النيكل يفقد بريقه ويترنح في المنطقة الحمراء
قبل خمسة أشهر كان النيكل يلمع بصورة زاهية. في ذلك الحين ارتفع المعدن فضي اللون إلى أعلى مستوى منذ عامين على خلفية حظر تصدير هدد بوقف الإنتاج في الصين ودفع الأسعار إلى أعلى حتى من ذلك.
لكن منذ ذلك الحين تلاشى بريق المعدن. وعلى الرغم من أن إندونيسيا، أكبر مورد في العالم لخام النيكل، لا تزال تطبق قرار الحظر بحزم، إلا أن النيكل -الذي يستخدم أساسا في إنتاج الفولاذ المقاوم للصدأ – انخفض بنسبة 24 في المائة من ذروته في أيار (مايو) ودخل منطقة السوق الهابطة.
وجاء الهبوط بمثابة مفاجأة. فخلال معظم العام كان النيكل صاحب أفضل أداء في بورصة لندن للمعادن. وبعد أن قررت إندونيسيا بشكل غير متوقع المضي في قرار حظر التصدير، قفز سعر النيكل المكرر أكثر من 50 في المائة، ليبلغ 21625 دولارا للطن في أيار (مايو).
وكانت إندونيسيا هي المورد الرئيس لخام النيكل إلى الصين، حيث تتم معالجته لإنتاج نيكل الحديد الخام NPI، وهو بديل رخيص الثمن عن النيكل النقي للاستخدام في صناعة الفولاذ. وفي وقت سابق هذا العام كان المشاركون في السوق يراهنون حتى على ارتفاع الأسعار بشكل أكبر، في الوقت الذي كانت شركات الإنتاج الصينية تحاول العثور على مخزونات لتغذية الأفران الخاصة بها. وفي جزء منه، يعد الأداء الضعيف للنيكل نتيجة القوى التي طالت جميع المعادن الصناعية: قوة الدولار الأمريكي والمخاوف بشأن تباطؤ النمو في الصين، وهي أكبر مستهلك في العالم للسلع. لكن لم يكن هناك معدن تراجع بقدر تراجع النيكل أو سرعته. وبعيدا عن الضعف العام في السلع الأولية المختلفة، يعزي محللون التراجع الحاد في النيكل إلى فضيحة تخزين في أحد الموانئ الصينية الكبيرة، حيث تم كشف النقاب عن مخزون لم يكن معروفا. وقال ستيفن بريغز، وهو محلل استراتيجي أول للمعادن لدى بنك بي إن بي باريبا "كانت الشرارة التي أشعلت التراجع في الأسعار هي أزمة تشينغداو، بالرغم من أنها اشتملت أيضا على النحاس والألومينا". وأضاف "الناس ليسوا حريصين على التمويل على الطريقة الصينية – إنها مثل الصندوق الأسود". وفي حزيران (يونيو) تم رفع الغطاء عن فضيحة المستودعات -في مدينة تشينغداو الساحلية في شمال شرقي الصين -بعد أن تبين أن شركات التداول الصينية استخدمت مخزونات النحاس والألمنيوم وكانت تقدمها ضمانا عند التقدم للحصول على قروض متعددة. وعلى الرغم من أن النيكل لم يكن هو اعامل المباشر، إلا أن الآثار الأوسع نطاقا لفضيحة "تشينغداو" أضرت بسرعة بالمعدن، ولعبت دورا محوريا -وغير متوقع -في انخفاض سعره.
ويقول دانييل هاينز، كبير محللي السلع في بنك ANZ "على ما يبدو فإن الزيادة في أسعار النيكل بالتزامن مع تشديد شروط الائتمان في أعقاب فضيحة تمويل المخزون في "تشينغداو" أغرت بإخراج المخزون الذي كان مخفيا في السابق إلى السوق الدولية المفتوحة".
وكان متوسط مستوى حصة الصين من صادرات النيكل المكرر على مدى السنوات الخمس الماضية نحو ثلاثة آلاف طن شهريا، وفقا لبنك ANZ. لكن في الأشهر الأخيرة كانت الصين تسجل تدفقات خارجة تزيد على 18 ألف طن، حسب تقديرات البنك. وقد انتهى المطاف بمعظم هذه الكميات في مستودعات في آسيا تابعة لبورصة لندن للمعادن ولجهات أخرى. "هذا تم على الأرجح نتيجة فضيحة مويل المخزون في تشينغداو"، كما يقول هاينز.
ويوافق محللون آخرون على ذلك، منهم كولن هاملتون، رئيس أبحاث السلع العالمية في بنك ماكواري، الذي يقول "كان يعتقد دائما أن هناك مخزونات غير مرئية من النيكل في الصين، وبعد تشينغداو أصبحت فجأة مرئية". ويضيف "كان هذا عاملا كبيرا في الإجهاد الذي أصاب السوق الصاعدة".
وفي الوقت الذي أصبحت فيه مخزونات النيكل أكثر وضوحا، هناك اتجاه آخر كان مفيدا في مساندة العرض، هو الفلبين.
وبحسب بريغز "انتشرت واردات خام النيكل من الفلبين هذا العام". ويضيف "ما يبدو مرجحا هو أنه مع قليل من المزج بين خام الفلبين ذي النوعية الأدنى وخام النيكل المخزن بالأصل، كانت الصين قادرة على الاستمرار إنتاج نيكل الحديد الخام". لكن المعروض من الفلبين ذو نوعية أدنى، وليس من المرجح أن يكون قادرا على التعويض عن فقدان الإنتاج من إندونيسيا، خصوصا مع اقتراب موسم الرياح الموسمية. ففي عام 2013 كان إنتاج المناجم الإندونيسية من النيكل 834 ألف طن، أي نحو ثلث الإنتاج العالمي، وفقا لبيانات من مجموعة دراسة النيكل الدولية. وأنتجت مناجم النيكل في الفلبين 315 ألف طن العام الماضي.
ويضيف بريغز "هناك ناتج ثنائي الطابع. إذا بقي الحظر من إندونيسيا قائما، لن تستطيع الفلبين التعويض عن النقص تماما – من الممكن أن تعوض عن جزء معين ولكن ليس عن الكل. لكن إذا خففت إندونيسيا الحظر، فسوف تتغير الصورة تماما".وفي الوقت الحاضر ليست هناك دلائل تذكر على أن الحكومة الإندونيسية بصدد تخفيف الحظر. وعلى الرغم من فقدانه ربع سعره تقريبا في الأشهر الأخيرة، لا يزال أداء النيكل هو الأفضل بين المعادن القاعدية في عام 2014 حتى الآن، بتسجيله ارتفاعا يبلغ 17 في المائة. وكما يقول هاملتون "لا يزال النيكل ديرا بالمراقبة. القيد على المواد الخام شيء من الصعب حله في أسواق السلع الأساسية".
( فايننشال تايمز 2014-10-16 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews