مقاربة فلسطينية جديدة
عندما ينفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس يده من المفاوضات وحصادها المرّ على مدى أكثر من عشرين سنة، ويطالب الأمم المتحدة بتحمل مسؤوليتها تجاه القضية الفلسطينية، وبوضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال وقيام "الدولة الفلسطينية" من خلال قرار ملزم يصدر عن مجلس الأمن، إنما يعيد القضية إلى أصولها، أي إلى الأمم المتحدة التي صدر عنها العديد من القرارات التي تدعو لإنهاء الاحتلال، بعدما ظلت رهينة بيد الولايات المتحدة منذ اتفاق أوسلو ،1999 مارست خلالها أبشع أشكال التضليل والنفاق عبر وعود لم تنقطع صدرت عن كل الإدارات الأمريكية بإقامة دولة فلسطينية وتحديد مواعيد لها، وكلها ذهبت أدراج الرياح لأن "الراعي" الأمريكي للمفاوضات كان في حقيقة الأمر شريكاً للاحتلال وداعماً له، ولم يمارس أي شكل من أشكال الضغط ولو في الحد الأدنى لإلزام "إسرائيل" بتسوية تلبي بعض حقوق الشعب الفلسطيني .
وطوال مسيرة المفاوضات مارست الحكومات "الإسرائيلية" المتعاقبة تغولاً بلا حدود على الأرض الفلسطينية، فصادرت آلاف الدونمات من الأرض، وأقامت عشرات المستوطنات، واستوردت آلاف المستوطنين إليها، وعملت على توسيع التهويد الذي طال مدينة القدس، وكان كل ذلك يتم تحت سمع وبصر "الراعي" الأمريكي، بحيث لم تتبق مساحة من الأرض يمكن أن تقام عليها دولة .
كان المفاوض الفلسطيني يدرك مع الأسف أنه يضيع الوقت من دون أن يحصل على أي حق، فيما كانت "إسرائيل" تستغل المفاوضات لكسب الوقت من أجل استكمال مخططات التهويد . وكانت الولايات المتحدة تعرف ذلك وتغض الطرف، وتضغط على الجانب الفلسطيني سياسياً واقتصادياً لمنعه من مغادرة المفاوضات وإجباره على الجلوس مع الجانب "الإسرائيلي" رغم أن محصلتها صفر .
في خطاب عباس تحوّل في الموقف الفلسطيني بعد فشل الرهان على الولايات المتحدة، وخطوة جديدة في طريقة التعاطي مع قضية تريد واشنطن دفنها، باستخدام وسائل قد تكون أجدى، لكن ما يواجه هذه المقاربة الجديدة هو "فيتو" جاهز في مجلس الأمن ينسف الخطة الفلسطينية، ويطيح بأمل "الدولة الفلسطينية" .
لذلك، على السلطة الفلسطينية أن تأخذ الموقف الأمريكي بالحسبان، وتعدّ خططاً بديلة للمواجهة، تقطع مع الأساليب القديمة العبثية، وتقوم على وضع استراتيجية جديدة قوامها وحدة الشعب الفلسطيني، وبرنامج كفاحي يضع كل مقدرات الشعب الفلسطيني التي تستنهض عوامل القوة فيه لخلق واقع ميداني جديد . . والشعب الفلسطيني لديه القدرة على التغيير .
(المصدر: الخليج 2014-10-06)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews