أوباما يخسر في جميع الحالات أمام منافسيه
عادة ما تُعتبر الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة أمراً مهماً. في عام 2006، تحقق فوز ديموقراطي ساحق، وضع نهاية لفترة أوج رئاسة جورج دبليو بوش ومهّد الطريق للحزب الديموقراطي لدخول البيت الأبيض بعد عامين.
في عام 2010، أوقف حزب الشاي القطار التشريعي للرئيس باراك أوباما في مساره. وقد بقي عالقاً هنالك منذ ذلك الحين. هذه المرة، مع أكثر من ثمانية أسابيع بقليل على يوم الاقتراع، لا توجد بوصلة واضحة في أيّ من الاتجاهين ستسير الأمور.
أوباما يُخاطر بكل ما لديه للتشبث بسيطرة الحزب الديموقراطي على مجلس الشيوخ، لكن حزبه لا يملك فرصة استعادة السيطرة على مجلس النواب. لذلك، فإن أفضل ما يستطيع الطموح إليه هو أيضاً عامان آخران من جمود واشنطن.
ليس من المستغرب عدم وجود حماس يذكر من الناس للانتخابات النصفية، فهي بالنسبة لمعظم الناخبين تعتبر استجابة مملة للغاية.
مع ذلك، بالنسبة لأوباما، قد تكون الأمور أسوأ. في حال فاز الجمهوريون بالمقاعد الستة التي يحتاجون إليها لقلب السيطرة على مجلس الشيوخ، فإن النتيجة قد تجعل الأعوام الأربعة الماضية للحكومة المنقسمة بشكل مرير، تبدو كأنها مجرد بروفة.
نيت سيلفر، معالج البيانات الشهير، يضع احتمالات حدوث ذلك بنسبة 64 في المائة. مجلس الشيوخ الجمهوري قد يمنح المحافظين سيطرة كاملة على الكابيتول هيل، وفرصة لإلغاء قانون أوباما للرعاية الصحية، وسنّ تخفيضات حادة في الموازنة لبرامجه العزيزة عليه، وبشكل عام العبث بإرثه.
بالطبع، بإمكان أوباما استخدام حق النقض ضد ما يشاء، لكن نشطاء حزب الشاي كانوا يحلمون في مثل اللحظة منذ أعوام. فإذا تبيّن أن الأمر كذلك - وتخميني أنه سيكون كذلك - عندها من الصعب تصوّر كبح قيادة الحزب لجماحهم.
يواجه أوباما ثلاث عقبات كبيرة. الأولى، أنه ليس بمقدوره فعل الكثير لمساعدة زملائه الديموقراطيين - لكن بإمكانه فعل الكثير لإلحاق الضرر بفرصهم. لا يوجد أحد من زملائه يرغب في الظهور إلى جانبه على المنصة، فقد كان المرشحون يجرون السباقات الثابتة في لويزيانا وأركانساس وألاسكا ونورث داكوتا من دونه، وسيستمرون في التنكّر له.
تصنيفات أوباما تدل على التراجع الكبير، ويرغب الجمهوريون في تحويل الانتخابات إلى استفتاء عنه. الديموقراطيون المهددون بالانقراض، مثل ماري لاندرو في ولاية لويزيانا المُحافظة بشكل مضطرب، وحتى آل فرانكين في ولاية مينيسوتا اللبرالية نسبياً (في حال نقض الموجة الأخيرة طريقة الحزب الجمهوري)، يرغبون في نقود أوباما، وليس قدراته الخطابية. كلما كان ظهور أوباما أقل، أصبحت احتمالات حزبه للاحتفاظ بالسيطرة أفضل.
هذا المنطق أيضاً يعمل على إعاقة خططه في فصل الخريف. لقد كان أوباما يأمل إصدار أمر يؤدي بشكل كبير إلى تباطؤ ترحيل المهاجرين غير الشرعيين. هذا من شأنه أن يُسلط الضوء على تعنّت الحزب الجمهوري بشأن إصلاح قوانين الهجرة، وتعزيز موقفه مع اللاتينيين.
مع الأسف، ناشد الديموقراطيون الثانويون البيت الأبيض الانتظار إلى ما بعد الانتخابات. وأوباما لا يملك الكثير من الخيارات إلا الانصياع.
العقبة الثانية، هي أن الأحداث لا تُساعد الديموقراطيين. الأرقام الفاترة نسبياً لنمو فرص العمل التي صدرت يوم الجمعة، ربما تكون شاذة في عام حيث كان يتم إضافة أكثر من 200 ألف وظيفة كل شهر. حتى مع اقتصاد أفضل، معظم الأمريكيين لا يشعرون بذلك. في الـ 49 شهراً من الأشهر الـ 50 الماضية، كان عدد أولئك الذين يخرجون من القوة العاملة قد تجاوز عدد الوظائف التي تم خلقها.
النمو في الولايات المتحدة بالتأكيد يبدو جيداً عندما يُنظر إليه من عبر المحيط الأطلنطي، حيث أوروبا تتراجع مرة أخرى، لكن مشكلات أوروبا لا تترك انطباعاً في الشارع الرئيس.
استطلاع للرأي أجرته وكالة بيو الأسبوع الماضي توصل إلى أن 56 في المائة من الأمريكيين يقولون إن مستويات معيشتهم تنخفض (وهم على حق في ذلك).
نسبة الأمريكيين (24 في المائة) الذين يعتقدون أن الاقتصاد الأمريكي يتقلّص هو ثلاثة أضعاف الذين يعتقدون أنه "ينمو بقوة" (8 في المائة). ارتفاع النمو الكلي ليست له فائدة تذكر في صناديق الاقتراع، عندما تستمر دخول معظم الناخبين في الانخفاض. الأزمات العالمية لا تُساعد أيضاً. روبرت كاجان، وهو كاتب من المحافظين الجدد، يُلاحظ أن أوباما كان يعطي الناخبين تماماً ما كانوا يطلبونه - فك الارتباط عن بؤرة التوتر في العالم - ومع ذلك لا يعجبهم الأمر. لقد بدأت استطلاعات الرأي تعكس قلقا متزايدا في مشاعر الرأي العام. أقل من 4 من 10 يوافقون على طريقة أوباما في معالجة قضايا السياسة الخارجية. ينظرون في جميع أنحاء العالم إلى روسيا الناهضة، والصين المتحمسة، والشرق الأوسط الذي يمر بحالة اضطراب عميقة، مع تذوق لعمليات قطع رؤوس الصحافيين الأمريكيين، ويشعرون بالقلق.
إلا أنه نادراً ما تتدخل السياسة الخارجية بالانتخابات النصفية للكونجرس. في عام 2006، استفاد الديموقراطيون من عدم شعبية الحرب في العراق لإخراج الجمهوريين. وفي عام 2014، مع ذلك ربما تساعد الفوضى العالمية الجمهوريين على بلورة صورة أوباما بأنه ضعيف وعديم الكفاءة. مع مجرد 12 يوماً تشريعياً فقط قبل أن يستريح الكونجرس في عطلة الانتخابات، يخطط الجمهوريون لاستخدام الكثير منها للحديث عن "داعش" والمزيد من الناخبين بدأ الاستماع.
العقبة الثالثة، حتى لو حصل أوباما على ما يريد - الاحتفاظ بمجلس شيوخ ديموقراطي - إلا أن ذلك لا يعد إلا بالمزيد من الشيء نفسه. جون ماكين، عضو مجلس الشيوخ الجمهوري المتهكم، سخر ذات مرة من أنها دائماً ما تصبح أكثر ظلمة تماماً، قبل أن تصبح مظلمة بالفعل.
أفضل ما يمكن أن يتمناه أوباما هو أن بإمكانه استخدام العامين المقبلين لتمهيد الطريق حتى يخلفه ديموقراطي في عام 2016. ربما سيكون لهيلاري كلينتون فرصة أفضل في تنفيذ جدول أعمال أوباما، الذي يعتبر الآن افتراضياً بالكامل. بالتأكيد، ربما يحق لها أن تأمل في استقبال أفضل من الذي حصل عليه أوباما.
فيما يتعلق بعدد مشاريع القوانين التي تم إقرارها، فقد كان الكونجرس الـ 113 الراحل هو الأقل إنتاجية منذ القرن الـ 19 - أحد العلماء السياسيين اضطر إلى العودة إلى الكونجرس التاسع (بين عامي 1805 و1807) في عهد الرئيس توماس جيفرسون. هذه هي نتائج الجمود الحزبي. وكان أوباما قد أمل في إنجاز الكثير. أما الآن فلم يعد أمامه سوى الخيار الأقل سوءاً.
( فايننشال تايمز 2014-09-11 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews