Date : 23,11,2024, Time : 02:30:41 PM
13619 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأربعاء 12 محرم 1436هـ - 05 نوفمبر 2014م 01:41 ص

ما بعد الانتخابات التونسية

ما بعد الانتخابات التونسية
احمد سيد احمد

تمثل الانتخابات التشريعية التونسية خطوة جيدة فى الطريق الصحيح، لكنها ليست نهاية المطاف ولا تعنى أن تونس قد انتقلت من مربع الصراع والاستقطاب إلى دائرة الاستقرار السياسى والأمنى.

فدلالات تلك الانتخابات تمثلت فى عدة أمور أولها تغير شكل الخريطة السياسية مع صعود أحزاب جديدة كنداء تونس والاتحاد الوطنى الحر وحزب الجبهة وحزب أفاق, وتراجع أحزاب أخرى كحزب المؤتمر وحزب التكتل الديمقراطى من أجل العمل والحريات واللذين كانا يشاركان حزب النهضة فى الحكم خلال المرحلة الانتقالية السابقة, وثانيها تبلور الاستقطاب السياسى فى البلاد بين حزبين كبيرين هما حزب نداء تونس وحزب النهضة مما يحدد بشكل كبير شكل واتجاه التفاعلات السياسية فى المرحلة المقبلة, خاصة إذا ما انتقل النهضة إلى صفوف المعارضة, وثالثا أن القضايا الاقتصادية كان الحاسم فى ترجيح صعود أو تراجع هذا الحزب أو ذاك, ورابعا انحياز الشعب التونسى لمدنية الدولة ورفض محاولة طرف تغيير هويته.

وقد ساهمت الانتخابات التشريعية فى تقدم خريطة الطريق إلى الأمام واستكمالها بإجراء الانتخابات الرئاسية فى هذا الشهر بما ينهى المرحلة الانتقالية, ما يعنى أن تونس قد تجاوزت عنق الزجاجة وعدم الانجرار إلى أتون الصراعات والحروب, كما حدث فى بعض دول الربيع العربى الأخرى كليبيا واليمن وسوريا, وذلك بفضل تغليب لغة الحوار والتوافق ومرونة حزب النهضة وتراجعه التكتيكى فى التخلى عن السلطة، وتشكيل حكومة ائتلافية لتجنب مصير وسقوط التيار الإسلامى فى الدول الأخري.

لكن مع ذلك يظل المشهد التونسى مليئا بالتناقضات العديدة التى تمثل تحديات كبيرة وتحتاج إلى معالجتها بحكمة أولها إنهاء حالة الاستقطاب الحادة داخل المجتمع, والذى تحول من استقطاب بين القوى الإسلامية والقوى المدنية, اليسارية والليبرالية, وساهم فى عرقلة المرحلة الانتقالية ووقوع أعمال عنف فى البلاد, إلى استقطاب بين أنصار نظام بن على وأنصار ثورة الياسمين, وذلك بعد صعود حزب نداء تونس الذى يضم عناصر من نظام بن على, وهو ما يثير المخاوف لدى البعض من احتضار الثورة التونسية وعودة نظام الحزب الواحد, خاصة ما سيطر حزب نداء تونس أيضا على مؤسسة الرئاسة بعد عزم رئيسه الباجى قائد السبسى الترشح لتلك الانتخابات, وثانيها, أن حزب نداء تونس فاز بالأغلبية فى الانتخابات ليس لأنه قدم برنامجا شاملا ومتكاملا لحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, ولكن لتراجع أداء حزب النهضة فى الحكم, أى كان بمثابة تصويت عقابى للنهضة, وهو ما انعكس فى تصويت الناخبين فى الأماكن الفقيرة وفى معاقل الحزب نفسه لحزب نداء تونس, ومن ثم يبرز التحدى الأكبر أمام حزب نداء تونس بعد تشكيله الحكومة عقب الانتخابات الرئاسية هو قيادة المجتمع صوب الاستقرار والتنمية والانفتاح على القوى السياسية الأخرى بما فيها القوى الإسلامية وبدء مرحلة جديدة من العمل السياسى ترتكز على عدم العودة إلى سياسة الاستحواذ بالسلطة وتهميش القوى الأخري, والأهم من ذلك هو التركيز على شرعية الإنجاز التى تشعر المواطن التونسى بوجود تحسن ملموس فى حياته اليومية والمعيشية, وهذا هو المعيار الأساسى الذى يمكن هذا الحزب أو غيره من ضمان التفاف الجماهير حوله, وليس الشرعية الدينية أو الإيديولوجية, وفى المقابل فإن التيارات الإسلامية, وعلى رأسها حزب النهضة, عليها أن تستوعب درس الانتخابات جيدا وتدرك أنها تحتاج أن تصدر للمواطن برنامجا واقعيا وعمليا لحل مشكلاته وليس برنامجا دينيا يسهم فى تأجيج حالة عدم الاستقرار فى المجتمع, كما فعلت التيارات الإسلامية فى الدول العربية الأخري, وأن تتخلى تماما عن العنف لتحقيق أهدافها, وأن تنفتح على التيارات الأخرى فى إطار تغليب المصلحة التونسية العليا, وتكريس الديمقراطية الحقيقية التى تسمح بالتعايش بين جميع الاختلافات السياسية والطائفية, والعمل الجماعى من أجل نهضة البلاد وتحقيق أهداف الثورة فى العيش والحرية والكرامة الإنسانية.

وثالثها تناقض الدور الخارجى فى التفاعلات التونسية والذى لعب دورا سلبيا فى السابق، ومن المتوقع أن يستمر فى لعب هذا الدور فى المرحلة المقبلة عبر تغذية ودعم هذا الطرف أو ذاك وإمداده بالأموال الطائلة لترجيح كفة التيار الدينى على التيار المدنى أو العكس، أو تغليب كفة أنصار النظام القديم على أنصار الثورة أو العكس أيضا, وهو ما كان عامل توتر وزاد من حدة الاستقطاب والصراع, كما أن الدور الغربى يزداد حاليا للتدخل فى شئون تونس والدول العربية الأخرى تحت مظلة الترويج للنموذج التونسى فى الديمقراطية والتعايش بين الإسلاميين والعلمانيين, وهو دور يستهدف تحت طياته تحقيق مصالح تلك الدول وفرض نموذج معين على الشعوب العربية.

ما بعد الانتخابات التونسية هو الأهم وسوف يحدد بشكل كبير مصير وطريق هذا البلد, فإما أن تتكاتف جميع الأطراف والقوى السياسية وتنحى خلافاتها وصراعاتها، وتدعم عملية التوافق السياسى، وإعادة بناء الدولة والمجتمع بعد أربع سنوات عجاف, وإما أن تستمر فى صراعاتها واختلافاتها واستقطاباتها الداخلية والخارجية، وهو ما ينقل المشهد التونسى إلى فصل آخر لا يقل قتامة عن السابق.

الاهرام 2014-11-05




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد