بوتين يواجه «أم المعارك» في الداخل بسبب أوكرانيا
عائلات الجنود القتلى والمفقودين تشعر بالغضب بعد أن فقدوا الاتصال مع أحبائهم.
لعدة أشهر، وموسكو تنفى بإصرار أن القوات الروسية تقاتل في أوكرانيا، ولكن لدى فالنتينا ميلنيكوفا قصة مختلفة لترويها.
بصفتها رئيسة للجنة أمهات الجنود، وهي منظمة تمثل أسر العسكريين الروس، قالت إنها تلقت سيلا من الطلبات من الآباء القلقين الذين فقدوا التواصل مع أبنائهم.
وقالت. "المسؤولون لدينا لا يهتمون بالأمر". وأضافت: "إنهم يعيدون الجثث ويدفنونها سراً".
حتى الآن، بدت الأزمة في أوكرانيا بالنسبة لمعظم الروس كارثة مؤلمة، ولكنها بعيدة. في الأسبوع الماضي، ظهرت الأدلة المتزايدة على تورط الروس المباشر في أوكرانيا، بإعطاء الحرب طابعاً أكثر وضوحاً بكثير من ذي قبل ــ لا شيء يعد أهم من قضية عائلات الجنود في الخدمة الفعلية، الذين أدركوا فجأة أنهم قد لا يعرفون بالضبط أين أحباؤهم.
بعد أن قالت كييف إنها أسرت عشرة من المظليين الروس، ونشرت أشرطة الفيديو للرجال الذين تم أسرهم، أعرب أقاربهم في كوستروما، وهي بلدة تبعد 190 كيلومتراً شمال شرق موسكو، عن صدمتهم باكتشاف أنهم كانوا يحاربون في أوكرانيا. وسألت إحدى النساء في شريط فيديو نشرته "دوزد"، وهي قناة تلفزيونية مستقلة: "متى كانوا سيخبروننا عن كل هذا؟ بعد أسبوع؟ بعد أسبوعين؟ لو لم يكن هناك إنترنت، ما الذي كان يمكن أن يحدث؟".
وفي حدث منفصل، توصل صحافيون من مطبوعات الأنباء الروسية المستقلة في مقبرة خارج بسكوف، إلى قبرين لرجلين تم التعرف عليهماً على صفحات الشبكات الاجتماعية بأنهما من قوات المظليين الروس.
وأظهرت شواهد القبور الخاصة بهما أنهما ماتا في 19 و20 آب (أغسطس)، وقبل أيام من إعلان الجيش الأوكراني أنه استولى على اثنتين من العربات المدرعة من الفرقة المجوقلة في سكوف الروسية بالقرب من لوجانسك.
القبور بمثابة صدى قاتم لحروب موسكو في العقود السابقة في أفغانستان والشيشان، التي غالباً ما تبقى تفاصيلها سرية. دفن العديد من الذين قتلوا في أفغانستان في الثمانينيات بشكل سري.
واستناداً إلى تقارير من عائلات الجنود القتلى والجرحى، تقدر ميلنيكوفا أن عشرة آلاف جندي من الجنود الروس في أوكرانيا أو خاضوا الحرب فيها.
وقالت: "لا أحد يتحدث لأقارب الذين لقوا حتفهم". وقال حلف شمال الأطلسي إن هناك "ما يزيد على ألف جندي" من القوات الروسية هناك.
نفى الكرملين مرة أخرى تورطه أمس. وقال سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي: "منذ البداية الأولى للأزمة كنا من يتلقى الملامة على كل شيء". وأضاف: "لكننا لم نحصل قط على الحقائق". وقال المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن تقارير دفن الجنود ستحتاج إلى: "تحقيق مفصل قبل أن يتم استخلاص أية استنتاجات".
محنة عائلات الجنود اضطرت الحكومة لقول الحقيقة حول النشاط العسكري الروسي في أوكرانيا. "فيدوموستي"، وهي صحيفة يومية للأعمال مملوكة جزئياً من قبل صحيفة "فاينانشيال تايمز"، سألت: "هل تشن روسيا حرباً في أوكرانيا؟ هذه مسألة قانونية خطيرة".
ميخائيل خودوركوفسكي، قطب النفط السابق الذي يقيم الآن في المنفى بعد أن قضى عشر سنوات في السجن، دعا الروس إلى "الخروج إلى الشارع" في احتجاج. وكتب على موقعه على الإنترنت: "لقد دفنّا زملاءنا وأصدقاءنا وأقاربنا (...) الذين يقتلون الآن بعضهم بعضاً، ليس لأنهم يريدون ذلك، ولكن بسبب القوى الهرمة التي تحتاج دائماً للدم".
مع ذلك من غير المرجح أن يعمل قدر ضئيل من التقارير حول الجنود الذين قتلوا أو أسروا في أوكرانيا، على تحويل مجرى الرأي العام في أي وقت قريب، كما قال أليكسي جرازدانكن، نائب مدير مركز ليفادا في موسكو ــ شركة استطلاعات الرأي المستقلة التي تضع نسبة التأييد لبوتين 84 في المائة.
المصدر الرئيس للأخبار بالنسبة لمعظم الروس هو التلفزيون الذي تديره الدولة، التي كانت صامتة إلى حد كبير حول هذه القضية. وقال مسؤول في وزارة الدفاع الروسية إن المظليين الذين تم القبض عليهما ربما كانا قد ضلا الطريق عبر الحدود مصادفة، في حين اعترف زعيم انفصالي بأنه كانت هناك قوات روسية تقاتل في أوكرانيا، لكنه قال إنه لم يتم تجنيدهم إلى هناك، لكنهم "اختاروا قضاء عطلاتهم معنا، بدلاً من قضائها على الشاطئ".
فرع سانت بطرسبرج من مجموعة ميلنيكوفا، الذي كتب رئيسه إلى لجنة التحقيق الروسية يطلب منها أن تنظر في وفاة الجنود الروس المتمركزين بالقرب من الحدود الأوكرانية، تم إدراجه باعتباره "عميل أجنبي" من قبل وزارة العدل.
وقال جرازدانكن: "تعتقد غالبية السكان أن هناك نوعاً من حرب المعلومات تجري بين روسيا والغرب". وأضاف: "الناس الذين من حيث المبدأ يساندون الحكومة يرون في ذلك استفزازاً أخرق ضد روسيا".
( فايننشال تايمز 2014-09-05 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews