قراءة لبنانية للحرب على "الإرهاب المستجد" الحملة العسكرية وحدها لا تكفي
في موازاة الحرب العسكرية على الارهاب من خلال التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية ضد المجموعات المسلحة المعروفة بـ"داعش" و"النصرة" في العراق وسوريا، برزت مواقف عربية ودولية، تضمنت تساؤلات عن تلك الحرب وعما اذا كانت الضربات العسكرية وحدها تكفي للقضاء على تلك الظاهرة، وعن السبل الكفيلة بمنع نشوء الحركات الارهابية، ودائماً مع عدم الاعتراض على ضرب البنية العسكرية والاقتصادية لتلك المجموعات.
وعلى مستوى النخب العربية، برزت مواقف ومقترحات ومقالات تتعلق بالدور الذي يمكن ان تضطلع به جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي، وهيئات المجتمع المدني والمثقفون ووسائل الاعلام، على خلفية الدعوة الى مكافحة الارهاب بكل اشكاله والبحث عن مصادره الحقيقية والجهات التي تموّله، وكشف حقيقة المجموعات المسلحة التي تتلطى وراء شعارات اسلامية، في حين أن كل ممارساتها تدل على أن الهدف من إنشائها هو تشويه صورة الاسلام في العالم ووضعه في مواجهة سائر الاديان، بل سائر العالم، في حملة قديمة – متجددة أعيد تحريكها في ايلول 2001 من خلال التفجيرات الارهابية التي استهدفت مركز التجارة العالمي في نيويورك.
ومن البديهي القول إن "الشكوى" وحدها لا تجدي نفعاً، وأقل المطلوب في مواجهة الحركات الارهابية التي تتلطى وراء الرايات الاسلامية، تحرك مضاد يسلط الضوء على القيم السامية التي يجسدها الدين الاسلامي كما تجسدها سائر الاديان السماوية، وتقديم الاقتراحات اللازمة في الحرب على الارهاب من خلال منع نشوئه. ويقول مرجع سياسي لبناني: "ان الاسلام براء من كل تلك الآثام. هو دين الانفتاح ولو كره المارقون. أولئك الذين يرتكبون المعاصي زوراً باسم الاسلام، هل يدركون مدى الأذى الذي يلحقونه بالاسلام والمسلمين في كل أرجاء الدنيا؟ أنت مسلم، إذاً انت متهم ومشتبه فيه! هذا هو العنوان الاساسي لأهداف تلك المجموعات المشبوهة، ولا مبالغة في الشك في أن يكون وراءها تحريض صهيوني بهدف الايقاع بين العالم الغربي والعالم الاسلامي في خدمة المشروع الصهيوني في قلب العالم العربي". ويلفت الى انه "لا يجوز تحميل الاسلام وزر ما قد يرتكبه بعض المسلمين من تجاوزات أو جرائم، ولا تحميل الدين الاسلامي وزر ما يرتكبه المتلطّون وراء شعارات اسلامية. فكما لا يجوز ادانة اليهودية ديناً على ما ارتكبه الاسرائيليون من مجازر وجرائم قتل جماعية في فلسطين ولبنان وبلدان عربية أخرى، وكما لا يجوز تحميل المسيحية ديناً تبعات حروب التدمير والابادة التي شنتها دول الغرب في أرجاء الدنيا، لا يجوز ايضا تحميل الاسلام والمسلمين أوزار جرائم ترتكبها مجموعات مسلحة تنتحل صفة الاسلام ولا علاقة لها بالدين من قريب ولا من بعيد".
ويطرح المرجع المذكور سؤالاً كبيراً هو: "ماذا فعلت الدول العربية الاسلامية بكل ما تملك من امكانات مادية، للرد على تلك الحملات الاعلامية والسياسية؟ أين هي الحملات المضادة لتصويب الصورة وجلاء الحقيقة واعادة الأمور الى نصابها بين الغرب والعالم العربي والاسلامي؟ اين المبادرات العربية المشتركة؟ وأين مبادرات جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي في هذا السبيل؟" ويرى ان "الشعوب العربية امام تحد كبير في مواجهة معالجة تخلف بعض مجتمعاتها داخلياً وتعرض مواطنيها للمضايقات في الخارج نتيجة ممارسات المجموعات الارهابية المنتحلة صفة الاسلام" وأبناء الجاليات العربية والاسلامية في الخارج هم أكثر من يعي، وسط اجواء الحرية والديموقراطية التي تلفهم في بلاد الاغتراب، أن مسيرة الانقاذ تبدأ باطلاق الحريات وتنتهي بارساء قواعد الديموقراطية، والى حين بلوغ هذا المرتجى، على الذين يرفعون رايات الاسلام أن يكفوا عن الاساءة الى سمعته وصورته بانتهاك القيم السامية التي يدعو اليها، اذ يتوسلون العنف الاعمى لخدمة أغراض لا تمت الى مبادئ الدين الاسلامي بصلة".
كلام المرجع المذكور جاء خلال لقاء مغلق ضم بعض الناشطين في اطار الحرب على الارهاب من خلال تصحيح الصورة وتبرئة الاسلام مما ترتكبه المجموعات المسلحة، متلطّية وراء شعارات دينية، وتصحيح الصورة في أذهان العالم. وقد تخلل اللقاء نقاش تحت عناوين مختلفة، كان أبرزها توحيد مفهوم الارهاب وعدم تجزئته، وعبثية مكافحته عسكرياً فقط، كما كانت هناك عودة الى محطات مشابهة: "فالرئيس الاميركي السابق جورج بوش (الابن) أعلن حرباً على الارهاب ولم يتورع عن احتلال افغانستان ثم العراق، وثبت بعد تجارب مرة ان القضاء على الارهاب لا يكون عسكرياً فقط. لقد درج الغرب على مكافحة الجريمة باجتثات اسبابها، فما باله يتجاهل إرهاباً منظماً يتحمل المسؤولية الاكبر في نشوء المجموعات الارهابية؟".
ويضرب أحدهم مثلا: "هل نستغرب أن يتحول أب فلسطيني قتل اطفاله أمام عينيه الى قنبلة موقوتة؟ المجازر الاسرائيلية ايضا في صلب الاعمال الارهابية. ولا يظنن احد أننا نحاول تبرير الارهاب المستجد، ولكن، لكي يكون العمل مجدياً علينا التذكير بأن الارهاب لا يتجزأ"؟
(المصدر: النهار 2014-10-01 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews