بالوتيلي طفل لا يريد أن يكبر
استهل المهاجم الإيطالي ماريو بالوتيلي منذ بضعة أيام تجربة جديدة في مسيرته الرياضية، بعد أن انضم إلى نادي ليفربول الإنكليزي وبدأ مرحلة أخرى، يريدها الجميع أن تكون أفضل من تجاربه السابقة سواء مع أنتر ميلان وجمعية ميلان الإيطاليين أو مانشتر سيتي الإنكليزي.
لكن ما حدث منذ يومين خلال مباراة ودية مع فريقه الجديد، قد يكرس مرة أخرى نظرية “لا يستقيم الظل والعود أعوج”، أي لن يستقيم حال بالوتيلي إلاّ إذا كبر أكثر ونزع عنه ثوب “الطفل” الطائش والشقي.
فهذا اللاعب المثير للجدل دوما في الملعب أو خارجه، كثيرا ما واجه انتقادات حادة، ليس بسبب مستواه المتدني في اللعب، لكن بسبب تصرفاته التي بقيت إلى اليوم تصرفات صبيانية.
ففي كل مرة يخرج عن الطور ويقوم بأمور لا تليق بلاعب يعتبر من أفضل المهاجمين في العالم، ورغم ذلك يصبر عليه الجميع إلى أن ينفد هذا “الصبر” ويجد نفسه خارج الحسابات.
هذا ما حدث مع “سوبر ماريو” في كل تجاربه السابقة، حيث غادر معكسر الأنتر بعد أن ذاق الجميع ذرعا بالتصرفات الغريبة “للفتى المجنون”، الذي كان البعض يتكهن له بأن يكون أفضل مهاجم في العالم، عندما تم إلحاقه بالفريق الأول في سن السادسة عشرة، غير أنه كسر القاعدة وفقد الثقة بعد أن سبح ضد التيار، واهتم بإثارة المشاكل أكثر من تركيزه على استغلال الفرصة الذهبية التي أتيحت له في سن مبكرة.
غادر بالوتيلي مدينة ميلانو غير مأسوف عليه، ليلتحق بنادي مانشستر سيتي بعد أن “ضمن” فيه مدرب الفريق آنذاك الإيطالي روبيرتو مانشيني، لكن للأسف فهذا الولد لم يرد أن يكبر، ويرتقي إلى مصاف نخبة اللاعبين في العالم.
فتصرفاته الطائشة وعدم جديته سواء في الملعب أو خارجه، وتهاونه غير المبرر أخرجه من الحسابات بعد أن صبر عليه الجميع، إلى درجة أن مانشيني الذي أصر على انتدابه سابقا رمى المنديل وندم على قدوم هذا الفتى المشاغب.
انتهت رحلة مانشستر، بعد أن أصبح غير مرغوب فيه ليتلقفه نادي ميلان “الغريم الأزلي” لفريقه السابق أنتر ميلان، وكان غالياني مهندس الصفقات الكبرى ومستشار عائلة برلسكوني مالكة النادي، يمنّي النفس بأن ينضج بالوتيلي ويلتزم باللعب خاصة بعد تألقه في بطولة أمم أوروبا 2012، ليكون خير معوض بعد رحيل زلاتان إبراهيموفيتش من الفريق.
ورغم بعض اللمحات الجيدة والأهداف التي حسّنت وضعية الفريق في ترتيب الدوري المحلي، إلاّ أن هذا اللاعب حافظ على أسلوبه “الشاذ” ولم يتقيد كثيرا بالتعليمات الصارمة للمدربين والمسؤولين، وكثيرا ما دخل في شجار مع الحكام أو المنافسين و تعرض لعدد كبير من العقوبات.
كما أخلّ بالتزامات اللاعب المحترف خارج الملعب، بما أنه لم يتورع في بعض الأحيان في نشر صوره الخاصة، وهو في أشد لحظات الانتشاء بالسهر في الملاهي الليلية.
وبين هذه التجربة والأخرى لم ييأس مدرب المنتخب الإيطالي السابق تشيزاري براندللي من إمكانية نضج هذا اللاعب، وقدرته على تجاوز “عقد” الماضي، فهذا الولد الذي عاش يتيما من عائلة غانيّة، قبل أن تتبناه عائلة إيطالية، لم يتمكن من نسيان الظلم والنسيان الذي ذاقه في طفولته، لينتج عن ذلك تصرفات غير مقبولة تصل في بعض الأحيان إلى درجة “الجنون".
غير أن مشاركته في المونديال الأخير ساهمت بشكل كبير في هبوط أسهمه، ودفعت مسؤولي الميلان إلى إعلان قرب رحيل هذا اللاعب.
بيد أن رحلة البحث عن تجربة جديدة لم تستمر طويلا، بما أنه وجد حضنا جديدا يرتمي فيه، إذ وقّع مع فريق ليفربول الذي يبحث بدوره عن خليفة للمهاجم لويس سواريز بعد رحيله إلى برشلونة.
وانطلقت التجربة بسرعة لينضم إلى تدريبات فريقه الجديد، ليظهر في البداية أنه تغير نسبيا خاصة بعد مردوده المتوازن في المباراة الرسمية الأولى له بألوان “الريدز".
غير أن هذا التوازن والهدوء سرعان ما انتهيا، وفي مباراة ودية ضد فريق ولفرهامبتون، حيث دخل اللاعب في جدال مع حكم اللقاء وكادت الأمور تتطور لولا تدخل أحد زملائه.
الأمر الذي دفع بمدرب الفريق رودجر إلى إخراجه مباشرة بعد هذه الحادثة، بل إن هذا المدرب عبر عن امتعاضه من تصرف بالوتيلي الذي لم يعتد يوما على أن يكون مثالا للاعب الهادئ والرصين، بل إنه يخرج عن طوره بمجرد حصول “أمور تافهة".
ولم يقدر إلى اليوم على أن يتخلص من أعباء الماضي، بل بقي ولدا صغيرا يحن إلى شقاوة مرحلة الصبا، ومهما كبر اسمه وارتفعت أسهمه فإن “السوبر ماريو”، سيظل فتى لم تعلمه السنوات الطويلة التي قضاها تائها وحائرا بين الأندية، أن على اللاعب “الكبير” أن يكون “كبيرا” في تصرفاته وخطواته.
(المصدر: العرب 2014-09-07)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews