أمريكا تستعيد صدارة الطلب العالمي على النفط
انتزعت الولايات المتحدة الأمريكية من جديد صدارة الدول الأكثر طلباً على النفط العالمي من الصين، وذلك اعتباراً من الربع الأخير من عام 2013 وطوال هذا العام، وهى الصدارة التي كانت تسيطر عليها الصين منذ عام 1999، ويعود السبب في ذلك إلى زيادة الإنتاج والاستهلاك الأمريكي من النفط الصخري المكتشف والمستخرج بكثافة من أراضيها خلال العامين الماضيين.
ويرجع الفضل فى تلك الاكتشافات النفطية بالولايات المتحدة الأمريكية إلى تطبيق تقنية "الفراكنج" والتي يعرفها البعض بتكنولوجيا التجزئة الهيدروليكية، والتي تعتمد على ضخ كميات كبيرة من المياه والرمال مخلوطة ببعض المواد الكيماوية بنسب محددة تحت ضغط مرتفع في الآبار مما يؤدى إلى تكسير الصخور وإطلاق كميات ضخمة من النفط والغاز.
وهو الأمر الذي دعا وكالة الطاقة الدولية إلى تغيير تقاريرها وتقديراتها التي كانت قد تنبأت بتراجع الطلب والاستهلاك الأمريكي من النفط خلال عامي 2013 ،2014 ، فيما قدرت زيادة الطلب الصيني على النفط بأكثر من ضعف الطلب الأمريكي خلال العامين المذكورين ..... وقد أكدت ذات الوكالة قى تقارير تالية صدرت هذا الأسبوع بأن الطلب الأمريكي على النفط في العام الماضي قد تجاوز الطلب الصيني لأول مرة منذ أربعة عشر عاماً، وأن الاستهلاك والطلب الأمريكي على النفط سوف يستمر في التزايد خلال العام الحالي.
لذا فقد بدأت إدارة معلومات الطاقة التابعة للحكومة الأمريكية اعتباراً من نوفمبر الماضي في نشر تقارير أسبوعية تٌظهر استهلاك الأمريكيين من النفط، وأكدت هذه التقارير ارتفاع معدلات استهلاك البلاد عن العام الماضي بنحو 5%، وأظهرت هذه التقارير ارتفاع معدلات الطلب على بعض المنتجات النفطية كالبر وبان والروبلين المستخدمة في عدداً من القطاعات الهامة كالبتروكيماويات والزراعة بأكثر من 10%.
وقد أرجعت بعض الدراسات الحديثة المتخصصة في الشأن النفطي الأمريكي أن تغير أنماط الطلب على النفط بالمعدلات المتنامية والمتزايدة إنما يعود إلى أمرين رئيسيين يتمثل الأول منهما في طفرة استخراج النفط الصخري بالولايات المتحدة الأمريكية الذي حفز الكثير من الأمريكان أفرادا وشركات ومؤسسات على المزيد من الاستهلاك ، وتمثل الأمر الثاني في زيادة استهلاك كل من المصنعين والمزارعين والسائقين وغيرهم ، مما ساهم في عودة زيادة الطلب على النفط في الولايات المتحدة، بعد أن كانت الصين هي الدولة التي يعتمد عليها منتجي النفط في استيعاب فوائض إمدادات السوق العالمي والحفاظ على سعر توازني يرضى عنه كلً من منتجي النفط ومستهلكيه.
ولقد أدت الاكتشافات الكثيفة للنفط الصخري فى أمريكا إلى ثبات أسعار البنزين بالبلاد خلال العامين الماضيين لتتراوح بين 4،3 دولار للجالون، مما تسبب في زيادة الاستهلاك على البنزين بشكل كبير ليصل إلى نحو 10% من حجم الاستهلاك العالمي، كما أنه يؤدى في ذات الوقت "وفقاً للعديد من الدراسات المتخصصة" إلى الحد من كفاءة الوقود في الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة في المدى الطويل، وقد أكدت هذه الدراسات انخفاض عدد الأميال التي يقطعها الجالون الواحد من البنزين في ظل توسع الأمريكيين في شراء سيارات الدفع الرباعي كثيفة استهلاك النفط أو الغاز التي كانوا يتجنبون شرائها في فترات الركود السابقة.
كما أدى حصول مصانع البتروكيماويات والصلب على النفط الرخيص خلال العاميين الماضيين إلى خفض تكلفة إنتاجها ومن ثم زيادة استهلاكها من النفط الذي أتاح لها زيادة قدرتها وميزتها التنافسية و زيادة صادراتها .... كما ساعد انخفاض سعر النفط في الولايات المتحدة إلى تشجيع المزارعين الأمريكيين إلى حرق كميات كبيرة من البروبان في الأفران لتجفيف المحاصيل وفى مقدمتها محصول الذرة ذات الوفرة العالية في السوق الأمريكي في السنوات الأخيرة.
وعلى الرغم من ازدياد صادرات الولايات المتحدة الأمريكية من المنتجات النفطية بشكل متنامي خلال عام 2013 واستمرار نموه في العام الحالي ، إلا أن زيادة الاستهلاك والطلب الأمريكي الداخلي ، بالإضافة إلى عودة النمو الاقتصادي بالعديد من الدول الأوروبية واليابان سوف يسهمان في رفع أسعار النفط العالمية "وبحد أدنى الحفاظ عليها دون تغيير" خلال الفترة المقبلة من هذا العام، فيما يراه ويحلله الكثير من الخبراء على أنه تكرار لسيناريو العام الماضي الذي تزايد فيه الطلب الأمريكي على النفط بدلاً من تراجعه ، ومن ثم زيادة أسعار النفط عالميا لتستقر فوق حاجز المائة دولار للبرميل.
( الشرق 2014-08-22 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews