قطاع الاتصالات المصري.. ومستوى الجودة
لا ننكر أهمية قطاع الاتصالات في نهضة وتطور المجتمع، وفي عمليات التنمية الاقتصادية، خاصة في الاقتصاد الرقمي باعتباره أهم سبل تقدم المجتمعات، في ظل التطور التقني والتكنولوجي المتسارع الذي يشهده العالم، ولكن يعتبر البعض أن شركات المحمول قد أسرفت في استنزاف الاقتصاد المصري طوال السنوات الأخيرة، بعد احتكار قطاع الاتصالات وتحكم ثلاث شركات فقط لهذه الخدمات وفي أسعارها، دون أن تقدم للمشتركين قيمة مضافة جيدة أو تقديم مستوى الجودة المطلوب من الخدمات، طبقا للمعايير الدولية المتعارف عليها، رغم أن إحدى الشركات تعتبر نفسها جزءا من الاقتصاد الوطني، حيث تتجاوز استثماراتها 30 مليار جنيه حتى الآن، وتخطط لزيادتها مع وجود البيئة المناسبة للاستثمارات، ومع ذلك فقدت شركات المحمول المصرية نحو 9 ملايين اشتراك، لينخفض عددها إلى 93 مليون مشترك، نزولا من 101 مليون اشتراك في النصف الأول من العام الحالي، وفقا لأحدث قاعدة بيانات العملاء، مما يزيد من الخسائر وزيادة الأعباء على المستهلكين وانخفاض العائدات على المساهمين، وهذا انعكاس طبيعي لسوق الاتصالات في مصر، بعد أن فشل الكثير من المتعاملين في تحقيق مصالحهم وإنجاز أعمالهم خاصة في أوقات الذروة في المناسبات القومية والدينية والاجتماعية، التي يتأثر في أثنائها مستوى أداء الاتصالات في مجالات خدمات الصوت ونقل البيانات (الدخول علي الإنترنت)، وفي إجراء المكالمات، ومعدلات انقطاع المكالمات أثناء الاتصال، ومعدل تردي جودة الصوت أثناء المكالمات، وهذه هي المعايير التي يمكن أن نحكم بها على مستوى الخدمات التي تقدمها شركات الاتصالات، وسوف يعاني المستهلك المصري من سوء أداء هذا القطاع، وعدم تحقيق النمو والتوازن المطلوب لسوق الاتصالات في مصر، وقد تجد الشركات تبريرا مقبولا في بعض الحالات التي تتأثر مباشرة من سوء قطاع الطاقة وتكرار انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، وسوف تستمر هذه السلبيات، طالما لا يسمح بوجود شركات اتصالات عالمية لها القدرة على المنافسة الشريفة ومن ثم تقديم خدمات متطورة بتكنولوجيا حديثة، مما يؤكد الحاجة الماسة والملحة لبنية تحتية قوية تمكن المشغلين الرئيسيين بتقديم خدمات مضافة للاقتصاد ولكافة قطاعات الدولة والمواطنين، بدلا من تعطل معظم الخدمات التي يحتاجها الجمهور، مما أدى إلى محاولة شركات الاتصالات في مصر إنقاذ خدماتها المعطلة بالعروض الترويجية التي طرحتها خلال الاحتفال بعيد الأضحى، في الوقت الذي مازالت فيه الشركات تناقش تفاقم أزمة الرخصة الموحدة والشبكة الرابعة للمحمول، قبل البدء في إصدار رخص جديدة، قد تسهم أيضا في استمرار الممارسات الاحتكارية التي تضر بالاقتصاد وبالمواطنين المستخدمين لشبكات المحمول، ولاسيَّما مع زيادة معدلات انقطاع المكالمات عن المعدل المسموح به وهو 2%، وكذلك تجاوز معدلات تردي جودة الصوت عن المعدل المسموح به دوليا وهو10%، الأمر الذي دفع المرفق القومي لتنظيم الاتصالات إلى رصد نحو 400 مليون جنيه لإيجاد بدائل جديدة للطاقة لتشغيل أبراج المحمول، إلى جانب اتجاه الحكومة لشراء أجهزة جديدة لقياس جودة خدمات المحمول، والغريب أن المسؤولين عن القطاع يقولون بأنهم يرغبون في جعل مصر مركزا ثانيا للإنترنت على مستوى العالم لأنها تحقق معدل نمو جيد بالإضافة إلى الموقع المتميز والذي يجعل هناك 17 كابلا بحريا ممتدا إلى مصر يساهم في جعلها المركز الثاني على مستوى العالم، مما يجعلها محطة جذب للاستثمار، وهذا بلا شك يتطلب وجود تشريعات خاصة بخدمات الإنترنت، وحماية رأس المــال، بما يضمن حماية الاستثمارات، حتى يكمن أن يسهم قطاع الاتصالات في الدخل القومي بنسبة 4.8% وبزيادة نسبتها 1% عن النسبة الحالية، خاصة مع التوجه العالمي إلى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات باعتباره قاطرة مهمة لقيادة الاقتصاد، وإمكانية تحقيق نقلة نوعية في التنمية الشاملة، من خلال التحول إلى الاقتصاد الرقمي الذي يسهم بفاعلية في التغلب على مشكلات مزمنة مثل أزمات المرور والطاقة والمياه والكهرباء والتي يمكن حلها جميعا من خلال الاستعانة بتكنولوجيا الاتصالات.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews