هل يستمر تراجع أسعار النفط وما هو سعره العادل ؟!
قبل التطرق الى الأسباب الرئيسية للتراجع الكبير في سعر النفط خلال هذا العام وتوقعات استمرارية تراجعه فإننا سنحاول توضيح او تعريف السعر العادل للنفط استنادا الى العديد من الدراسات والتحليلات الصادرة عن جهات متخصصة وحيث تؤكد الدول المنتجة على انه ليس من مصلحتها وجود فجوه كبيره بين السعر العادل والسعر الجاري للنفط حتى لا يساهم ارتفاع الاسعار في التأثير سلبا على معدلات التنمية الاقتصادية للدول المستهلكة مما ينعكس سلبا وبشكل غير مباشر على الدول المنتجة.
وهنالك العديد من العوامل تساهم في خلق التفاوت بين السعر العادل وسعر السوق ومنها معدلات النمو الاقتصادي وعوامل العرض والطلب والأزمات السياسية والمضاربة والمتعارف عليه ان السعر العادل للنفط هو السعر الذي يأخذ في الاعتبار نسبه التضخم او نسبه التغير في القوه الشرائية وهو ما يعرف بالسعر الحقيقي او السعر المعدل وفق نسبه التضخم بينما يطلق على السعر الذي تتم على أساسه صفقات النفط السعر الاسمي.
وإذا كان سعر النفط الحقيقي أعلى من السعر الاسمي فان الدول المنتجة تحقق خساره من بيع نفطها نظرا لاستيراد ها سلع وبضائع وخدمات بالأسعار الجارية والتي تعكس نسبه التضخم وتكاليف الإنتاج تلعب دورا هاما في تقديرات السعر العادل والتي تتفاوت من منطقه الى أخرى في العالم وتختلف باختلاف موقع حقول النفط والعمر الإنتاجي لهذه الحقول ومعدل سريان النفط مع الأخذ في الاعتبار ان النفط مصدر للطاقة غير قابل للتجدد وفي طريقه للنضوب وبالتالي فان قانون الندرة ينطبق على تسعيره بما يحقق الهدف من إيجاد توازن بين مصالح الجيل الحالي والذي ينعم بهذه الثروة ونصيب الأجيال القادمة من هذه الثروة الناضبة.
اضافه الى ملاحظه صعوبة الوصول الى السعر العادل من خلال اتفاقيات بين الدول المنتجة والمستهلكة نتيجة سعي الطرفين الى تحقيق مكاسب حتى لو كانت على حساب الطرف الآخر. والسعر العادل للنفط يساهم في تشجيع الاستثمارات في البنيه التحتية للصناعة النفطية لضمان إمداد الاسواق بحاجتها من النفط وحيث تقدر وكاله الطاقة الدولية تكلفه هذه الاستثمارات السنوية بحوالي ٣٥٠ مليار دولار سنويا بعد زوال الإنتاج السهل بالتقنيات البسيطة في ظل الحاجه الى تقنيات متطورة ومكلفه للحفاظ على مستويات الإنتاج ورفعها لمواكبه الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي على النفط والتذبذب في سعر النفط سمه مميزه لهذه السلعة كغيرها من السلع الأساسية الأخرى التي تمر بدورات هبوط وصعود وبهوامش مختلفة ولفترات زمنيه متفاوتة نتيجة العديد من العوامل ومن اهمها نمو او ركود الاقتصاد العالمي وميزان العرض والطلب كما ان المخاوف والتوقعات عاده ما تنعكس على حجم الطلب والعرض علما بان التذبذبات القوية في سعر النفط ليست من مصلحه المنتجين او المستهلكين باعتبارها تربك عمليه التنمية الاقتصادية للدول المنتجة وحيث تشكل ايرادات النفط النسبة الهامه من إجمالي إيراداتها المختلفة مما شجع هذه الدول على تبنيها استراتيجيات تنويع قاعدتها الاقتصادية بحيث لا يشكل قطاع النفط اكثر من نسبه محدده من الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع مؤشر سعر صرف الدولار تدريجيا بالنسبة للعملات الرئيسية الأخرى وفي مقدمتها الين الياباني واليورو ثم ارتفاعه بشكل اسرع منذ عده أسابيع ساهم بارتفاع تكلفة النفط وبالتالي انخفاض الطلب عليه وحيث توجد علاقه عكسيه بين سعر النفط وسعر الدولار وصعود الدولار يجعل السلع الأولية المقومة بالدولار اغلى ثمنا للمستهلكين او المستثمرين من حائزي العملات الاخرى.
والمعلوم انه ليس من مصلحه الولايات المتحدة مواصلة الدولار ارتفاعه لأنه سيؤدي الى انخفاض صادراتها وزياده إرادتها وبالتالي ارتفاع عجز ميزانها التجاري لذلك يتوقع ان تلجا أمريكا الى الحد من ارتفاع الدولار وحيث يشير بعض المحللين الى ان الهدف من هذا الارتفاع سياسي للضغط على روسيا بخفض سعر البترول لأحداث عجز في موازنتها أضافه الى زياده إنتاج النفط من خارج اوبك مما ساهم بوفرة المعروض وبالخصوص من الولايات المتحدة اضافة الى تراجع الاستهلاك العالمي نتيجة البيانات الاقتصادية السيئة لأوروبا واليابان والأسباب الجيوسياسية في الشرق الأوسط وأوروبا وتراجع النمو في الصين والضبابية التي تغطي الصورة المستقبلية للاقتصاد العالمي ولقد قامت العديد من المنظمات والوكالات الدولية مثل اوبك ووكالة الطاقة الدولية وادارة معلومات الطاقة بخفض توقعاتها السابقة بخصوص نمو الطلب العالمي على النفط خلال العامين القادمين والبيانات الاقتصادية لكبار المستهلكين مثل الصين واليابان والولايات المتحدة تؤكد استمرارية التباطؤ الاقتصادي أطول من المتوقع وهذه المعلومات والحقائق لها تأثير هام على حركه اسعار النفط خلال الأعوام القادمة ولاشك ان الانخفاض الكبير في سعر النفط سيؤدي الى عجوزات متفاوتة في الموازنات والموازين التجارية نتيجة الالتزامات الضخمة التي تعهدت بها الدول الخليجية خلال خططها التنموية للسنوات السابقة وللحديث بقيه.
(المصدر: الرأي 2014-10-13)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews