تحديات الانتخابات التونسية
تحديات عديدة تواجه الانتخابات البرلمانية في تونس المقررة في 26 من الشهر الحالي التي انطلقت حملاتها الدعائية منذ أيام مضت، يليها في الشهر المقبل انتخاب رئيس البلاد في جو من التنافس الديمقراطي، حيث يأمل المواطن التونسي تغييراً شاملاً نحو الأفضل في حياته سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، من خلال رسم خريطة حزبية جديدة بعد يوم الاقتراع واختيار المرشحين والأحزاب الأكثر حرصاً على مصالحه، والأقرب لتنفيذ طموحاته بعيداً عن "الترويكا" الحاكمة، وحركة النهضة بالذات التي أوصلت البلاد في كثير من الفترات الزمنية بعد سقوط النظام السابق إلى حافة الانهيار، وأدت إلى ظهور الإرهاب ليس في جبل الشعانبي فحسب، بل وتصدير عناصره الأكثر تطرفاً إلى سوريا، حيث تشير تقديرات المؤسسات العالمية المتخصصة إلى وجود الآلاف منهم في صفوف التنظيمات الإرهابية كتنظيم "داعش" و"جبهة النصرة"، الأمر الذي بات الإرهاب يهدد فيه سلامة الأمن العربي برمته .
يطمح التونسيون من خلال صناديق الاقتراع إلى العبور إلى عهد جديد يحقق الأمن والازدهار الاقتصادي للبلاد، بعد أن وصلت إلى مرحلة الإفلاس، لكن يبدو أن الشك والغموض أصبحا سيدي المشهد السياسي والاجتماعي، بعد عدة أيام، من انطلاق الحملات الانتخابية، مع اكتشاف حالات عدة من التزوير والرشوة وتزكيات مزورة لسباق الرئاسيات، ما يولد الخوف من أن تعزف شريحة كبيرة من المواطنين عن الإدلاء بأصواتها وبالتالي إعادة إنتاج الترويكا الحاكمة نفسها، ما يصل بتونس إلى واقع أكثر تردياً مما هو عليه الآن، فضلاً عن مزيد من الانقسام والتشتت .
الترويكا الحاكمة في تونس بزعامة حركة النهضة الإخوانية، فشلت خلال سنواتها الثلاث الماضية، في نيل ثقة المواطن بتحقيق مستقبل أكثر أمناً واستقراراً أمام تدهور الوضع الأمني ومقتل العديد من عناصر الأمن والجيش والمدنيين في كمائن غادرة للإرهاب الأعمى في البلاد، إضافة إلى انتشار البطالة وخاصة في صفوف الشباب وتراجع النمو وغير ذلك من الملفات العالقة، ما خلق أزمة ثقة بين النخب السياسية الحاكمة أو حتى الحزبية الطامحة للوصول إلى كراسي الحكم والبرلمان وبين مختلف فئات الشعب .
على التونسيين أن يعيدوا الكثير من حساباتهم والاستفادة من تجارب سنوات ما بعد إطاحة نظام زين العابدين بن علي، والمحاولة قدر الإمكان في تفادي تكرار الإخفاقات المتكررة ومساعي النخبة الحاكمة بتوجيه البلاد إلى المجهول بممارسة مراهقتها السياسية ونرجسيتها المفرطة على حساب الشعب الذي ثار لتحقيق تغيير جذري في حياته، لا أن يجد في وجهه حكاماً هم أسوأ من أركان النظام السابق وأكثر تكابراً عليه، وإصرارًا على اقتراف الخطأ تلو الآخر بحق حاضره ومستقبله .
لن تكون السنوات الخمس المقبلة في تونس خالية من المصاعب، فهناك الكثير من التحديات التي يجب على كل فائز في الانتخابات التشريعية والرئاسية القيام بواجبه والمهام الملقاة على عاتقه على الشكل الأمثل، بملامسة وتخفيف معاناة المواطنين اليومية من عنف وإرهاب وفقر وبطالة واستعادة ثقته، لأن البديل الوحيد عن ذلك، فقدان الثقة بين الطرفين، وبالتالي امتناع الشعب عن اختيار حاكمه وبرلمانه نتيجة وصوله إلى مرحلة من اليأس والإحباط من السياسيين والحزبيين في بلاده، وهذا ما لا نرجو الوصول إليه .
(المصدر: الخليج 2014-10-12)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews