيد من إصدارات السهم باليوان في هونج كونج، ولقد بدأت بعض الدول النامية بالفعل في استخدام اليوان الصيني ضمن احتياطياتها بالعملات الأجنبية.
ويؤكد الكثير من الخبراء والمحللين الدوليين أن الصين قد قطعت شوطاً كبيراً نحو تدويل عملتها وذلك رغم تحركها بحذر شديد في عمليات تحرير حركة رأس المال منها وإليها... وأنها بدأت السير بخطى واثقة لاستكمال عملية التحرير بشكل كامل والتي قد تستغرق عدة سنوات، ستكون قادرة في نهايتها من الاستحواذ على نصيب جيد من كعكة عملات الاحتياطات النقدية العالمية على مستوى العالم.
(المصدر: الشرق 2014-11-05)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews