تطورات الداخل السوري وتحركات التحالف الدولي
تساوى الطرفان المتصارعان في سوريا، فلا النظام قادر على دحر قوات المناطق المحررة، ولا هذه القوات قادرة على دحر النظام من كثير من المناطق التي يسيطر عليها؛ وفي حال تمّ استرجاع منطقة سرعان ما يخسر الطرف الثاني منطقة أخرى وهكذا.
بعد خسارة الثورة لبلدة المليحة في أغسطس الماضي، وكانت قوات الثورة قد تقدمت في جوبر قام النظام بفتح جبهة هذا الحي، ولاحقاً فتحت جبهة الدخانية، والتي أشعلت كامل جبهة المتحلق الجنوبي والتي تغطي تقريباً الأحياء الشرقية لمدينة دمشق؛ وتزامن مع ذلك تقدم لقوات الثورة في القنيطرة وربطها بالمناطق الغربية من درعا، ليتشكل بذلك خط إمداد جديد، يسمح بدعم مناطق الغوطة الغربية، والمنطقة الجنوبية في دمشق. هذا سيكون هاما لجهة الدعم القادم عبر الأردن ووصولاً إلى كامل المنطقة الجنوبية في سوريا.
مقابل ذلك، استرجع النظام بعض البلدات في حماة، ولكن ذلك تم عبر قوات النخبة وبقيادة استثنائية في جيش النظام بأكمله؛ ولكن الثوار عادوا واسترجعوا كثير مما أخذته قوات سهيل حسن في الأسابيع الأخيرة، علماً أنه يعتمد سياسية الأرض المحروقة بالكامل، ولديه إدارة عسكرية خاصة يشترك فيها ضباط إيرانيون وتقول بعض المصادر إن هناك ضباطا روسا كذلك.
في الأسابيع الأخيرة، وبعد تشكيل التحالف الدولي بقيادة أميركا، عادت الروح للثوار مجدداً، واندفع قسم كبير منهم لعمليات نوعية، والتحق مجدداً مجموعات كبيرة في كافة المناطق للمشاركة بالقتال القادم، وبالنسبة إليهم، سيشكل فرصة جديدة لمحاربة داعش ومحاربة قوات النظام معاً، لا سيما وأن الجيش الحر قام بهذه المعركة منفرداً منذ أكثر من عامين، حيث قاتل النظام وداعش في كافة المناطق.
داعش المدعومة من النظام وإيران ودول وقوى في المنطقة سيطرت على الرقة كاملة من أيدي قوات الجيش الحر ومعظم ريف دير الزور وكثير من بلدات في حلب، ولكنها فشلت في الغوطة الشرقية وفي المنطقة الجنوبية من دمشق، وطردت من قبل من بلدات في إدلب وفي حلب كذلك، وحتى في الدير ولكن أهل الدير لم يستطيعوا التشبث بمناطقهم.
الثوار الذين خبروا خذلان الدول العظمى لهم، ولا سيما بعد مجزرة الكيميائي واكتفوا بأخذ الكيميائي من النظام، وغيره كثير، يعلمون أن التحالف الدولي لا يزال يناور بخصوص النظام، ولا يزال يتكلم فقط عن داعش ويصمت إزاء الموقف من النظام، ولكن الموقف السياسي للثوار، ينطلق من أن التحالف آت إلى سوريا؛ فداعش سترد على التحالف من سوريا ومن العراق، وبالتالي سيتدخل لا محالة في سوريا، وفي هذه الأوقات، ستستفيد القوات الثورية من الظرف الناشئ وتسترجع مناطق وتتقدم إلى مناطق أخرى يسيطر عليها النظام، لأن الأخير ستتعرض قواته لضربات عسكرية، وسيكون بموقع الارتباك العسكري.
النظام الذي يراقب اجتماعات التحالف الدولي، راح يصعّد بشكل استثنائي على كامل المناطق الثائرة، ويحاول جاهداً تصفية القوى العسكرية التي يمكن الاعتماد عليها لمحاربة داعش والنظام، ومن هنا يأتي الاتهام له ولداعش بتصفية قيادة حركة أحرار الشام، ومحاولته مؤخراً تصفية قيادة جبهة ثوار سوريا، وكذلك يشن أعنف الضربات العسكرية والمتواصلة على الغوطة حيث ارتكب عدة مجازر في دوما وحمورية في الأيام السابقة وفي كافة مناطق سوريا، وكل ذلك بغية إيقاف جبهة جوبر المشرفة على قلب العاصمة، ومحاولة إرباك أيّ خطط عسكرية في الغوطة ودرعا والقنيطرة وإدلب حالما تبدأ قوات التحالف بتوسيع عملياتها العسكرية؛ فالنظام يحاول تقديم نفسه كجهة قادرة على تقديم العون للتحالف الدولي على الأرض، وبالتالي إفهام التحالف، أنه سيكون جزءا من أيّ عملية سياسية لاحقة على ما سيحدث في سوريا. ولكن النظام يراقب كذلك أن التحالف يدعم القوى المعتدلة ويدرب قوات سورية، وطبعاً سيكون هناك تنسيق بينه وبين القوى الميدانية، وبالتالي يشعر النظام بأنه أصبح فاشلاً وأن إمكانية إزاحته ممكنة.
الفكرة الأخيرة، وفي ضوء الضغط الدولي، قد تساهم في خلخلة النواة الصلبة للنظام، التي لم تتزعزع أبداً طيلة أربع سنوات، أي أن الإمكانية الآن متاحة لتطورات فيها، وتبدأ من الانقلاب العسكري، أو ضغط من أجل رحيل قسم من الشخصيات الرئيسية في النظام لينجو من سقوط كامل.
وبالتالي هناك دينامية جديدة في سوريا إثر تشكيل هذا التحالف؛ النظام يفعل الكثير لإيقافها أو الاستفادة منها، وكذلك قوات الثورة تعمل للاستفادة منها وعدم تفويت الفرصة مجدداً كما كان الحال أثناء عملية تسليم الكيميائي.
(المصدر: العرب 2014-09-21)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews