Date : 23,11,2024, Time : 02:38:26 PM
13266 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الخميس 21 ذو الحجة 1435هـ - 16 أكتوبر 2014م 01:00 ص

بريطانيا وأمريكا .. شرطي الأمس وشرطي اليوم

بريطانيا وأمريكا .. شرطي الأمس وشرطي اليوم

حذر الجنرال السير فيليب شيتوود، نائب رئيس هيئة الأركان العامة للإمبراطورية البريطانية في عام 1919، من "عادة التدخل في شؤون الناس الآخرين وصنع ما يدعى بصوت رخيم: السلام". يمكننا أن نجد صدى معاصرا لحديث السير فيليب – الذي ورد في كتاب نشر أخيرا من تأليف ديفيد رينولدز، بعنوان "الظل الطويل" - في وقت نرى فيه الولايات المتحدة تصارع لأجل التعامل مع الاضطرابات الجارية في الشرق الأوسط. وما ينطبق على الوضع أكثر حتى من ذلك، هو تحسر رئيسه السير هنري ويلسون، رئيس هيئة الأركان العامة للإمبراطورية البريطانية، الذي اشتكى أيضا في عام 1919 من أن "لدينا ما بين 20 إلى 30 حربا مشتعلة في العالم"، ووضع اللوم على القادة السياسيين في التسبب في الوضع العالمي المضطرب، لأنهم "كانوا نهائيا غير مناسبين وغير قادرين على الحكم".

كانت بريطانيا متورطة بشكل مباشر أو غير مباشر في القتال في كثير من هذه الحروب خلال الفترة 1920-1919. ومواقع الحروب تبدو مألوفة، فهي في أفغانستان ووزيرستان والعراق وأوكرانيا ودول البلطيق. فقط انخراط بريطانيا في حرب مع إيرلندا لن يثير أية ذكريات في البيت الأبيض الحديث. ويذكرنا ما يحدث من جدل الآن في أمريكا المعاصرة بالجدل البريطاني الحاد، وتبادل الاتهامات الذي ساد في تلك الفترة. وكيف تحمل هذه الأحداث بعض الدروس المهمة لصانعي السياسة في هذه الأيام.

بُذلت أكثر الجهود العسكرية البريطانية في العراق في عام 1920، وهي شبيهة بالجهود التي يبذلها الحلفاء هذه الأيام عبر القصف الجوي. في ذلك الوقت، وكما يحدث حالياً، كان هناك تشاؤم من فرص تحقيق استقرار سياسي بعيد المدى في مثل هذه البيئات غير الواعدة. إيه جي بلفور، وزير الخارجية البريطاني في ذلك الحين، اشتكى من الحال بقوله: "لن نقوم بإنفاق كل ما نملكه من مال ورجال في سبيل تحضير أناس قلائل لا يريدون أن يصبحوا متحضرين". وفي ترداد لصدى الفوضى الأمريكية الحالية في الشرق الأوسط، حتى صناع السياسة البريطانيين يعرفون أنهم يجرون وراء أهداف متناقضة. وكما يشير البروفيسور رينولدز في كتابه المذكور "وضع البريطانيون أنفسهم في فوضى هائلة في الشرق الأوسط، بتوقيعهم اتفاقات كانت، كما اعترف بلفور فيما بعد، غير متسقة أو منسجمة مع بعضها بعضا".

في ذلك الوقت، وكما يحدث الآن، يبدو حتى من يصنعون السياسة حائرين من دوافع التدخل العسكري في الشرق الأوسط، وهم يتساءلون هل كل ذلك لأجل "صنع السلام"، كما قال الجنرال شيتوود، أم هو لأجل احتياطات النفط الكبيرة في المنطقة، أم لأجل حماية أراض أخرى (الهند بالنسبة لبريطانيا وإسرائيل بالنسبة لأمريكا)، أم هل كانت ببساطة لأجل إحساس غامض بأن عظمة الإمبراطورية أصبحت في خطر؟ يشير الجدل الذي ثار قبل نحو قرن في لندن، الشبيه بما يجري حالياً في واشنطن، إلى أن كل هذه الدوافع كانت ممزوجة معاً بطرق تجعل من غير الممكن الفكاك أو التحرر منها بصورة كاملة. شكاوى القادة العسكريين من عدم كفاءة السياسيين يتردد صداها عبر الأجيال، والامتعاض الذي يبديه السير هنري من القادة السياسيين البريطانيين "غير القادرين" على الحكم يمكن مقارنته بالشكوى المتزايدة من قيادة باراك أوباما. وحتى وزير دفاع أوباما السابق، ليون بانيتا، اشتكى أخيرا من أن الرئيس "يعتمد في أغلب الأحيان على منطق أستاذ كلية الحقوق وليس على العاطفة المتوقدة للقائد". هذه المقارنات بين المعضلات البريطانية والأمريكية، التي تبعد عن بعضها قرابة قرن من الزمن، تعتبر شيئاً مثيراً للانتباه ولافتا للنظر، لكن هل تقدم دروساً؟ نعم، وسأشير هنا إلى أربعة من هذه الدروس.

أولاً، على الرغم من أنه من المغري أن نلوم القادة السياسيين، إلا أن هذه المشاكل تجرى بشكل أعمق من ذلك. كان رئيس الوزراء البريطاني في عام 1919 هو ديفيد لويد جورج، الذي يعتبره أكثر المؤرخين قائداً ديناميكياً وحاسماً. لكن ذلك لم يمنع أركان الإمبراطورية من الشكوى من الخمول والفوضى في إدارته. كانت المشكلة الحقيقية في ذلك الحين هي الطبيعة العنيدة للمشاكل التي واجهتها بريطانيا التي يصعب السيطرة عليها، وحدود الموارد التي تستطيع تحملها.

ثانياً، تزداد الصعوبة في أن تكون شرطياً للعالم إذا كانت أموال حكومتك مستنفدة ودولتك من الحروب متعبة. كانت ممتلكات الإمبراطورية البريطانية أوسع من أي وقت مضى بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية في عام 1919. لكن المملكة المتحدة كانت منهكة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، ولم تكن لديها شهية تذكر في خوض المزيد من الصراعات. وكانت حرب العراق وأفغانستان في العقد الماضي شأناً صغيراً، مقارنة بما يجري اليوم، لكنهما تركتا نفوراً مماثلاً في الولايات المتحدة من حيث التورط في المزيد من الصراعات.

ثالثاً، التشابه الغريب بين مواقع المشاكل التي حدثت قبل قرن ومواقع مشاكل اليوم إلى أن بعض أجزاء العالم يشير إلى أن هناك أجزاء من العالم تعمل فيها الجغرافيا أو الثقافة على إيجاد خطر دائم من عدم الاستقرار السياسي والحروب: وهو ما نشاهده في الحدود بين روسيا والغرب، وفي أفغانستان والعراق.

إن فكرة أن الوضع كان دائماً على هذا النحو ربما تكون مريحة لصناع السياسة المعاصرين في واشنطن، في الوقت الذي يكافحون فيه للتكيف مع الأزمات المتعددة. ومع ذلك كان الدرس الرابع الذي يمكن أخذه من عناء المخاض الذي واجهته بريطانيا في عام 1919 أقل تسبباً في إثارة القلق. فقد تم حل كثير من الصراعات التي عانت منها هيئة الأركان العامة البريطانية بسرعة لا بأس بها. كما انتهى تورط الحلفاء الغربيين في الحرب الأهلية الروسية بحلول عام 1920، عندما بدأ تحرك البلاشفة نحو النصر، وأعيد تحقيق سلام صعب في ذلك الحين في العراق. لكن قدرة بريطانيا على فرض إرادتها على العالم كانت تضعف. الفوضى السياسية في عام 1919، عند رؤيتها من منظور لاحق، تشكل علامة مبكرة على أن العالم بدأ يدخل فترة جديدة من عدم الاستقرار الذي سيؤدي - خلال جيل - إلى حرب عالمية ثانية مدمرة. حالما ترتخي القوى الكبرى المسيطرة وتضعف قبضتها على العالم، يمكن لهذا العالم أن يصبح بسرعة أقل انتظاماً.

( فايننشال تايمز 2014-10-16 )




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد