الفجوة الغذائية العربية.. بين الإنتاج والاستهلاك
المنطقة العربية تعاني فجوة غذائية تقدر بــأكثر من 34 مليار دولار وتمثل معادلة صعبة، أطرافها حجم الإنتاج والاحتياجات الاستهلاكية والأسعار، ويعاني منها نحو 268 مليون نسمة هم سكان الوطن العربي.. وهي قضية ساخنة بل وتعد من أهم الملفات العربية المهملة تماماً مثل ملف المياه، فكم من القمم العربية الاقتصادية التي أشارت إلى هذا الملف على استحياء وحتى ما تم الاتفاق عليه مازال حبيس الأدراج ويحتاج إلى سرعة التفعيل لأن الواقع يؤكد مقولة "من لا يملك قوته لا يملك حريته"، ولعل عملية تحسين ورفع إنتاجية محصول القمح في الدول العربية، من أجل تغطية احتياجات الدول العربية الغذائية ومواجهة الطاقة الاستهلاكية المتزايدة، وكذلك للمحافظة على استقرار الأسعار، وإذا كانت الحكومات قد عجزت عن تقديم الحلول أو اقتحام المشكلة لسنوات طويلة، فإن القطاع الخاص أيضا قد عجز عن ذلك، برغم الاستثمارات التي يمتلكها والمشروعات الزراعية المتاحة على امتداد الوطن العربي، التي يمكن أن تسهم في حل مشكلة الأمن الغذائي، وفي ظل وجود مؤسسات التمويل العربية والإقليمية والدولية التي يمكن أن تساهم في تمويل المشروعات المتعلقة بالأمن الغذائي.
ولكن العقبات التي تعترض الزراعة في الوطن العربي كثيرة، في مقدمتها عدم وجود المرونة الكافية في تسهيل حركة النقل وتأمين المواصلات بين المدن الزراعية إلى الموانئ، وتعثر مشاريع البنية التحتية الزراعية، وجميعها تعد عائقاً يقف أمام تحقيق معدلات إنتاج عالية من المحاصيل الزراعية الحيوية، وعوامل تنذر بفشل الزراعة إجمالا، وتحد بالتالي من الجهود المبذولة في سبيل تحقيق الأمن الغذائي، وكذلك سلوك بعض المستثمرين في القطاع الزراعي، والعاملين في قطاع النقل، والذين لا يطبقون المعايير والنظم العالمية المتعلقة بسلامة المنتجات الزراعية من الحقل إلى التصدير، والتي لا تتوافق مع الآليات المعتمدة دولياً في الحفاظ على سلامة المنتج الزراعي، والتي تتسبب في تلف المحاصيل والمنتجات الزراعية بشكل كبير، إلى جانب عدم توافر البنى التحتية التي تسهل الاستثمار الزراعي في بعض الدول العربية الأخرى، وكذلك عدم وصول الإنتاج لتحقيق هوامش أرباح جيدة، إلى جانب المعوقات التي تواجه التجارة العربية البينية ومتطلبات تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية، إضافة لتعزيز وتسهيل كفاءة النقل والتنقل، وهذا يضع عبئا كبيرا على المنظمة العربية للتنمية الزراعية لتواصل برامجها وأنشطتها التي تعزز من التنسيق والتكامل العربي في قطاع التنمية الزراعية والأمن الغذائي العربي، ومن المهم العمل على تحفيز دخول القطاع الخاص في الاستثمار الزراعي والغذائي، لتوفير السلع الغذائية الرئيسة في العالم العربي منها الحبوب والزيوت واللحوم التي تشكل قيمة غذائية هامة ويزيد الطلب عليها، لنظرا لوجود عزوف من قبل رجال الأعمال في القطاع الخاص عن الاستثمار في هذا القطاع.
وإذا كانت أوضاع الأمن الغذائي تواجه تحديات كبيرة في ظل المتغيرات، والمستجدات الإقليمية والدولية، والتكتلات الاقتصادية الموجودة على الساحة العربية والدولية، فإنه من الضروري بحث إمكانات الموارد المائية، وإدارتها في دول الإقليم، والفرص الاستثمارية في القطاع الزراعي، وإقامة مشروعات زراعية مشتركة في مجالات الإنتاج الزراعي ومستلزماته، وفي البحوث الزراعية والري والتصنيع والنقل والتجارة، وتسهيل انتقال السلع، ورؤوس الأموال، والأفراد بين الدول العربية والإقليمية بما يحقق التكامل الاقتصادي المنشود، وكذلك العمل على وجود آلية عربية لتمويل التنمية الزراعية في الدول العربية للحد من الفجوة التمويلية الزراعية والاستفادة من الموارد الطبيعية والمائية واستثمار الفرص في المجالات الزراعية والحيوانية، وكذلك العمل على تأسيس مركز معلومات عربي لتوفير جميع البيانات المطلوبة، لمساعد المستثمرين الذين يعانون من شح في المعلومات الإحصائية الزراعية في الوطن العربي، وتوجيه استثمارات القطاع الخاص للدول العربية خاصة الاستثمارات الخليجية وتوجيهها لإقامة مناطق اقتصادية عربية مشتركة خاصة، لإنتاج وتسويق المواد الغذائية والحيوانات، على أن يواكب ذلك تطوير في العناصر اللوجيستية كالنقل بين الدول العربية والتأشيرات وحرية التنقل، في سياق محاولات التغلب على معوقات التجارة العربية البينية ومشاريع التكامل الاقتصادي العربي، التي تحتاج أيضا إلى توحيد النظم والتشريعات لجذب المزيد من الاستثمارات الزراعية والتجارة البينية.
(المصدر: الشرق 2014-10-05)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews