الشرق الأوسط ونمو جديد في طاقات التكرير
تشهد الدول النفطية في منطقة الشرق الأوسط موجة بناء مصافي تكرير جديدة، من شأن هذه الموجة رفع طاقات التكرير الإقليمية بنسبة قد تصل إلى الثلث على مدى السنوات الخمس المقبلة. طاقات التكرير الجديدة مصممة لإنتاج منتجات نفطية تواكب أحدث متطلبات الوقود في الاتحاد الأوروبي، هذه المنتجات سوف تتنافس مع صادرات مصافي الولايات المتحدة وآسيا للحصول على موطئ قدم في أوروبا. في الوقت نفسه من المتوقع أن تعجل هذه الموجة الجديدة من المصافي في إغلاق مرافق التكرير القديمة وغير الفعالة في أوروبا.
شهدت منطقة الشرق الأوسط أول موجة في بناء المصافي في ثمانينيات القرن الماضي، لكن نمو الطلب على المنتجات في المنطقة استوعب الكثير من تلك الطاقات. الموجة الجديدة من المصافي يمكن أن تضيف في نهاية المطاف طاقات تصديرية جديدة للمنطقة تتجاوز ثلاثة ملايين برميل في اليوم، ما قد يعزز الاتجاه العالمي نحو تصدير المنتجات لمسافات طويلة. في وقت من الأوقات، كانت اقتصاديات السوق تتطلب تصدير النفط الخام مسافات طويلة إلى مصافي التكرير التي تقع بالقرب من مراكز الطلب، لكن المصافي الكبيرة الجديدة لها ميزة اقتصادية على وحدات التكرير الأصغر والأقدم. كما أن بناء ناقلات المنتجات العملاقة وتطوير مرافق الاستيراد المستقلة ساعدا أيضا على تغيير المعادلة.
مع توسع تجارة المنتجات لمسافات طويلة، أصبحت التوقعات بخصوص مستقبل المصافي الأوروبية الأصغر والأقدم أكثر متشائمة. تعاني أوروبا بالفعل من طاقات التكرير الفائضة، لذلك معدلات تشغيل مصافيها بصورة عامة منخفضة، كما أن المصافي الأوروبية صمم معظمها لتعظيم إنتاج البنزين. إن معدلات تشغيل المصافي المنخفضة تؤدي إلى ارتفاع التكاليف التشغيلية لكل برميل من الإنتاج، وذلك لأن التكاليف الثابتة سوف يتم تحميلها على كمية أقل من الإنتاج، في حين أن التركيز على إنتاج البنزين ترك المصافي الأوروبية تعاني شحا في وقود الديزل الأكثر ربحية.
في العام الماضي، شهدت المصافي في الاتحاد الأوروبي انخفاضا حادا آخر في معدلات التشغيل، حيث انخفض معدل التشغيل إلى 78.9 في المائة من 81.3 في المائة في عام 2012، وفقا لنشرة شركة بريتيش بتروليوم الإحصائية للطاقة العالمية. في العام الماضي، انخفض معدل تشغيل المصافي لأوروبا وأوراسيا مجتمعة إلى 80.1 في المائة من 81.7 في المائة. وشهدت منطقة الشرق الأوسط، التي أضافت طاقات تكريرية جديدة في العام الماضي، انخفاضا في معدلات التشغيل إلى 72 في المائة من 77.4 في المائة. حتى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، التي تمتلك أكبر تجمع في العالم من طاقات التكرير وقوة الطلب المحلي، شهدت انخفاضا طفيفا في معدلات تشغيل مصافيها إلى 81.6 في المائة من 82 في المائة في عام 2012.
في المقابل، استفادت شركات التكرير في أمريكا الشمالية من زيادة النشاط، حيث قفز معدل تشغيل مصافيها من 83.7 في المائة في عام 2012 إلى 85.6 في العام الماضي. السبب في ذلك يعود إلى ارتفاع إنتاج الصخر الزيتي، صادرات النفط الخام مفروض عليها قيود صارمة بموجب القانون الاتحادي، لذلك يتم تكرير النفط في المصافي المحلية لغرض تصدير المنتجات. شهدت أمريكا الجنوبية والوسطى ارتفاع طفيف في معدل تشغيل المصافي هناك، حيث وصل إلى 79.4 في المائة. لكن على المستوى العالمي، تجاوزت الخسائر المكاسب وانخفض معدل تشغيل المصافي العالمية من 81.2 في المائة في عام 2012 إلى 80.4 في المائة في العام الماضي.
من جانب آخر وجدت دراسة استبيانية قامت بها إحدى دور المعرفة أخيرا أن منطقة الشرق الأوسط قد تجاوزت آسيا باعتبارها المنطقة التي تخطط لبناء أكبر كمية من طاقات التكرير الجديدة. حيث يشير الاستبيان إلى أن منطقة الشرق الأوسط تستقطب نحو 35 في المائة من طاقات التكرير الجديدة مقابل 31 في المائة في آسيا.
ووجدت الدراسة الجديدة أن طاقات التكرير الجديدة والتوسعات المخطط لها تقدر بنحو 8.93 مليون برميل في اليوم، من المؤمل الانتهاء من إنجازها خلال السنوات الخمس المقبلة، انخفاضا من 10.53 مليون برميل في اليوم حسب دراسة العام الماضي، يعود السبب في ذلك جزئيا إلى إنجاز عدد من المشاريع خلال العام الماضي.
الطاقات المخططة الجديدة تمثل نحو 9.5 في المائة من الطاقات العالمية المتوافرة حاليا. هذه الزيادة في طاقات التكرير تشير إلى الحاجة إلى إغلاق طاقات كبيرة من المصافي العالمية الأقل كفاءة، على الرغم من أن حجم كبير من هذه الطاقات سوف لا يتم إنجازها كما هو مخطط. ذلك أن هذه الخطط الطموحة قد تتقلص بسبب عدم الحصول على التمويل اللازم، كما أن بعض هذه المشاريع تتنافس مع بعضها البعض، حيث إن بدء عمليات التشييد في إحداها قد يمثل نهاية للمشروع الآخر.
بالنسبة لمصافي التكرير الأخرى في العالم، تكمن أهمية طاقات التكرير الجديدة في منطقة الشرق الأوسط في أن معظمها يبحث عن أسواق للتصدير. حسب الدراسة الاستبيانية منطقة الشرق الأوسط سوف تضيف نحو 3.1 مليون برميل في اليوم من طاقات التكرير الجديدة، أي بزيادة قدرها أكثر من ثلث طاقات التكرير الحالية للمنطقة والبالغة نحو 8.82 مليون برميل في اليوم، والتي تتماشى مع الاستهلاك المحلي للمنطقة لعام 2013 والبالغ أيضا 8.8 مليون برميل في اليوم، في حين أن الإنتاجية الفعلية لمصافي المنطقة بلغت 6.35 مليون برميل في اليوم (أي بمعدل تشغيل 72 في المائة).
( الاقتصادية 2014-10-16 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews