استثمارات قطرية ضخمة في مجال البنية التحتية
في إطار تقرير التوقعات الاقتصادية العالمية والذي صدر حديثا، يتوقع صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد القطري مستويات نمو أفضل من باقي دول مجلس التعاون الخليجي في كل من 2014 و2015. ويمكن تفهم هذا الأمر على خلفية ضخامة النفقات الجارية والمتوقعة للاقتصاد القطري بقيادة القطاع العام ومساعدة القطاع الخاص.
من جملة الأمور، يتوقع التقرير أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي الفعلي وذلك بعد طرح عامل التضخم نموا قدره 6.5 بالمائة في عام 2014 وهي نفس النسبة التي تحققت قي 2013 ما يعني قدرة الاقتصادي القطري للمحافظة على أدائه النوعي، والأهم من ذلك، من المتوقع أن يتم تسجيل نسبة نمو فعلية قدرها 7.7 بالمائة في 2015.
مؤكدا، الإشارة هنا إلى توجه قطر لاستثمار مليارات الدولارات على البنية التحتية والمنشآت في إطار تهيئة البلاد لاستضافة مباريات كأس العام 2022. يجري كلام حول استثمار أكثر من 200 مليار دولار على الحدث الرياضي والذي يهوي الملايين من كل أنحاء العالم. بدوره، يساهم القطاع الخاص في قطر بتعزيز النمو الاقتصادي من خلال الاستثمار في مختلف الأنشطة التجارية خصوصا قطاع الضيافة من خلال تشييد الفنادق والمطاعم والمحال التجارية.
وفيما يخص أداء الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون، يتوقع الصندوق أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي في السعودية نموا فعليا قدره 4.6 بالمائة في 2014 على أن ينخفض إلى 4.5 بالمائة في 2015. وتؤكد هذه التوقعات بأن أداء الاقتصاد السعودي يأتي في المرتبة الثانية خليجيا بعد الاقتصاد القطري.
تشمل نقاط القوة في الاقتصادي السعودي ثبات الإنتاج النفطي الأمر الذي يفسح بتدفق أموال ضخمة للموازنة العامة لحد تسجيل فوائض مالية ملفتة. فقد تم رصد فائض قدره 53 مليار دولار في موازنة 2013 ما يعد أمرا مميزا في الوقت الذي تعاني فيه الكثير من الدول الأخرى بعجز في موازناتها العامة. الجدير ذكره، تعتبر السعودية ليس فقط أكبر مصدر للنفط الخام بل أكبر منتج للسلعة الإستراتيجية وهي المسألة التي تعززت في السنوات القليلة مع ظهور مشكلات الإنتاج والتصدير في ليبيا وسورية بسبب الثورات من جهة والحظر الغربي على توريد النفط الإيراني من جهة أخرى على الأقل لفترة زمنية.
ويمكن ربط الانخفاض النسبي للنمو للاقتصاد السعودي بظاهرة هبوط أسعار النفط وفرضية بقائها منخفضة لفترة زمنية لأسباب تشمل تعاظم الإنتاج النفطي الأمريكي من النفط الصخري وبالتالي العرض من النفط الخام. ويلاحظ بأن أسعار النفط الخام هبطت في الآونة الأخيرة رغم الظروف السياسية والأمنية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط والتي تمثل حجر الزاوية للقطاع النفطي على مستوى العالم.
وفي موضوع مؤشرات الأسعار، يمكن تفهم توقع الصندوق بتسجيل مستويات مرتفعة نسبيا للتضخم في قطر في ظل النفقات مشاريع البنية التحتية مثل تشييد مترو الدوحة وأنشطة القطاع الخاص لتطوير قطاع الضيافة. يتوقع الصندوق أن تبلغ نسبة ارتفاع أسعار مؤشر مشتريات المواد الاستهلاكية قرابة 3.4 بالمائة في 2014 مقارنة مع 3.1 بالمائة في 2013.
حقيقة القول، تعد نسبة التضخم في الاقتصاد القطري في السنة الجارية الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي. بالعودة للوراء، عانى الاقتصاد القطري من ظاهرة التضخم ما بين 2007 و2008 كانعكاس لارتفاع أسعار النفط لمستويات تاريخية.
في المقابل، أقل نسبة تضخم بين دول مجلس التعاون من نصيب الإمارات وهي في حدود 2.2 بالمائة في 2014 نظرا لحالة الانفتاح الاقتصادي للإمارات من خلال الاستيراد وإعادة التصدير. غني عن القول، من شأن الانفتاح الاقتصادي ضمان توافر سلع ومنتجات من مصادر مختلفة وعليه توافر تعزيز العرض.
بشكل جزئي، يمكن فهم محدودية معضلة التضخم في الإمارات بالنظر لأدائها على مؤشر الخدمات اللوجستية، حيث حلت في المرتبة 27 عالميا في تقرير 2014 أي الأفضل عربيا. يأخذ المؤشر بعين الاعتبار مجموعة من المعايير بما في ذلك البنية التحتية اللوجستية وجودة الخدمات اللوجستية والخدمات الجمركية فضلا عن معيار الالتزام بالوقت وكفاءة سلسة التوريد.
وفيما يخص بعض الإحصاءات الحيوية المتعلقة بالمعاملات الدولية، يتوقع صندوق النقد أن يحافظ الاقتصاد القطري على أدائه المميز بالنسبة لصافي الحساب الجاري. تحديدا، يتوقع الصندوق رصد نسبة فائض في الحسابات الجارية في حدود 27 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2014 منخفضا إلى 23 بالمائة من الناتج المحلي في 2015. مؤكدا، تعتبر هذه الأرقام متراجعة عن 2013 عندما بلغ فائض الحساب الجاري قرابة 31 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي كل الأحوال، يمكن ربط الانخفاض هذا إلى تراجع أسعار النفط والغاز أي القدرة التصديرية من جهة وتعزيز ظاهرة الاستيراد من جهة أخرى. يرتبط الاستيراد بحاجة الاقتصاد القطري لتنفيذ مشاريع حيوية في البلاد في إطار الاستعداد لفعاليات كأس العالم وأنشطة القطاع الخاص.
على المستوى الخليجي، تحتفظ الكويت بأفضل النتائج في مجال التعاملات الدولية، بدليل تشكيل فائض الحساب الجاري نحو 41 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لعامي 2014 و2013.
بالنظرة للأمام حتى 2015، ليس من المستبعد حصول تراجعات لبعض الإحصاءات الحيوية لاقتصادات دول مجلس التعاون على خلفية ظاهرة تذبذب أسعار النفط. يعتبر القطاع النفطي مهما بالنسبة لإيرادات الخزانة العامة والتصدير وبدرجة أقل للناتج المحلي الإجمالي في جميع دول مجلس التعاون الخليجي. فمن شأن انخفاض إيرادات الخزانة العامة التأثير بشكل سلبي على فرص المصروفات الحكومية وعليه مستويات النمو.
المعروف بأن العديد من مؤسسات القطاع الخاص تعتمد على العقود التي تحصل عليها من القطاع العام، بل تعتبر نفقات العامة مؤشرا لما ستؤول إليه الأوضاع الاقتصادية في مجلس التعاون الخليجي.
(المصدر: الشرق 2014-10-12)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews