استثمارات صينية في الغاز الصخري الأمريكي
مازال حجم الإنتاج التجاري الصيني من الغاز الصخري محدودا للغاية خاصة إذا تمت مقارنته بحجم الإنتاج الأمريكي من الغاز الصخري الذي يعد الأكبر والأضخم على مستوى العالم حتى الآن، وذلك رغم بلوغ احتياطيات الصين من هذا الغاز نحو 1275 تريليون قدم مكعب "وفقاً لبيانات وتقارير وزارة الطاقة الأمريكية"فيما لم تزد الاحتياطيات الأمريكية من الغاز الصخري "وفقاً لذات المصدر" على 637 تريليون قدم مكعب أي أقل من نصف الاحتياطي الصيني.... إلا أن بيانات وتقارير وزارة الطاقة الأمريكية تؤكد كذلك على أن عدد الآبار الأمريكية التي يستخرج منها الغاز الصخري تبلغ حاليا أكثر من مائتي ألف بئر بينما يبلغ عدد الآبار الصينية ستون بئراً فقط.
ولعل من أهم أسباب التميز الأمريكي في إنتاج الغاز الصخري هو نوع التكنولوجيا المستخدمة في عملية الاستخراج والتي تعرف بتقنية الفراكينج، والتي لم تستطع الصين معرفة أسرارها وفنونها حتى الآن، مما دفعها لاستثمار أكثر من عشرة مليارات دولار في بعض الشركات الأمريكية متوسطة الحجم التي تعمل في هذا المجال بهدف معرفة وتعلم ونقل أسرار تكنولوجيا الاستخراج الأمريكية "الفراكينج" إلى بلادها بما يمكنها من استخراج ذلك الغاز الصخري بصورة تجارية في المستقبل القريب.
إلا أن الكثير من الخبراء والمتخصصين في تكنولوجيا استخراج الغاز الصخري قد شككوا في إمكانية استفادة الصين الكاملة من نقل تكنولوجيا الفراكينج التي تطبقها الشركات الأمريكية بكفاءة تامة في استخراج الغاز الصخري إلى بلادها "وذلك في حال معرفتها ونقلها"، وحجتهم في ذلك هو اختلاف وتنوع أساليب استخراج الغاز الصخري من منطقة لأخرى ومن طبيعة أرض وجيولوجيا لأخرى، حيث تتسم المواقع والأقاليم التي توجد بها آبار الغاز الصخري في الصين بأنها صحراوية وجبلية، بينما تتواجد في الولايات المتحدة الأمريكية في ولايات تكساس وبنسلفانيا وداكوتا الشمالية وغيرها من المناطق التي تتميز بسهولها المنبسطة.
هذا بالإضافة إلى النظام والطبيعة الاحتكارية في الصين التي تتسبب في عدم إشراك الشركات الخاصة المحلية بهذا القطاع الحيوي الواعد وقصرها على الشركات الحكومية الثلاث الكبرى الرئيسية بالبلاد وهي "صينوبيك، وتشاينا ناشيونال اوفشور أويل، وتشاينا ناشيونال بتروليوم"..... وكذا حاجتها الملحة إلى إجراء تجديد ومد لشبكات الأنابيب المرتبطة بتوزيع ذلك الغاز الصخري المتولد على المستهلكين من أفراد وشركات ومصانع وغيرها.
ومما يجبر الحكومة الصينية ويضطرها إلى تجديد شبكات أنابيب الغاز في الوقت الراهن هو وهنها وصغر حجمها، وهي الشباك التي يتحكم في إدارة %90 منها شركة حكومية واحدة، مما سيزيد من تكاليف الاستخراج والتوزيع ومن ثم زيادة سعر بيع الغاز على المستهلكين أفراد ومصانع وشركات.... بينما تتميز طبيعة قطاع النفط والغاز الصخري الأمريكي بالشفافية والمنافسة الكاملة التي تؤدي إلى تسهيل تجزئة الأعمال وتوزيعها على عدد كبير من الشركات التي تتميز غالبيتها بكونها شركات خاصة.
هذا وتشير تقارير وزارة الطاقة الأمريكية إلى وجود آبار الغاز الصخري في الصين في تسعة أقاليم محددة، وأن أهمها وأكبرها يقع في إقليم سيتشوان، وهو يٌعد كذلك من أنشط الأقاليم الصينية تعرضاً للزلازل والذي طالما تسبب في إحداث آثار وخسائر مدمرة في الأرواح والمباني والطرق والتشققات الأرضية، ولعل أشهرها زلزال عام 2008 الذي أدى إلى مقتل حوالي سبعين ألف شخص بالإضافة إلى ذلك الزلزال الذي حدث في أبريل من العام الماضي وتسبب في مقتل أكثر من ثلاثمائة صيني من أبناء الإقليم.
ورغم التحديات والصعوبات الكثيرة والضخمة التي تواجه الصين في استخراج الغاز الصخري بطريقة تجارية في الوقت الراهن، إلا أن العديد من الخبراء والمتخصصين يؤكدون على أن ثورة الغاز والنفط الصخري الصيني قادمة لا محالة خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو الأمر الذي دعا بعضاً من شركات النفط والغاز العالمية الكبرى وفي مقدمتها شركة شل إلى بدء الاستثمار وضخ الأموال والخبرات للمشاركة في فعاليات ثورة الغاز والنفط المتوقعة والمنتظرة في الصين.
(المصدر: الشرق 2014-09-03)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews